على إيقاع النووي يتحرك الشرق الأوسط
يقترب كثيراً موعد حسم مصير المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، لكن الأمور لا تبدو مرتبطة بالتاريخ الدقيق بعينه، فقد أعلنت واشنطن أنّ التمديد التقني لأيام بعد الثلاثين من حزيران مرجّح، بعدما كانت طهران قد أعلنت شيئاً مماثلاً من قبل، وصار واضحاً انّ القضايا التي تضمّنها الاتفاق الاطار الموقع في نهاية شهر آذار الماضي بين إيران ودول الخمسة زائدا واحد قد أنجزت صياغتها بتوافق تامّ بالكامل، وأنّ النقاش حول القضايا المستجدة، مثل المطالبة بتفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية واستجواب العلماء الإيرانيين، قد تمّ التوصل إلى مخارج بصددها، باعتبارها قضايا من خارج الملف النووي، ويفترض لبلوغها تبلور شكوك مبنية على معطيات كافية لدى وكالة الطاقة الذرية تستدعي التوجه إلى مجلس الأمن الدولي الذي سيصير الجهة المرجعية للملف النووي من الزاوية السياسية بتراضي الفرقاء جميعاً بعد توقيع التفاهم، وتصير صلاحية المجلس في ضوء المعطيات أن يقرّر التوجه إلى منح الوكالة في هذه الحالة التفويض والصلاحية اللازمين لمثل هذه الخطوات، أو الرفض أو وضع ضوابط وشروط محددة لحالات بعينها.
ما تبقى هو صياغة هذه التفاهمات النهائية من جهة ومن جهة مقابلة حسم الآليات التفصيلية لرفع العقوبات التي تشترط إيران تبلورها مكتوبة لترضى منح تأشيرة وفدها المفاوض على النصوص المتفق عليها، ومنحها صفة الاتفاق المبدئي قبل التوقيع، وهذا ما حدا بنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رياكوف للقول، إنّ نص الاتفاق النهائي بين إيران والدول الست الكبرى منجز وجاهز بنسبة 90 في المئة، موضحا أنّ هذه النسبة لا تطاول فقط حجم النصوص المنجزة قياساً إلى الحجم الإجمالي للاتفاق، بل طبيعة ونوعية المواضيع التي تمّ التوصل إلى تفاهمات نهائية مكتوبة حولها ودرجة أهميتها، ليمكن القول إنّ الباقي لبلوغ النهاية السعيدة هو قطع الـ10 في المئة من الطريق فقط.
حلف الخاسرين يبادر إلى التحرك في الوقت المتبقّي، ولكن لحماية جنباته من الارتدادات بعدما فشل في تجميع الأوراق، فالسعودية تحت ضغط الفشل اليمني تستشعر تغيّر مناخات المبادرات الأممية نحو اليمن خارج الرؤية الخليجية وتركيا تستشعر تبلور حضانة للأكراد لتكوين شريط على الحدود السورية التركية، و«الإسرائيلي» المتورّط في لعبة السويداء السورية يستشعر الفشل، ومثله وليد جنبلاط، وما تبقى من الجماعات المسلحة خصوصاً «جبهة النصرة» تعرف مخاطر ما يجري وتصعّد وتشعل الجبهات لفرض دور ووجود وحماية مواقع لها ولمن تمثل إقليمياً.
التحوّلات الأبرز، بعد هجوم المسلحين على درعا جنوب سورية كانت انتفاضة الرئيس التركي رجب أردوغان وحزبه على الأكراد في سورية بعد نجاحهم في التقدّم في تل أبيض وريف الرقة، فكانت عمليات التفجير التي شنها إنتحاريو داعش ضدّ التجمّعات الكردية في عين العرب كوباني على دفعات أشبه بحرب إبادة أرادت رسم خط أحمر للميليشيا الكردية، من البوابة التركية عشية تبلور التفاهمات الإقليمية بدءاً من الملف النووي الإيراني، وعلى خلفية ما حملته الانتخابات التركية، من إضعاف لمكانة تركيا ورئيسها، بالقول إنّ ثمة ما لن تساوم عليه تركيا وهو تشجيع الأكراد على بناء شريط مستقلّ على الحدود مع سورية يتواصل مع كلّ من أكراد العراق وتركيا.
أشياء كثيرة ستتغيّر وسخونة عالية وصراخ وضجيج هي سمات الأيام الحارة جداً حتى منتصف تموز الموعد الذي يتوقع توقيع التفاهم النووي فيه أو قبله أو بعده بقليل.
«توب نيوز»