عودة الإرهاب التكفيري إلى منابعه
توفيق المحمود
في يوم واحد ضرب إرهاب تنظيم «داعش» مسجداً يعج بالمصلين في الكويت، وفندقاً يستقبل سياحاً أجانب في تونس، فضلاً عن ملاعب جرائمه المفتوحة في سورية والعراق ومصر وصولاً الى اليمن. يوماً بعد يوم، يوسع الإرهاب بالشعار الإسلامي مجال نشاطه الإجرامي، نسفاً وتقتيلاً وسبياً وتدميراً.
فمنذ فترة طويلة والسلفية في الكويت لها حركة حيوية ونشطة ولها علاقات وارتباطات عابرة للحدود الوطنية. وخلال العقدين الماضيين كانت مختلف الجماعات السلفية الكويتية من بين أهم مموّلي التيارات السلفية في جميع أنحاء العالم، إذ تموّل الجمعيات الخيرية السلفية الكويتية ومانحون أفراد عمليات بناء وصيانة آلاف المساجد والمؤسسات السلفية الأخرى في جميع أنحاء العالم وازدادت قدرة الجماعات السلفية الكويتية بعد ما يسمى «الربيع العربي» لا سيما في ضوء ما تمخضت عنه من نتائج نوعية وألقت بظلالها على مجمل الأوضاع الاستراتيجية الداخلية والخارجية في مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط.
وتحظى التطورات والديناميكيات الداخلية للحركة السلفية في الكويت تطوراً منذ أن بدأ ما يسمى «الربيع العربي» فقد منح حاكموا الكويت من آل صباح حق ترشح هؤلاء للانتخابات في شكل أكبر ودعموهم مالياً، فقد حقق التيار السلفي الكويتي نجاحاً كبيراً في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة التي أُجريت مطلع شهر شباط 2012، حيث عزز تواجده النيابي ليكون الفصيل الإسلامي الأكثر تمثيلاً وحضوراً في البرلمان وعلى المشهد السياسي الكويتي عموماً، مستفيداً من تغاضي الحكومة عن تشكيل التيارات السياسية ونشاطاتها التي لا يقرّها دستور البلاد على رغم أن دستور دولة الكويت لا يسمح بإنشاء الأحزاب السياسية لكن آل صباح يحاولون بدعم هذا التيار التصدي لوهم بروز نهوض سياسي للجماعات الشيعية والسعي الى تطويقها بحجة أنها مدعومة إيرانياً.
وتُعد السلفية جزءاً من تيار الإسلام السياسي السلفي في الكويت، وهو تيار يتسم بالاتساع لذلك تعتبر مركز تصدير هذا الفكر الوهابي الإرهابي إلى باقي دول الوطن العربي، حيث يتزايد نفوذ السلفية منذ بدء ما يسمى «الربيع العربي» عام 2011 وأقامت الجماعات والشبكات السلفية الكويتية المتنوّعة علاقات وثيقة مع السلفيين في الدول الأخرى بيد أن المنافسة بين التيارات السلفية الكويتية أسفرت عن حدوث تصدّعات مشابهة في الجماعات السلفية المحلية في لبنان وسورية والعراق ما تسبّب في عواقب بعيدة المدى لكل بلد.
تنظيم «داعش» الإرهابي يمتلك أكثر من مئة ألف مقاتل أجنبي وقال تقرير للأمم المتحدة في 30 أيار الماضي ان حوالى 25 الف مقاتل أجنبي من مئة دولة انضموا إليه من منتصف عام 2014 إلى آذار 2015 وما تمخضت عنه انتخابات السابع من حزيران التركية وخسارة حزب أردوغان وبوادر تغير السياسة الخارجية التركية التي لم تعد في يد «الإخوان المسلمين» ومشروع السلطنة وخصوصاً مصير التدخل في سورية، فقادة المعارضة يتشاركون برفض المشروع الأردوغاني لسورية ويدعون إلى وقف الباب المفتوح لـ«القاعدة» بجناحيها «داعش» و«النصرة» نحو سورية والعراق.
ومع اقتراب توقيع الاتفاق النووي الإيراني في 30 حزيران الجاري كثُر الحديث عن احتمال حصول تعاون إيراني – أميركي ضد «داعش» في سورية والعراق مما استدعى من تنظيم «داعش» التحسب والاستعداد لهذا التعاون وهجوم التنظيم على مدينة الحسكة منذ أيام خير دليل على هذا التخوف.
أخيراً إن خطة «داعش» أن تكون الكويت بديلاً للحضن التركي بعد خسارة أردوغان الانتخابات إن كان كمورد للمال وكمدخل للإتصال بالعالم الخارجي في حال تعرض «داعش» للهزيمة في العراق وسورية ولكي يكون خطوط اتصال بالعراق وإيران والسعودية ومياه الخليج.