حرائق صور أحلام «أردوغان»… تتجه للحقيقة!
فاديا مطر
مع عودة الجدل في أروقة القادة التركية حول فرض «منطقة عازلة في الشمال السوري، وما يخالج رأس الرئيس التركي أردوغان منذ زمن عندما أصطدم رأسه بقرار استبعاد حلف «الناتو» الذي هو عضو فيه بتاريخ 16 /11 /2014 عندما أعلن جون نيكلسون قائد القيادة المركزية للقوات البرية في «الناتو» أن الحلف لا يدرس فرض منطقة حظر جوي في الشمال السوري، عازياً ذلك إلى تكاليف تلك الافكار بحسب قوله، لكن الإعلان التركي عن خطوة تحريك عسكري للدخول إلى سورية بعمق 30 كلم وطول 110 كلم عبر 18 ألف جندي عقب جلسة مجلس الأمن القومي التركي في 29 حزيران المنصرم بعد التمدد الكردي المتمثل بحزب الاتحاد الديمقراطي السوري وحزب العمال الكردستاني على وقع خشية تركية لمحاولة إقامة نفوذ كردي في المناطق الشمالية السورية، الأمر الذي واجه اختلافات بين قيادة الأركان التركية والقيادة السياسية مع تواجد عدم رغبة من قيادات الجيش التركي في تنفيذ الأوامر، لكن المسارعة التركية إلى نفي نيتها التدخل في سورية على لسان ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 30 حزيران الفائت بأن اجراءات أمنية تتخذها تركية على حدودها مع سورية تهدف إلى حماية امن الحدود وهو ما يفسر الحديث التركي، فهكذا طرح يطرح تساؤلات شتى حول الدوافع الحقيقية وراء هكذا تصريحات لجهة المراد منها التشويش على زيارة الوزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو ولقاء القيادة الروسية في 29 /6 /2015، أم أن المنع الأميركي من المغامرة هو سيد الموقف بعد إعلان المتحدث باسم الوزارة الخارجية الأميركية مارك تونر للصحافيين في 29 حزيران المنصرم بأن هناك «مخاوف بشأن التحديات اللوجستية المتعلقة بإقامة أي نوع من المنطقة العازلة، مشيراً الى أنها قضية معقدة لدينا مخاوف في شأنها» وهذا ما يندرج تحت التحديد لخيارات الحرب المحصورة تركياً قبل تبلور صورة الحكومة التركية الجديدة التي غيرت معادلاتها انتخابات 7 حزيران الماضي وخسارة القدرة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية خصوصاً بعد تحذيرات رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كيليتشدارأوغلو عبر صحيفة «حرييت» التركية في 30 حزيران المنصرم من محاولات أردوغانية لشن عدوان عسكري على سورية يجلب الدمار للبلدين منوهاً ألى الثمن الباهظ تركياً، ومشدداً على أن حزب «العدالة والتنمية» لم يتمكن من قراءة التوازنات الدولية منذ البداية، وهذا يدل على مخاوف حقيقية تركية داخلية من أن أي تدخل عسكري في سورية سيعني أن هناك قراراً أميركياً قد أتخذ يقضي بإجراء بلبلة في تركيا يتخطى في مستوياته إنهاء إسطورة البلد المستقر وإدامة الفوضى التي لا تنهي لسنوات طويلة، وهو تحذير حقيقي من ما تنذر به السياسة الخارجية التركية من خطر على السياسة الداخلية، فتركيا التي تسعى إلى تغير ديمغرافي للشمال السوري اوضحتها تصريحات سابقة كثيرة حول الملف السوري بإعلان متكرر للاستعداد إلى تدخل عسكري في سورية كما نقلت صحيفة «ميليت» التركية في 30 نيسان الماضي عن كلام تركي للتدخل في سورية لربطه بانتخابات 7 حزيران الماضي وكانت قد سبقتها تصريحات للبرلمان التركي من تدخلات عسكرية في سورية في 2 تشرين الأول 2014 وتصريحات داوود أغلو في 23 حزيران عام 2014 لجهة إمكانية عسكرية تركية للتدخل في سورية ترافقت مع تصريحات لإردوغان في 25 أيلول 2014 عن امكانية تدخل عسكري في سورية، فهذا وبمجمله في هذا الوقت يبرز أن جلّ ما تستطيعه الحكومة التركية هو دعم الارهاب الداعشي واحتواء فقاعات الإعلام التي كان إحداها ما سمي بـ«الإئتلاف» ليندرج هذا الكلام في سياق سكولوجيا عقلانية عثمانية ما زالت تحتفظ بحلم السيطرة من طريق «الفوبيا» والميديا الإعلامية التي ربما تحسن المظهر السياسي المحلي والإقليمي على وقع ما كان يمكن أن يكون مضاداً للتأثير العسكري الإيراني المتنامي في العراق والمزعج تركياً، بالإضافة للمشهد السوري الذي يتعافى والذي أزاح أعداد كبيرة من أرهابيي «النصرة» التركية في القلمون، الأمر الذي أحرق ذكريات وصور وأحلام المشاهد العثمانية في رأس أردوغان الذي سيرى قريباً صور حرائق احلامه حقيقة أمامه.