ملاحظات على قمّة الكويت

الياس عشّي

الحضور البارز لوفد الجمهوريّة العربية السوريّة في مؤتمر القمّة كان لافتاً، صحيح أنّ المقعد كان شاغراً، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ قامة العلم السوري المنتصب كالسيف ذكّرت المؤتمرين والمتآمرين بأنّ الشعب السوري عصيّ على التطويع، وأنّ لديه ذاكرة من الأمجاد، وأنّ روح شهدائه تملأ المكان.


في أجواء من الخلافات العربيّة الحادّة عُقدت القمّة الخامسة والعشرون، وهي خلافات فجّرتها الأزمة السوريّة في ظلّ الانهيار شبه الكامل للمعارضة السورية المسلّحة. وهي، في أيّ حال، خلافات على المغانم، والنفوذ، والعمالة، واتّهامات تدور في الأروقة بين تجّار وأمراء وملوك من جهة ، وأجهزة استخباريّة عالمية تقودها إسرائيل من جهة ثانية. وهي ليست حتماً خلافات حول المسألة الفلسطينيّة التي يبدو أنّ مراسم دفنها صارت جاهزة.

في حين كان يتنادى «قادة» الائتلاف السوري المعارض لعزل أحمد الجربا عن رئاسة الائتلاف، «سُمح» له بإلقاء كلمته على هامش المؤتمر ، فلا الكلمة أعادته إلى الواجهة، ولا جلوسه إلى جانب الإبراهمي وتسليط الكاميرا عليهما لمّعت صورته. كان المشهد كاريكاتوريّاً بامتياز، فما كان من النائب اللبناني علي حسن الخليل إلاّ الانسحاب من القاعة منسجماً مع نفسه، ومع خطّه السياسي والقومي. وأنا أحني رأسي احتراماً لموقف السيّد النائب والوزير الخليل الذي شعر بأنّ النأي بالنفس جريمة أخلاقيّة حين يكون المتكلّم أمامك إنساناً ما زال يراهن على تدخّل عسكريّ أميركيّ لتدمير ما بقي من سورية.

هذا الكرسيّ الشاغر احتلّ، لثلاثة أيّام متتالية، عناوين الصحف وأعمدتها ، واتفق الجميع على أنّ الديبلوماسيّة السوريّة قد انتصرت، وما عودة العلم الوطني إلى الواجهة سوى مؤشّر لهذا الانتصار، ولعودة رئيس سوريّ قويّ إلى رحاب الجامعة قد يكون الرئيس الأسد، وقد يكون غيره، ولصندوقة الاقتراع كلمة الفصل، ولكنّه حتماً سيكون رئيساً ممانعاً، ومقاوماً، وشجاعاً، وقادراً على مواجهة أعداء الداخل والخارج.

كان التناقض واضحاً في البيان الختامي للقمّة الخامسة والعشرين، وقد ظهر هذا التناقض واضحاً في الدعوة إلى الاعتراف بشرعية الائتلاف المعارض في تمثيل الشعب السوري، وهذا الائتلاف تحديداً يتعامل مع الكيان الصهيوني، ويعده بالتنازل عن الجولان في حال انتصاره على النظام. ومن جهة ثانية يوجّه البيان تحيّة إلى المقاومة اللبنانيًة التي انتصرت في حرب تموز على الكيان الصهيوني. وهذه التحيّة هي نقطة الضوء الوحيدة في بيان لا يختلف كثيراً عن بيانات القمم السابقة.

في حساب الربح والخسارة، الرابح الوحيد في القمّة الخامسة والعشرين هو الياسمين الدمشقي الذي احتلّ المقعد السوري وحجزه لصاحبه بعد عام من الآن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى