التوحّد لكبح الإرهاب
بلال شرارة
الإرهاب عابر للقارات والحدود الإقليمية والوطنية.
وتمويل الإرهاب وتسليحه هو تمويل لانتحار المصدر مثلما هو تمويل لأخصامه وهذا ما أكدته التجربة.
ومواجهة الإرهاب تحتاج إلى تنسيق وإلى بناء تحالف أممي مختلف في أهدافه ووسائل عمله عن التحالف الدولي الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسورية، ومختلف عن طريقة إدارة معسكرات تدريب هنا وهناك، تتلاعب بتدريب وتسليح الطوائف والمذاهب لأهداف تتصل بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على قاعدة الخصومات العرقية والجهوية والفئوية والطائفية والمذهبية تبرر كلها إنشاء الدولة الدينية اليهودية على أرض فلسطين.
الإرهاب يحتاج إلى توصيف بحيث تقتنع دول العالم بأن لمختلف تشكيلات الإرهاب منبعاً واحداً، وبالنتيجة لا فرق بين من يمارس الإرهاب ضدّ أهداف في مصر أو سيناء وبين من يمارس الإرهاب ضد العراق أو سورية أو اليمن، أو من يتربص بلبنان شراً أو من استهدف الكويت وتونس مجدداً ومن حاول استهداف أحد المصانع في ليون الفرنسية.
الإرهاب الذي استهدف الولايات المتحدة في 11 أيلول 2001 هو نفسه الإرهاب الذي استهدف أمن روسيا، وهو نفسه الإرهاب الذي يجرى كشف شبكات له في الغرب تقوم بتحشيد رجال ونساء وتسفيرهم عبر حدود بعض الدول تركيا إلى المناطق العاصفة.
نحن نعتقد أنه يكفي كل ما جرى لوقف التلاعب بالوقت وساحات العمليات، طالما وصل الموسى لذقن الجميع وضرب الإرهاب أكثر من مرة عربياً في المملكة العربية السعودية والكويت وربما غداً حيث يستطيع في بنية دول المجلس التعاون الخليجي أو لبنان، طالما أن الهدف هو إرباك الأمن وليس مجرد استهداف مساجد شيعية، وطالما طاول الإرهاب دولاً كبرى وهو لن يستثني جميع الدول الصناعية الكبرى ولا أي موقع في الغرب، وربما غداً يتحرك في ساحات أخرى طالما أنه موجود في أفريقيا في نيجيريا وفي ليبيا والجوار الليبي، وطالما أنه موجود في اليمن ويهدد الجوار الخليجي الذي يعتقد أنه نجح في تجيير ترتيب أولويات الإرهاب لقتال أنصار الله والجيش اليمني أو كما تصفه دول الخليج جيش الرئيس علي عبد الله صالح .
نحن نجزم أن الإرهاب في سورية مثلاً لا يستهدف النظام بل كل سورية بكل مكوناتها البشرية، وأن الإرهاب في العراق لا يستهدف الشيعة بإدارة حكومة المالكي السابقة ولا بإدارة حكومة حيدر العبادي الحالية، وإنما يستهدف العراق بشراً ونفطاً وكل الطوائف، وإن هذا الإرهاب يقيم قاعدة ارتكاز دولة خلافة على أرض الشام .
ونحن نجزم بأن الإرهاب لا يقيم فقط في السلسلة الشرقية من لبنان، وهو ليس مجرد إرهاب طافر إلى الجرود، وأن له خلايا يقظة ومستنفرة في الأراضي اللبنانية لبنانيون يقيمون في المدن والقرى والبلدان والمؤسسات والأجهزة وفي مخيمات اللاجئين السوريين وعلى مساحة انتشارهم في لبنان وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وأنهم الإسلاميون يكادون أن يكونوا أقوى من الفصائل الرسمية الفلسطينية في مخيمات العودة خصوصاً عين الحلوة.
أيها السادة على مساحة الشرق الأوسط الجديدة في المشرق والمغرب العربي وصولاً إلى شمال أفريقيا وغربها ودول النمور الآسيوية وجميع أمم الأرض، لقد بات مطلوباً أن يصدر مجلس الأمن قراراً بالحرب على الأرض، وأن تتشكل غرفة عمليات عسكرية -أمنية لها قيادة مركزية أممية لا مجرد تحالفات مصالح دولية تحالف جوي بقيادة الولايات المتحدة أو تحالف عربي عاجز بقيادة السعودية هدفه إقصاء أنصار الله وعلي عبد الله صالح في اليمن تتحول معه السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي إلى هدف على منظار تصويب الإرهاب.
المطلوب أن يتصالح العالم مع نفسه، أن تتصالح دول 5+1 مع إيران أن يدرك أردوغان أنه فشل في بسط سلطان الإمبراطورية العثمانية بواسطة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين مجدداً، وأن تستعيد تركيا دورها في إعادة بناء وصنع الأمن والسلام الإقليمي والدولي. والمطلوب بشكل رئيسي وقف المخيلة «الإسرائيلية» عن اجترار الأحلام بتحويل الشرق الأوسط إلى خريطة عمليات لأنماط سلطات أكثر تخلفاً مما كان لتبرير قيام كيانها الديني وقوتها وتحليق طائرات الاستطلاع «الإسرائيلية» فوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمطلوب من دون لفّ أو دوران اعتراف إسرائيل بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
نحن سنختلف على الأوليات، إذا لم يلمس الشعب الفلسطيني أن نضاله أسفر عن وقف الزحف الاستيطاني وأن العالم يعترف بحقه في أرضه وتقرير مصيره وإقامة دولته وعاصمتها القدس.
نحن لن نضع «العربة أمام الحصان» في ترتيب الأولويات، وندرك أنّ الإرهاب يشبه الثور الهائج في حديقة الخزف، وندرك أن الإرهاب هو الوجه الآخر للعملة العدوانية «الإسرائيلية»، ولكننا نعرف «إسرائيل» لن تترك وحش الإرهاب وحده يصول ويجول، وفي النهاية ستدرك أن لا مناص من الحرب معها، وأننا سنذهب إلى تلك الحرب بكلّ ثقة بعد الحرب المنتصرة في لبنان وفي الحروب المنتصرة التي صمدت خلالها غزة بمواجهة حروب التدمير «الإسرائيلية».