تسويات «الشرق الأوسط» تنضجها النيران
سعد الله الخليل
بين غليان السياسة وجنون الميدان ثمة صيفٌ شرق أوسطيّ حار بامتياز يدخل المنطقة في معارك ربع الساعة الأخيرة قبل الدخول في مسار التسويات الكبرى، والتي بدأت معالمها تتضح وترسم خيوطها العريضة بانتظار السير في ترتيباتها العملانية على الأرض، والتي تأخذ من الوقت والجهد والتفاوض الشيء الكثير.
من الأرض تنطلق دورة التسويات وإلى الأرض تعود، مروراً بالعمل السياسي الديبلوماسي كمترجم للنتائج وواضع للتصورات المستقبلية، في هذه الأرض تدور اليوم أعنف المعارك وأقواها والتي أربكت دولاً وباتت تهدّد مصير محاور بعد أن تجاوزت نيرانها الحدود المحلية والإقليمية.
في سورية حيث أيقنت الأطراف كلها أنّ مسار الأرض يسير نحو حسم الجبهات من الحسكة إلى درعا والقنيطرة، ما فرض السعي نحو الحلول السياسية للأزمة بطرح المبادرات من البوابة الروسية للدخول في مرحلة التفاهمات التي تقتضي السعي نحو مسارات الحسم لتحسين المواقع التفاوضية، سواء من طرف الدولة السورية أو من المجموعات المسلحة التي تتبنّي سياسة الهجمات التي تحدث تغيّرات قوية على الأرض، كـ»عاصفة الجنوب» التي فشلت قبل انطلاقها ومحاولة اقتحام الحسكة الفاشلة، ضجيج المعارك في سورية يتردّد صداه في لبنان اقتتالاً بين التنظيمات الإرهابية المسلحة لتغدو حالة عامة تتكرّر مع كلّ انتكاسة لتلك المجموعات على يد الجيش السوري، فتتكفل تصفية الحسابات بين الفصائل من بوابة تبادل الاتهامات بمهمة تنظيف المناطق من التواجد الإرهابي، والتي من المفترض أن تكون مهمة الجيش والمقاومة.
على الساحة اليمنية ومع دعوة الأمم المتحدة لإرسال قوات متعدّدة الجنسيات لمراقبة وقف إطلاق النار، وبعيداً عن الشروط التي تسعى الأمم المتحدة والسعودية الى فرضها على الحوثيين لوقف إطلاق النار، وهي مثار نقاش وتفاوض، فإنّ مسار الأحداث على الأرض ينذر بحجم التصعيد الكبير المقبلة عليه الساحة اليمنية قبل التسليم بالتسويات وفق الأحجام الشعبية التي يدرك فريق الرياض أنه الخاسر الأوحد فيها.
فائض النيران في المنطقة فتح جبهات لطالما كانت هادئة نوعاً ما، كجبهة سيناء التي تشهد هبات حارة وساخنة مرتبطة بالوضع الدولي بشكل عام، وبتحالفات الدولة المصرية، فبالرغم من تواجد تنظيم «داعش» في سيناء تحت يافطة تنظيم بيت المقدس إلا أنّ المصلحة الأميركية و«الإسرائيلية» لا تقتضي سيطرة التنظيم على سيناء، فواشنطن وتل أبيب ليستا في وارد إشعال الوضع في مصر لاعتبارات عدة أهمّها الحفاظ على الدور المصري في الحراك السياسي في المنطقة، وما تسبّبه القوة البشرية المصرية الهائلة من إرباك للمنطقة عموماً وللكيان الصهيوني بشكل خاص إنْ تفجرت الأوضاع في مصر، وهو ما يدفع إلى التعامل مع مصر بالكثير من الحساسية ويرغمها على تشجيع وتسهيل ودعم الضرب بيد من حديد لمعاقل تلك التنظيمات.
مستقبل المنطقة لعقود عدة ترسمه تطورات الأيام المقبلة، تبدأ بالتوقيع على الاتفاق حول الملف النووي الإيراني إلى التفاهم اليمني مروراً بالتسوية في سورية والعراق.
نيران الميدان وحرارة المفاوضات وصعوبتها على الجبهات كافة تجعل من صيف المنطقة شديد الحرارة لا يقلّ عن حرارة الطقس في هذه الأيام الصيفية الملتهبة.
… نيران تشعل الشرق الأوسط لتنضج تسويات ترسم معالم الشرق الأوسط الجديد.
«توب نيوز»