كلمات في رحيل اللواء محمد ناصيف… صباح الخير لرجل الهدوء النادر

صباح الخير لك أبا وائل

وقد رأيتك للمرّة الأولى بزيّ مقاتل

كنت تقود رجالاً من حديد وكانت الثمانينات قبل ثلاثين عام

والشام ساحة حرب لا تعرف السلام

عدت ونحن في مكتبك ننتظر

كان الغالي عليّ وعليك الأستاذ البرّي النبيه ولما رآك راح يختصر

من مصنع الأبطال قددت فولاذاً ولكن رحماك بك فلا نحتمل فيك الغياب

ما أقوله نصح أخ وليس من باب العتاب

يكفينا نكبات ونكسات وأنت الملاذ في ديوان الأسد للضعفاء

والثوّار والزاهدين والشعراء

وأنت صلة الوصل وهمزة الأصل وأنت جملة تكتمل بوجودها سوريانا في الإعراب

وراح يصول ويجول ويقول نحن في قلب حرب أكبر من حرب الشام مع الإرهاب

فدعها لتلاميذك واحفظ نفسك لنا فالمارينز في بيروت وبيروت تغرق في الضباب

واتفاق عار يداهمها وشباب مقاومون يبذلون الدم وما عزّ الفداء

منهم بلال والقافلة تطول وباقي القافلة مجهول ومنهم سناء

وأنت من أودعنا أسد الأمة عندك فلا تدع النخوة تأخذك عنّا فاسمع منّا الرجاء

وكان بدمعة تكاد تقفز من العين لولا مهابة المكان والمكانة يقبل جبينك الغالي

لكنك تبسمت وأنت لست في خطبة أمام الناس ولست ممّن يغالي

قلت يا أبا مصطفى أمان الأمة من أمان الشام وهذا كلام السماء

وكما قال الشاعر نجيب جمال الدين تكذب الأفلاك إن قالت اليوم صبح ومساء

وقالت الشام لليوم صبحان أو تعددت فيها الأسماء

فالشام قلعتكم والشام قبلتكم وهذا هو حافظها فلنحفظ الأمانة

وأشرت للصورة المعلقة من سنين وأخفضت رأسك أمامها لمهابة المكانة

وقلت أمانته أن نحفظ أمنها عنه وليست القضية نخوة ولا البقاء في المكاتب إهانة

القضية أنه كلما زاد تعقيد المهمة وجب أن يكون القادة في الميدان

والتحقق من عدم ظلم الناس أو إيذاء بالخطأ أدق من ضبط مخرّب أو لصّ جبان

فمحبة الناس بيئتنا وحضانتنا وهذه الشام كامراة جميلة لا تداوي جراحها إلا الهمّة

وخلعت ثوباً تغبّر من تراب وحصى وأودعت البندقية جانباً وقلت فلنبدأ المهمة

كنّا يومها وقد حسمت حرب الجبل ونُظّفت بيروت من أدرانها بعد المقتلة

وكنت تعدّ للرئيس الراحل حافظ العرب تصوّراً عن إدارة الحرب المقبلة

وكان لنبيه لبنان والعرب أفكار وأراء و سيناريوات علّقت عليها بالرؤية المذهلة

وكان الموفد السعودي بندر بن سلطان يدقّ باب دمشق طلباً للوساطة

وكنّا نقول ممازحين بعض العرب يفرحون لو تسقط مرة أخرى غرناطة

وكان التحضير لمؤتمر في جنيف وفي لوزان وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيّار

وكنت واثقاً من الحنكة والحكمة عندما يلتقي النبيه بالأسد لإدارة المسار

تقلق على المقاومين وتقول إنهم أصل المسألة ومصدر العزة والكرامة

ولهم وعنهم تقول لا أنام قبل أن أدعو لهم بالسلامة

فكل حاجاتهم وطلباتهم مستجابة

ولكل سؤال منهم نعم جاهزة تكون الإجابة

تحب أن تعرف أسماءهم وتطرب لسيرة البطولات

وتواكب يوماً بيوم وسنة بسنة وتنتقل الراية من قائد إلى قائد وتتلاشى لهم الأوقات

حتى تسنّى لك التعرف إلى السيد نصر الله فصرت تقول هو نصر من الله

احفظوه تكبر به أمة العرب وتحفظ به الأصول ويعرف به السبب

هو بعض من الله وبعض من الرسول وبعض من آل البيت النسب

رجال الله رجاله ولهم يخفض جناح الأدب

وكنت أنت لهم في لبنان والعراق وإيران حلقة الوصل وهمزة المدد

وكنت بلا ألقاب وبلا حساب مقصداً لكل من قصد

ومع التحرير في أيار ومع انتقال الدفة إلى البشّار

كنت أنت كما أنت السند والمدد للقرار والسيد الرئيس هو القرار

تقولها بخشوع وتعيدها رئيسنا هو الأمل ومقياسنا على الآخرين هو العمل

بشارتنا بشّارنا موضع فخرنا وآمالنا وسنضع باقي العمر بين يديه

وصدقت ما عاهدت ووفيت وكما عاهدت الحافظ بالبشّار ها أنت عائد إليه

وكما عاهدتهما بسورية والشام ها أنت مطمئن أن النصر قاب قوسين

وكما عاهدت المقاومين ها أنت فخور أنهم أقرب إليك من الرمش إلى العين

وكما عاهدت الساحل والشام بانتماء لا يصيبه اهتزاز

ها أنت تفاخر بما أنجزت بكل اعتزاز

رحماك اللهم في هذا القامة

فإنه نادر بين الرجال وأنت قاضيه

رحماك اللهم فلتحفظه السلامة

بين يديك يقف من لا يخجل حاضره من ماضيه

رجل يفخر به السلاح

رجل يستحقّ الصباح

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى