التجاذبات السياسية الإقليمية وحرب الخفافيش
لمى خير الله
خمس سنوات ولم يعرف الوطن العربي الهدوء والسكينة منذ إطلاق ما سمي بالربيع العربي الذي ألقى بظلاله على مشهد باتت الحدود فيه شبه ملغاة، حيث أصبح الإرهاب عابراً للحدود وحتى القارات، ولتأخد مصر صدارة الأحداث الدموية بفعل تنظيمات أثبتت قدرتها على إلغاء الحدود الدولية المصطنعة ولتعلو قوتها المحاولات المبذولة كافة لإزالة ما رُسم على خرائط سايكس بيكو.
الأول من تموز يوم دامٍ في مصر من سيناء إلى 6 أكتوبر، والذي أودى بحياة 126 شخصاً، في مواجهات بين الجيش ومسلحين في سيناء، واشتباكات بين الشرطة وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين في مدينة 6 أكتوبر، إذ أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس الذي غير اسمه إلى «ولاية سيناء» إثر مبايعته تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجمات الدامية، التي شهدتها منطقة شمال سيناء، كما أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة في بيان لها مقتل «100 إرهابي على الأقل» و17 عسكرياً في اشتباكات عنيفة بمدينة الشيخ زويد.
هذا وقصفت طائرات إف 16 وطائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي المصرية أهدافاً في المنطقة الاستراتيجية المتاخمة لـ«إسرائيل» وقطاع غزة والتي تطل على قناة السويس، ما يشير الى ضراوة الاشتباكات وعنفها.
وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مسؤول كبير في الجيش المصري قوله: «إنها حرب المعارك لا تزال جارية»، وأضاف أن «الأمر غير مسبوق بالنسبة الى عدد الإرهابيين ونوعية الأسلحة المستخدمة»، وجاء في بيان الجيش المصري بأنه لن يوقف عملياته «حتى يتم تطهير سيناء من جميع البؤر الإرهابية»، بعد تردد أنباء عن مقتل عشرات العسكريين والمدنيين، وإعلان «ولاية سيناء» الهجوم على 15 نقطة أمنية.
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، مقتل مسؤول لجان العمليات النوعية في جماعة الإخوان المسلمين و8 عناصر قيادية أخرى في تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة.
وتزامن المشهد الدموي مع إعلان مجلس الوزراء المصري إقرار قانون مكافحة الإرهاب، على خلفية اغتيال النائب العام في مصر هشام بركات، ورفعه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتضمن القانون بنداً ينص على عدم مسائلة القائمين على تنفيذ أحكام قانون الإرهاب إذا استعملوا القوة في تطبيقه.
بالتوازي أكد العميد محمد سمير المتحدث العسكري، أن الوضع في سيناء تحت سيطرة القوات المسلحة بنسبة 100 في المئة. قائلاً لا قوة على وجه الأرض بوسعها السيطرة على ميليمتر بسيناء.
بقلق وترقب تتجه أنظار «اسرئيل» على حدودها مع سيناء، حيث برز تعليق لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، قال فيه: «اسرائيل» ومصر في خندق واحد وأن الإرهاب «بدأ يقرع الأبواب»، فيما أكد العاهل السعودى سلمان بن عبد العزيز وقوف المملكة إلى جانب مصر في مواجهة كل من يستهدف أمنها واستقرارها، ما يضع مصر أما على مفترق طرق بالسياسات بين التجاذب الإخواني الوهابي وبين صعوبة امتلاك القرار في ظل تبعية الأمن المالي المصري للسعودية وآخر يتمثل بالدعم اللوجستي القطري والتركي لـ«الاخوان» الذي ظهرت أحد مفاعيله باتهام قطر بدعم الارهابيين على خليفة مذبحة الأقباط المصريين في ليبيا. فكيف سيكون مسرح التجاذبات السياسية الاقليمية وكيف ستتعامل مصر مع حرب الخفافيش على أراضيها؟