«إسرائيل» تفتح جبهة الشمال بعد الفشل في الجنوب…

جمال العفلق

أثبتت الحرب على سورية مدى تورّط «إسرائيل» في هذه الحرب، فكل الخطوط تتقاطع عند الدور الصهيوني في هذه الحرب وبعيداً من لغة المؤامرة والتخوين، وبالتحليل البسيط تكتشف العين العادية دور الكيان الصهيوني في كل الأحداث الدائره في المنطقة، فـ»إسرائيل» لم تخف يوماً رغبتها بالقضاء على ثلاثة جيوش تعتقد أن وجودها يشكل خطراً على أمنها ووجودها.

وبعد الانتهاء من الجيش العراقي الذي تم حله بعد الاحتلال الأميركي للعراق كان لا بدّ من التفكير في الجيش السوري وإيجاد طريقة لإنهاك الدولة السورية وتفتيتها وازدادت هذه الرغبة وأصبحت أمراً ملحاً على صانعي القرار بعد فشل عدوان تموز وخيبة الأمل التي عاشها حلفاء إسرائيل من العرب أكثر منها.

واليوم وبعد فشل أول معارك الجنوب المعنونة باسم عاصفة الجنوب وبعد تغير الأوضاع الميدانية على حدود الجولان المحتل كان لا بد من فتح معركة بحجم أكبر في الشمال السوري، وهذه المعركة لا يمكن الاعتماد عليها على فصائل مبعثره وقوى أنتجتها الأوضاع الأمنية في الشمال قد تفشل كما فشلت في الجنوب.. فأصدر الأمر إلى تركيا أردوغان حيث يبحث حزب العدالة والتنمية على نصر ما يعوض فشل الانتخابات التي سبقتها حملة إعلامية كبيرة، وبنى أردوغان عليها كل أحلامه لتصبح في لحظة أحلاماً ضائعة لا جدوى من ذكرها وتذكرها.

ولأنّ العلاقات التركية «الإسرائيلية» أصبحت في أفضل أحوالها في عهد أردوغان والفضائح التي طاولت تلك العلاقة التي لطالما حاول أردوغان أن يخفيها أو يتجاهلها في خطابه، ولطالما تباكى الرجل على القدس وفلسطين. ولكن الواقع يثبت عمق العلاقة المادية التي يديرها ابنه والتعاون الأمني والعسكري الذي لم يكن بهذا العمق قبل وصول العدالة والتنمية للحكم. وعلى رغم الدعم «الإسرائيلي» لجزء كبير من أكراد العراق، وهذا ما يزعج تركيا إلا أن الواضح أن «إسرائيل» لها اليد العليا في هذه العلاقة التي لم يستطع أردوغان أن يغير من واقعها وأصبحت حكومة كوردستان العراق واقعاً فرض نفسه على تركيا لا تستطيع أن تفعل شيئاً أمامه.

فالواضح أن تحالف العدوان على سورية تقوده «إسرائيل» من خلال وجودها في الأردن وعلى حدود الجولان ومن خلال تركيا في الشمال وبالتنسيق مع قطر والسعودية اللتين تتحملان التمويل لهذه الحرب، فاليد «الإسرائيلية» في تركيا اليوم تتحكم بكل القرارات ودليل هذا أن أردوغان يريد اليوم توريط حوالى عشرين ألف عسكري تركي في مغامرة بالشمال السوري لا يعلم أحد نتائجها وهذه الرغبة المعنونة بحماية الحدود التركية التي استباحها الإرهاب الناتج بالأصل عن تسهيلات قدمتها تركيا منذ لحظة بدأ الحرب على سورية.

وهذا الإعلان التركي ليس نتيجة رغبة وطنية لدى أردوغان بحماية حدود هو السبب في تفكيكها ولا لرغبة السلطان في توسيع أراضيه إنما أتت في وقت فشلت فيه «إسرائيل» في إشعال الجنوب السوري كما فشلت في منع الولايات المتحدة من السير في اتفاق فينا مع إيران. هذا الاتفاق الذي تكتب عنه الصحف «الإسرائيلية» ليل نهار، ويحاول نتنياهو كسب وابتزاز أميركا وأوربا للتعويض على «إسرائيل» كما صرح وزير «إسرائيلي» لتبقى يد «إسرائيل» هي العليا في المنطقة. فالخسائر على أرض الميدان السوري وتغير جغرافية القلمون لمصلحة المقاومة والجيش السوري وانحسار قوة داعش في مناطق سورية وعراقية والاتهامات المتبادلة اليوم بين ما يسمى قادة فصائل يزيد عددها عن خمسين فصيل، جعل المخططين لهذه الحرب يسعون لتوسيع جبهة الحرب ومحاولة لتحويل الجيش السوري من حالة الهجوم إلى الدفاع والضغط من خلاله على الحليفين الروسي والإيراني حيث كانت التصريحات التركية عنواناً عريضاً لدى الإيرانيين بالرد فتركيا بهذه التصريحات تجاوزت الخطوط الحمراء ليس دولياً فقط بل داخلياً حيث وجد أردوغان نفسه اليوم مجبر مرة أخرى على مواجهة الخصوم إرضاء لـ»إسرائيل» التي لا تتوقف ولن تتوقف عن العبث بأمن المنطقة وما العمليات الإرهابية الأخيرة في سيناء المصرية إلا واحدة من أعمالها. فالصهيونية لا يمكن أن تعيش بحالة السلام. وهذا من ضمن أدبياتها وفكرها فالسلام والاستقرار يذيبان هذا الكيان.

وأمام هذه التحديات الكبيرة التي وضعت أمام حلف المقاومة وغرق المشغلين والمنفذين في التخطيط ودفع الأموال نجد أن النتائج على الأرض ليست في مصلحتهم لا ميدانياً ولا سياسياً، حيث خرست كل اقلام وبيانات ما يسمى ائتلاف الدوحة أمام تصريحات أردوغان، وجاء بيان موسكو في توسيع تمثيل المعارضة ضربة أخرى لسحب البساط من تحت أقدام من صنعهم المال العربي الفاسد.

فالتهديد التركي اليوم ليس أكثر من قنبلة صوتية ولكن من الحجم الكبير يحاول تحالف العدوان على سورية استغلالها لأبعد مدى وهذه ليست المرة الأولى التي يستعرض فيها أردوغان قوته العسكرية على الحدود السورية وكرة النار التي أشعلوها في سورية لن تمرّ من دون أن تحرق هذا المحيط الذي ما زال يخدم الصهيونية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى