كيف سقطت «عاصفة الجنوب» أمام التصميم السوري؟
توفيق المحمود
«عاصفة الجنوب» التي أطلقتها الجماعات الإرهابية التابعة لـ«غرفة الموك» على مدينة درعا في نهاية الشهر الماضي والتي فشلت فشلاً ذريعاً بعدما تصدى الجيش السوري لهذا الهجوم الكبير على المدينة ونقاطه المنتشرة في محيطها من خمسة محاور، وذلك بعد ساعات قليلة على بدء ما سماه الإرهابيون «عاصفة الجنوب» لإسقاط درعا أصيب الإرهابيون وقياداتهم بصدمة كبرى جراء تصدي الجيش السوري لهجماتهم وما لحق بالمسلحين من خسائر كبيرة في العديد والعتاد.
فموجة الإشاعات التي رافقت عاصفة الجنوب لم تنحسر في زجّ انباء عن المعارك الدائرة في درعا، بل طاولت جبهات أخرى كالطريق الدولي الذي يربط دمشق بجنوب البلاد وهو لا يزال تحت السيطرة الكاملة للجيش السوري حينها.
الإرهابيون وبعد الضربات الموجعة التي تلقوها على يد الجيش السوري في مدينة درعا ومحيطها جنوب البلاد أُصيبوا بانتكاسة مدوية نظراً الى الإخفاق الكبير في تحقيق أي اختراق على طول جبهات القتال ما زاد من تخبط رعاة تلك المجموعات غرباً وشرقاً هذا السحر الذي انقلب على ساحره، فما دُبر بليل أسود في غرف الاستخبارات الغربية والعربية والصهيونية انكسرت موجاته الاولى عند خطوط التماس مع الجيش السوري في درعا. فبعد تحضيرات قيل انها استمرت لأشهر.
فما هي إلا ساعاتُ قليلة جعلت من العاصفة تنقلب إلى زوبعة بعد تمكن الجيش السوري من التصدي لجميع الهجمات، التي شارك فيها آلاف الإرهابيين واستخدُمت خلالها اسلحة ثقيلة للمرة الاولى واستطاع الجيش افشال المهاجمين وإنزال خسائر فادحة بهم قُدرت بمئات القتلى والجرحى، الذين احتضنتهم المستشفيات «الاسرائيلية» والأردنية فيما ساد التخبط غرفة «الموك» التي تحاول لملمة وضعها، بينما دارت صراعات واتهامات تخوين وبخاصة بعد استهداف الجيش غرفة اجتماع القادة الإرهابيين في درعا ومقتل أحد أبرز قياديي غرفة الموك خلالها.
وظن رعاة الإرهابيين انه في إمكانهم توجيه ضربة الى الجيش السوري في الجنوب عبر الاستيلاء على مدينة درعا، الا ان الوقائع الميدانية عاكست خططهم حيث استعاد الجيش السوري المبادرة من مطار الثعلة بريف السويداء وتصدى للهجوم العنيف الذي تعرض له هذا المطار وأوقع العديد من الإرهابيين قتلى وجرحى وتهافت الآلاف من أهالي السويداء لمؤازرة الجيش لحماية هذا المطار الاستراتيجي بعد محاولات عديدة من قبل البعض والدعوات لتحييد أهالي السويداء لكنهم رفضوا ذلك وانضموا بالآلاف لحماية أرضهم ورفضوا مشروع التحييد الذي نادى به بعض من يدعون الوطنية.
تزامناً مع هذا الهجوم حاول الإرهابيون تشتيت انتباه الجيش باتجاه مناطق أخرى، فقد شن هجوماً على حضر في القنيطرة لكن الجيش السوري تصدى لهذا الهجوم واوقع العديد من الإرهابيين قتلى وجرحى.
من الجنوب إلى الشمال هجوم يعتبر هو الأعنف منذ سنة على جبهة جمعية الزهراء غرب مدينة حلب يشنه إرهابيو «جبهة النصرة» و«احرار الشام»، ويخوض الجيش السوري اشتباكات عنيفة على هذه الجبهة، وعلى رغم سيطرة المسلحين على عدد من الأبنية إلا أنهم عادوا وانسحبوا منها بعد محاصرتهم فيها فقد استعاد الجيش السوري المبادرة وتصدى لهم وقتل الكثير من الإرهابيين ودمر العديد من معداتهم وأجبرهم على التراجع.
وامتدت هذه المعارك أيضاً إلى ريف حلب الشمالي عند الحدود مع تركيا، لكن المعارك هنا يخوضها الإرهابيون في ما بينهم «جبهة النصرة» في وجه إرهابي «تنظيم داعش» وسمعت أصوات الاشتباكات والانفجارات من بلدة كيليس الحدودية القريبة من مدينة اعزاز، ومع اشتداد حدة القتال وارتفاع وتيرة المعارك عند الحدود كثفت تركيا تعزيزاتها العسكرية على مقربة من مناطق القتال، وأرسل الجيش التركي عتاداً إضافياً ونشر جنوده عند المناطق الحدودية في محاولة تصعيد خاصة بعد الخسارة المدوية لأردوغان وحزبه في الانتخابات البرلمانية، واعترف رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أن هذه الإجراءات تأتي لحماية الحدود ولكن من الخطأ التوقع أن تركيا ستقوم بمثل هذا التدخل الأحادي الجانب في الوقت القريب ما لم تكن هناك أخطار على حد تعبيره.
اخيراً الانتصارات المتتالية للجيش السوري من درعا والقنيطرة إلى القلمون التي حققها، فيها الكثير من الانجازات. وتأمين خط الحدود مع لبنان بمساعدة رجال المقاومة ليس إلا دليلاً على القدرة العالية والعزيمة الكبيرة التي لديه والتي حاولوا أن يهزومها منذ 5 سنوات ولا شك ان درعا وحلب شكلتا منذ الاشهر الأولى للأزمة السورية محور اهتمامات واشنطن وتل ابيب وحلفائهم في المنطقة من أجل ما سموه مناطق عازلة لكنهم فشلوا هم وأدواتهم، فكما الجنوب الشمال استنفد دور «جبهة النصرة» الإرهابية وانتهت صلاحيتها بعد كل هذا الفشل والانتكاسات التي وقعت بها.