المتشابهون المشبوهون
حسين ماجد
«ويكيليكس»، تنبئنا، بالوثائق، عن أفعال، وأقوال، وعلاقات، وغايات، الدول، والحكام، ما خفي، منها، وما علم، لأنّ هؤلاء الحكام لن يتحدّثوا عنها، إما خجلاً وخوفاً، أو عفة ونبلاً.
ووثائق «مملكة خادم الحرمين الشريفين» كما دوّنت، ووفقاً لتحليلات وتعليقات وسائل الإعلام، ومواقف القوى الوطنية، في لبنان والمنطقة العربية، انّ هذه الوثائق تدلّ على الجهل والغباء، وعلى الجور والظلم، وعلى استغلال الدين، وتنكّر المملكة للقضايا العربية، وتخليها عن قضية فلسطين، وتآمرها وتعاونها مع أميركا، ومع الصهونية، ضدّ المقاومة الوطنية، ودفعها الأموال، لعملاء التخريب وزرع وتغذية الفتن الطائفية، وفي طليعتها التحريض على الطائفة الشيعية، وأنها سيطرت بأموالها على الكثير من وسائل الإعلام العالمية، ولما تزل هذه الوثائق، المادّة الأساسية لأحاديث الشعب، والعنوان الرئيسي لبعض وسائل الإعلام في لبنان.
الوثائق التي نشرت، أكدت معلومات، وزادت قناعات القوى الوطنية اللبنانية والعربية، خاصة أنّ مملكة القهر هذه
لم تنكر مضمون هذه الوثائق، وبتصريح واضح لأحد أبنائها: «إنّ الوثائق المنشورة تحرج، ولكنها، لا تخرج عن خط السياسة العامة للنظام السعودي»، وربما يقصد أنّ الإحراج لعملائها وليس للمملكة.
أما قول البعض، إنها تكره الشيعة، فهو تفصيل، لأنّ المجرم، يقتل من رأى وجهه، أو عرفه، لينجو من العقاب، فالمعركة معركة العرب الأحرار، وحلفائهم، في وجه الصهاينة وحلفائهم.
شئنا، أم أبينا، هذا هو نظام «خادم الحرمين الشريفين»، وهؤلاء حكامه، وهذه أساليبه وغاياته، فهل يتشابه
مع نظامنا، وما هي أوجه الشبه؟
– الحكم، تركي، أوروبي، أميركي، صهيوني.
– ملكية الوزارات، أمراء، إمارات.
– تعيين، تمديد، دون انتخابات.
ـ عندهم عبيد سلبت حريتهم، وعندنا، عباد، تخلوا عنها.
– الوزراء، والنواب، ملك العائلة، وعندنا ملك العائلات، وأمراء الطوائف، «وزرائي لن يحضروا، نوابي لن يوافقوا!»
– عمر مديد، تمديد، ولي العهد، توريث.
أعتقد أنّ أوجه الشبه أكثر من أن تحصى وتعدّ. «سوليدير، الفساد، الحيتان، الأملاك البحرية، الرواتب، الإرهاب، قانون الإيجار، تجاوز الدستور الخ…»
وطننا محجور عليه في قبو مظلم، وحكامنا ممدّدون، وميثاقنا «لبننة المسلمين، وتعريب المسيحيين» انكب منقلباً، الجميع ممدّدون، يصحّ فيهم قول الإمام علي: «لكنهم سقوا كأساً، بدلتهم بالنطق خرساً، وبالسمع صمماً، وبالحركات سكوناً، فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى، سبات، جيران لا يتآنسون، وأحياء لا يتزاورون، بليت بينهم عرى التعارف، وانقطعت بينهم أسباب الإخاء…
قلنا عن جماعة «ويكيليكس»، من اللبنانيين، كلّ شيء، إلا ما كان يجب قوله، لقد وصفناهم بالغباء، واللصوصية،
والشحاذة، وقد ظلمنا، الغبي لحماقته، واللص لحاجته، والشحاذ لوهن قوته، أنهم، أبناء وأحفاد وورثة الإقطاعيين، وأصحاب الامتيازات والخونة والمتآمرين، منهم المتطوّع بالمكرمات بدلاً، ومنهم المهني، والمحترف، وجميعهم مؤتمنون على مهنة السلف، في خدمة الأسياد، لقاء أجور، اليوم نقدية، بعد ان كانت عينية. وتاريخنا، يحدث عن «حكم عثماني، وانتداب فرنسي، وشريط حدودي «ويتفادى القول» احتلال، واستعمار».
إنهم من الذين شاركنا في الحفاظ على وجودهم، وفتحنا أمامهم الأسواق، فأغدقت عليهم الأرزاق، فتكاثروا،
وزبائنهم، وتحسّن أداؤهم، وتنوّعت أعمالهم، وخدماتهم، وعند الخطر، وراء الكهنوت يختبؤون، ومن تحت العمائم ينعقون.
حشرات تسللت إلى البيوت، وعششت في المجتمعات، فرحمناها، وتعايشنا، وتآلفنا معها، شريكة في الوطن، رغم
تململ شعبنا، وتخوّفه، فتحوّلت، تحت رعايتنا، إلى وحوش مفترسة، «ثعالب، ذئاب، قرود، وأفاعي»، تسرح تحت حمايتنا،
في غابة بلا قانون، ومن أجسادنا تتغذى، وتقتات.
نعم إنهم يتقاضون أجورهم، وبدل أتعابهم، بالحلال، وتنازلوا عن حريتهم، وباعوا وطنهم، وخانوا أهلهم، بملء إرادتهم
واختيارهم، ورواتبهم من دولتنا مؤمّنة، وتعويضهم إذا استقالوا مضمون، ولن يستقيلوا إلا إذا جاء قدرهم، أو إذا الوريث طردهم.
لقد تنادى الحلفاء لنصرتهم، وصرف النظر عن جرائمهم، وتلاقت في هذه الظروف التي يمرّ بها الوطن، حشود
«لبنان أولاً» في «بيال»… «لا للإنتحار»، وفي معراب «لأنو حياتك أبدى»، وهذا يترجم في الشعارين «حياتنا أولاً».
متشابهون، خلقاً، وخلقاً، قامة، وقيماً، أحلاماً، وأوهاماً، ومشبوهون، إخلاصاً، ووطنية، صدقاً، وأمانة، شرفاً وحرية
ووفاء. إنهم كما قال النبي محمد للإمام علي: «يا علي إياك ومجالسة الموتى، فإنهم لا يذكرون الله، فسأله ومن هم الموتى، أجابه، الموتى هم الأغنياء».
هنا في «بيال»، كذب ورياء وغباء، هنا في «بيال»، سجد الأبالسة لآدم وحواء، هنا في «بيال»، ركعت الحيتان،
للأسماك من مختلف الأجناس، والأسماء، حفاوة، واستقبال، وكلمات «لا للانتحار»، أرباحنا انخفضت، أصحاب العمل
والعمال في خانة واحدة، مراجعة كلّ طرف لأقواله والمصالحة مع الذات». حبذا لو كان شعار «بيال» «لا للنحر والإنتحار، نعم للعدالة والانتصار». إلا إذا اعتبروا انتصار المقاومة، يدفعهم إلى الانتحار. لقد نحرتم الوطن، والأموات لا يمكنهم الانتحار.
وفي معراب، اجتماع، برعاية «الحكيم» لمكافحة المخدرات، فصفق الجميع لبلاغة وكثرة الخطباء ولعمق الخطابات، وقد فاقت وصفة الحكيم المجرّبة كلّ التوقعات» كافحوا المخدرات، بالدولارات».
من «بيال»، الى معراب، لم يذكروا، الصهيونية، والإرهاب، ولم ينتصروا للجيش، والمقاومة، ولم يقفوا دقيقة صمت
على أرواح الشهداء، والضحايا، ولم يستنكروا العمالة، والذل، أمام حفنة من الدولارات، فهل لهؤلاء، وطن، حتى يكونوا لنا
فيه شركاء، وإذا كان هذا هو الشريك، إخسر وخسره. الغوهم إنهم قوة سالبة، طلب قائد من عسكره دفع الشاحنة المعطلة، بعضهم قال يمكن دفعها، وبعضهم قال لا يمكن، وقبل البدء بدفع العربة، وضع من قالوا لا يمكن داخل العربة، وعند سؤاله عن السبب، قال ألغيت القوة السالبة، سيشدّون الى الوراء».
المعركة اليوم، معركة وجود، وبلا حدود، لقد بطلت حياة هؤلاء الشركاء لأنهم كذابون، لأنّ فضل الحيّ على الميت
الثقة به، تضحياتنا، لم تمكننا، من حجب مساهمة، أو قبول هبة، أو تخصيص اعتماد، أو تعيين أو نقل موظف،
إنهم صنيعة الشيطان، بل الشيطان صنيعتهم، لا وطنية ولا دين ولا عقل ولا حياء، لقد هدموا البنية، وخرّبوا البنيان،
وتآمروا على الطبيعة وعلى الإنسان، ونحن نكثر من التحليل والتوصيف، وخلق الأعذار لهم والغفران. شأننا شأن صاحب العيادة بعد تشخيصه الدقيق للمرض، قال للمريضة: «يا خالتي بدك حكيم». ولن نكون أبداً، كعمال حفر قناة السويس عندما
ضربهم الحراس، بسبب سبابهم ملكة بريطانيا، فسأل الضابط الحراس، هل توقف العمال عن العمل عندما سبّوا الملكة؟
أجابوه، لا، فأمر بمعاقبة الحرس.
في بلدنا، المقاومون، والشهداء، والوطنيون، يسمّونهم، وبوقاحة، أقليات، مواطنون في وطنهم أقليات»، سناء محيدلي، إبتسام حرب، سهى بشارة، هن أقليات»، وأنطون سعادة، وكمال جنبلاط، وجورج حاوي، وحسن نصرالله، هم
أيضاً أقليات…
أيها الشعب الحرّ المقاوم، نظف البيت من الحشرات، واهدم أعشاشها، واطرد الوحوش من البساتين، والغابات،
والحيتان من البحار، ولتكن مقاومتك، مقلع لثورة هادمة، بانية، وعريناً منيعاً لكلّ الثوار، ولنحم ظهرنا من الغدر، ومن تآمر الأشرار، ولنبن وطناً معقلاً لكلّ الأحرار، ونحمي لبنان العروبة، ونحقق له، الأمن، والأمان، والعزة، والانتصار.