إنها أكثر من خيمة تضامن
معن بشور
هذه الخيمة التضامنية الرمضانية التي انتصبت في قلب بيروت هي أكثر من فعل تضامني مع الأسير المجاهد الشيخ خضر عدنان لا تنتهي مهمتها بانتصار إرادة المجاهد الذي لم يُشهر أمعاءه الخاوية في وجه جلاديه الصهاينة فحسب، بل شهرها في وجه كلّ تخاذل أو تؤاطؤ أو تآمر على قضية فلسطين، أو في وجه كلّ محاولة لصرف الأنظار والجهود والطاقات عن مركزيتها في حياة الأمة وأحرار العالم.
فهذه الخيمة االمتألقة في بساطتها، والمشعّة في تواضعها، التي أقامها تكتل الجمعيات والروابط والهيئات الأهلية اللبنانية مع بداية شهر رمضان المبارك تحمل جملة رموز ودلالات لا بدّ من الوقوف عندها.
فهذه الخيمة المنتصبة في وسط العاصمة التي طالما انتصرت للقضايا العادلة في الأمة والعالم، ولا سيما في فلسطين، كما كلّ اللقاءات والمسيرات والمبادرات المتواصلة في بيروت وكلّ لبنان، إنما هي بذار خيرة لثمار طيبة تستعيد لبيروت وجهها العربي الأصيل المتجاوز لعصبيات مريضة، وانقسامات مرفوضة، كما تستعيد للبنان دوره التاريخي كمنبر لقضايا الأمة وكرئة تتنفس منها كلّ حركات النضال والمقاومة على امتداد الوطن العربي الكبير، بل كخندق من خنادق المقاومة المنتصرة على الاحتلال والعدوان.
وهذه الخيمة التضامنية مع الشيخ خضر عدنان، وسائر المبادرات التضامنية المماثلة، هي رسالة للعدو الصهيوني بأنه مهما افتعل من فتن وحاك من مؤامرات خبيثة تستهدف وحدة الأمة ونسيج مجتمعاتها الوطني القومي، بغرض طمس قضية العدل في فلسطين، فإنّ هذه القضية ستبقى متوقدة وحاضرة بفضل مجاهدين كخضر عدنان، وبفعل شهداء كالفتى محمد أبو خضير الذي نحيي هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده حرقاً على يد النازيين الجدد، وكالفتى محمد سامي كسبة الذي أطلق الرصاص عليه بالأمس جنرال صهيوني لم يحترم يوماً حق الإنسان في الحياة، ناهيك عن حقه في الحرية، كما بفضل متضامنين على امتداد الأمة والعالم كأبطال أسطول الحرية ـ 3، وكراشيل كوري وغيرها من المتضامنين في وجه الاستيطان والجدار، وكالطيار الايطالي الذي أعلن لحظة هبوط طائرته في مطار تل ابيب «أهلاً وسهلاً في فلسطين»، وكمئات الآلاف من المتدفقين إلى المسجد الأقصى في صلاة الجمعة الرمضانية، وكالمطران عطا الله حنا الذي اعتقلته لساعات أجهزة الامن الصهيونية لأنه يمثل رمزاً أصيلاً لعروبة فلسطين، ومدافعاً شجاعاً عن مساجد القدس وكنائسها، ومعبّراً صادقاً عن وحدة الشعب الفلسطيني بكلّ مكوّناته.
فمثل هذه المبادرات المضيئة تتكامل مع مبادرات وحدوية رائعة كما في صلاة الجمعة المشتركة في الكويت والبحرين، وفي إصرار شعب الجزائر على إنقاذ الموسم السياحي في تونس، وفي صمود الدولة والجيش والشعب في سورية ومصر في وجه محاولات تدمير الأمن القومي العربي عبر تدمير ركائزه في الأقطار المركزية للأمة، وهو تدمير بدأ مع الاحتلال الأميركي للعراق، وما زالت تداعياته مستمرة، كما في الانتصار لشعب اليمن العزيز في وجه القصف والعدوان والاحتراب، وفي الانتصار لشعب ليبيا على مشروع تمزيق وحدته الذي بدأت ملامحه تطلّ علينا مع عدوان «الناتو» على بلد عربي وسط «تواطؤ» أشقاء ظنوا أنهم يسترضون الأمة عبر تدمير بلادهم.
لقد قمتم بنصب خيمة الانتصار لخضر عدنان في قلب المدينة التي حيث تقلّب صفحات تاريخها تجدها مليئة بمبادرات مضيئة وخالدة، فلنُقم اليوم في كلّ حي من أحياء مدننا اللبنانية والعربية، وفي كلّ دسكرة من دساكرنا، وحاضرة من حواضرنا، قلاعاً للكرامة الوطنية والعزة القومية، وللمخزون الروحي والحضاري والسلم الأهلي، والوحدة المجتمعية والمقاومة الحقيقية لثلاثية الاحتلال الصهيوني والغلو المتوحش والتغوّل القمعي.
كلمة ألقيت في «خيمة الشبخ خضر عدنان» في وسط بيروت خلال احتفال أقيم بتهنئة الشيخ المجاهد بانتصاره على جلاديه، وتحدث فيها أيضاً العميد مصطفى حمدان أمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين ـ المرابطون، وأبو عماد الرفاعي ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان وقدّم الاحتفال بِاسم اللجنة المنظمة محمد العاصي.
المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية