مشروع درب… دعم ورعاية وبناء
رانيا مشوّح
خمس سنوات من الحرب على سورية، طاولت نيرانها الماضي والحاضر، لكنّ شباب الوطن وقفوا سدّاً منيعاً في وجه اللهب، ونحتوا من رماد الحرب واقعاً أفضل، مبشّرين بمستقبل يليق بحضارة بلادهم.
«مشروع درب»، أحد أهم المشاريع الشبابية التطوّعية التي تكوّنت في ظل الحرب في مدينة اللاذقية السورية، وكانت لها بصمة واضحة ومؤثّرة في إعادة بناء الإنسان السوري، من خلال عدد من المساهمات والمشاريع.
وللتعريف أكثر عن «درب»، التقت «البناء» المحامي عصام إبراهيم، محامي المشروع وأحد مؤسسيه، وقال: «مشروع درب بدأ منذ بداية الأزمة السورية إنما بصفة فردية، واتخذ شكل الجمعية التطوّعية في 15/3/2014 بشكل نظامي من خلال فعالية أمي سورية، التي كُرّمت من خلالها أمهات الشهداء الأبرار. مشروع درب يعتمد على ثلاثة محاور: دعم، رعاية، بناء. دعم أسَر الشهداء مادياً ومعنوياً، رعاية جرحى الجيش السوري، وبناء الإنسان أولاً والحجر ثانياً».
وعن آلية التطوّع المعتمدة في «مشروع درب» قال إبراهيم: «نحن في مشروع درب 11 مؤسس و50 متطوّعاً من جميع الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية والشرائح التعليمية، من محامين ودكاترة وأساتذة وطلاب جامعات. والمشروع لا يزال يفتح ذراعيه للمتطوعين، ولا شروط للتطوع سوى حبّ الوطن وحبّ العمل التطوّعي والقناعة به والإيمان بالقدرة على تقديم شيء في سبيل الوطن من خلال التطوّع».
أما عن الفعاليات والمشاريع والمبادرات التي أطلقها «مشروع درب»، فحدّثنا إبراهيم في هذا الإطار قائلاً: «بشكل مستمرّ، نسعى إلى إقامة فعاليات لتكريم أسَر الشهداء وتكريم جرحى الجيش. والسؤال عن حاجاتهم، ولقد قمنا بعدة أعمال جراحية لمن هو بحاجة إليها من خلال التبرّعات التي تصلنا. وأيضاً كمساهمة من الأطباء الذين كانوا غالباً ما يتنازلون عن أجورهم ويقدّمون لنا تسهيلات سواء من الأطباء أو المستشفيات الخاصة. ولدينا فعاليات سنوية منها فعالية الحياة إرادة. ومن خلال هذه الفعالية نستقبل عدداص من أبطال الجيش السوري مبتوري الأطراف، أو ممّن يعانون حالات شلل، ونعمل على تهيئهم نفسياً للانتقال بهم إلى الحياة الطبيعية، بمساعدة أطباء نفسيين ومعالجين فيزيائيين».
وأضاف: «ومن فعالياتنا المستمرة، فعالية التبرّع بالدم التي تتمّ بالتنسيق مع بنك الدم في مدينة اللاذقية. كما أن غالبية مشاريعنا الإنمائية والتطويرية تتم بالتعاون مع وزارة السياحة التي تقدّم تسهيلات ومساهمات كبيرة مشكورة عليها، كمشاريع التنمية الريفية، تكريم جرحى الجيش، تكريم أسَر الشهداء. ودائماً هناك حرص من وزارة السياحة على إشراك أبطال الجيش السوري في كلّ الفعاليات التي تقوم بها».
يعتمد «مشروع درب» في غالبية فعالياته على تقديم الدعم لأسَر الشهداء وجرحى الجيش السوري. إلا أنه مؤخراً بدأ ينخرط في دائرة المجتمع المدني. وعن هذا قال إبراهيم: «للمجتمع المدني حقّ على مشروع درب. وهذا ما جعلنا نتوجّه إليه مؤخراً. فبدأنا بمستشفى سرطان الأطفال حيث قمنا بزيارة المرضى وقضاء الوقت معهم، ووزّعنا عليهم الهدايا وقدّمنا الدواء للحالات التي كانت بحاجة ماسّة إليه. كما أن المجتمع المدني يعاني من الواقع والظروف التي نحياها، فكان لا بدّ من التوجّه إليه والوقوف على حاجياته».
وأشار إبراهيم إلى شخصيات المتبرّعين قائلاً: «لا منظّمة أو مؤسّسة ترعى المشروع أو تقدّم التبرّعات. فالتبرّعات كلها من أشخاص ومبادرات فردية من محبّي الوطن وذوي الإحساس الوطني العالي فقط. وأريد أن أتوجه بالشكر إلى بطريركية الروم الأرثوذكس التي تدعم مشاريعنا كافة وتقدّم العون الدائم لنا ولغيرنا».
لا تقتصر المساعدات التي يقدّمها «مشروع درب» على المقيمين في مدينة اللاذقية فقط. فالمشروع ساهم في عددٍ من المبادرات ضمن حدود الوطن كاملاً. وفي هذا الإطار قال إبراهيم: «في حال لمسنا أي حاجة للمشروع خارج مدينة اللاذقية، فإننا نقوم بواجبنا فوراً. وكمثال عن هذا، نظّمنا في مدينة طرطوس تكريماً لأسَر الشهداء ولجرحى الجيش السوري. وذهبنا إلى حمص للمساعدة عندما كانت الأحداث قائمة هناك. وقمنا بحملة عطشنا واحد التي توجّهنا بها إلى مدينة حلب عندما قُطعت المياه عن المدينة، وأوصلنا عدداً من السيارات المحمّلة بعبوات المياه التي وُزّعت على المناطق الأشدّ حاجة إليها».
وفي رسالة من «مشروع درب» للوطن وأهله قال إبراهيم: «كل ما نقدّمه لا يساوي جزءاً صغيراً من تضحيات شهدائنا الأبرار أو جرحانا من الشهداء الأحياء الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الوطن. ندعو بالشفاء القريب لهم والرحمة لأرواح شهدائنا والنصر للوطن».
أعادوا نشوة الحياة لكثيرين ممّن كادوا يفقدونها، عبّدوا دروب الحرب الوعرة ليصلوا إلى درب واحد هو درب الوطن، فكانوا شباباً يتقنون إرادة الحياة.