بدل الانفجار… هل يعيد حراك عون الحوار بين تياره و«المستقبل»؟
روزانا رمّال
يتقدم التيار الوطني الحر واجهة الحدث اللبناني بخطوات دقيقة وحتمية تؤكد على أمر واضح وأساسي في رسالة بعثها إلى الفرقاء اللبنانيين جميعاً مفادها «التراجع غير وارد لا تنازل عن مطالبنا لا لإرضاء حليف ولا لتأجيل مواجهة خصم».
وكشفت مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ التيار الوطني الحر يعرف تماماً أنّ تيار المستقبل هو وراء تعطيل كلّ تحركاته وخطواته ويؤكد أنه هو الذي كان يفاوض منذ البداية من أجل تخلي العماد ميشال عون عن حزب الله مقابل رئاسة الجمهورية وأنّ بعض شخصياته سعى إلى إيقاف أي بحث جدي في إمكانية الاتفاق على عون رئيساً، وتحديداً يوم سافر الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط إلى باريس العام الماضي قبل نهاية ولاية ميشال سليمان بأيام في أيار 2014 للقاء وزير الخارجية السعودي هناك وكان حينها سعود الفيصل فتوقف البحث في طرح عون فوراً.
وتضيف المصادر أنّ تيار المستقبل كان يحارب حوار القوات اللبنانية ـ التيار الوطني الحر أيضاً وهذا ما لمسه التيار من خلال لقاءاته مع القوات حيث كانت ردود القوات على بعض الطروحات على الشكل التالي: «يكفي أننا نتحاور من دون رضا حليفنا»، أي تيار المستقبل.
يصرّ العماد عون اليوم وتياره على مواصلة الطريق باعتبار أنّ النزول إلى الشارع هو أحد الحقوق الديمقراطية لأي فريق سياسي من دون أن يهتم لكلّ الانتقادات، لكنه بعرف أيضاً أنه يتسلح بدعم حليف غير عادي على الساحة اللبنانية وهو حزب الله الذي وإن كان غير مستعد للنزول إلى الشارع حتى الساعة، إلا أنّ هالة حضوره وموقفه الداعم لعون حاضرة في الساحة.
في الوقت نفسه، تؤيد بعض الأصوات في 8 آذار حراك عون نحو الشارع وتدعوه إلى عدم الإيحاء بأنه حراك مسيحي فقط، لئلا يتحول الأمر إلى مشهد طائفي بالغنى عنه اليوم لا يقصده لا عون ولا تياره. في المقابل، لا يرى البعض الآخر في هذا الحراك حقّاً يأتي ضمن الشرعية الدستورية والقانونية، وإن حمل طابعاً مسيحياً إلا أنه وطني جامع بين كل الطوائف من ضمن الخط السياسي نفسه، وبالتالي لا داعي للقلق من هذا الأمر.
وإذا كان العماد عون غير آبه بكلّ ما يحكى عن أنه في هذا قد يعرض البلاد إلى مجهول يأخذه إلى واقع أمني مقلق، معتبراً أنّ أي تدهور أمني في لبنان لن يكون إلا قراراً دولياً، فإنّ الأجواء على حدتها يمكن أن تقرأ بعين أخرى من المشهد الذي ربما قد يتجه نحو منحى تسووي إيجابي في البلاد على قاعد اشتدي يا أزمة تنفرجي، فيكون هذا الحراك مقدمة لإعادة الحوار بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهذه المرة برضى إقليمي ودولي ينسجم مع ما يجري في سورية من تقدم حزب الله أولاً، ومع ما يجري في فيينا من اتفاق على حلّ نهائي للملف النووي الإيراني ثانياً، الأمر الذي ستكون له تداعيات تصبّ في مصلحة حزب الله وحلفائه.
وفي هذا الإطار، يقول مصدر مسؤول في التيار الوطني الحر لـ»البناء» إنّ إيران هي حليف استراتيجي للعماد عون وقد زارها وهي في أسوأ أوضاعها، أي في ذروة العقوبات والتضييق عليها بسبب الملف النووي فكيف بالحال بعد انفراج الأزمة؟
الحلول المقبلة لهذا الملف التي ستنعكس إيجاباً، بطبيعة الحال، على المشهد اللبناني لجهة إرخاء أجواء أكبر وآمال أكثر من حوار إيراني ـ سعودي حول الملف اللبناني هي أحد أبرز تداعيات حلّ الملف النووي الإيراني على لبنان، وبالتالي فإنّ أي حوار من هذا النوع سيحلّ باقي الأزمات والاستحقاقات في لبنان، وخصوصاً أنّ هذه الأيام هي أيام حوارات دولية وأشهر المفاوضات والمحادثات بامتياز على كافة الصعد.
وفي هذا الإطار، تحدثت بعض المعلومات عن مساع للنائب وليد جنبلاط للتقريب بين تيار المستقبل والعماد عون ورئيس الحكومة تمام سلام الذي أدهش التيار بتصلبه ومواقفه الأخيرة في جلسة الخميس الماضي على أمل إيجاد مخرج للأزمة.
وليد جنبلاط الذي يقرأ ما يجري في الأروقة الدولية جيداً يستشعر فرصة جيدة له من أجل لعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بطريقة تسووية أو ديبلوماسية، إذا صحّ التعبير، قبل أن ينتصر العماد عون في الشارع مدعوماً بوضع جيد لحلفائه الإقليميين فيترجم انتصاره أمراً واقعاً على اللبنانيين.
وفي كلّ الأحوال، يعرف جنبلاط والسنيورة وغيرهما أنّ وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل لم يعد حاضراً وأنّ المتغيرات في الطاقم السياسي السعودي ليست واعدة بالنسبة إلى الأفرقاء اللبناننين الذين عايشوا حقبة من الزمن مع فريق سعودي آخر ذهب وتغيرت اليوم ظروف السعودية في شكل جذري لم يعد يؤهلها وضع الحدث اللبناني في أعلى أولوياتها. وبالتالي فإنّ حراك عون خطوة فعالة على خط تحريك الجمود الداخلي وتسريع الاتفاقات المقبلة لا محالة، كتحصيل حاصل باعتبار الشأن اللبناني واحد من ملفات المنطقة المنتظرة.