بشرى أبو شرار في «دورا»… جداريات تتحوّل شعراً منثوراً غنيّاً بالحكايات والذكريات

أن تقرأ لبشرى أبو شرار، الأديبة والروائية الفلسطينية التي تعيش في مدينة الاسكندرية المصرية، فهذا يعني أنك تقرأ فلسطين من ألفها إلى يائها، عبر شخصيات تشبه كثيراً الفلسطينيين، ومنهم المقاوم والفلاح والمرأة والطفل والكهل والعجوز. البائع والتاجر والحرفيّ، وكلّ مَن يعبّر عن الحياة الفلسطينية اليومية.

أن تقرأ لبشرى أبو شرار، فهذا يعني أنّك تقرأ تاريخ فلسطين وملاحم البطولات التي خاضها أبطالٌ في حكاياتٍ، يشبهون إلى حدٍّ بعيد أولئك المقاومين الكامنين للعدوّ، العاملين على إعادة فلسطين لأهلها.

أن تقرأ لبشرى أبو شرار، فهذا يعني أنك تقرأ عن ليمون يافا، وصيّادي غزّة، وعن التنور وعبق البيلسان.

اشتهرت بشرى أبو شرار بقصصها ورواياتها القريبة من القلب، وبأسلوبها الشيّق القريب إلى الشعر. ومن هذه الروايات: حنين، من هنا وهناك، أعواد ثقاب.

وفي ما يلي، ننشر مقتطفات من روايتها الجديدة «دورا»، وهي عبارة عن جداريات من الشعر المنثور، الغزيرة بالأسماء والحكايات. وعن هذه الرواية تقول الكاتبة: «نرسم بلادنا على جداريات، يظل الأزرق وشاحاً يلفّ الصبية، يعانق الفضاء، يكسر الحصار، يعلن عن ميلاد الكون…

خصلات شعرها تعانق الأزرق، تحطم سياجاً يرقّ من طيفها، قرص الشمس يسكن صدرها، ووجه لها يُلوّن من قوس قزح، ترسم ملامحها الفلسطينية، ملامح لا تشبه أحداً.

الجدارية الأولى

أعرف مدينتي تطلّ من رحم الأفق وقد تلوّنت بالأزرق، شبابيكها مشرّعة على حكايتي، بيوت تلوّنت من تراب الأرض، هل ما زالت تحفظ مكان يدي عليها؟ كنت أمرّرها أتلمس الدفء فيها، وكأن الغد كان متربصاً بي ليلقيني بعيداً، أرنو للأفق، أنشد أن يعيدني إلى تراب من لون أو لون في تراب.

يراوغني الأزرق في سماء غربتي لعودة قريبة، وأنا مصلوبة على لوحة الانتظار، أنشد شبابيك وحوائط مدينتي التي تركت كفّ يدي الصغيرة عليها.

هل يأتينا الليلة؟… أم يقذف به فجر الغد إلينا؟

تقطع الصمت طقطقات عيدان تدفسها في عين النار، وزفرات لها توجعها ما بين الضلوع…صوت حان يناديها :«أماه هل يأتينا أبي هذه الليلة؟».

تعاجله بكفّ يدها المعروقة، تضعها على فمه، تشير له بأن يلوذ بالصمت، تأخذه بين ذراعيها، توشوشه بنبرة حزن تائهة ما بينها وبينه :«لا ندري يا بنيّ… اذهب لفراشك… وإن حضر سأوقظك» .

أومأ برأسه والأسى يتوسّد نظرته، أزاح يدها وأخذ طريقه إلى فراشه المطروح أرضاً بجوار إخوته، فتحة الفرن على اشتعالها، وحرارة لا تضاهي ما بقلبها من اشتعال على غياب «باجس».

يمضي الوقت بها، تنتظر من غاب… قد يعود إليها بزهر الياسمين… بسلّ من تين يقطفه غداة كلّ فجر… صمت يلفّ الجبال، يسدل على البيوت وحشة وريبة، هدير عربات الجيش يحوم ما بين الوديان، أصوات يردّدها الصدى، طلقات نارية، انفجارات تنقلها الريح عن كمين نصبه الفدائيون، تهب العاصفة، ينهش غضبهم كل بيت، يدخل جيشهم ناشباً مخالبه في المخادع، يهيل الجدران، ضربات أيديهم على الأبواب، تهاوى باب دارها أمام سطوة قنابلهم، وهي الجالسة أمام فتحة النار، أصوات تثقب الجدران :« انهضي يا امرأة… أين زوجك؟»…

لم تلتفت وراءها، ويداها ما زالتا ممسكتان بعيدان الحطب ليزداد الفرن اشتعالاً، تتوهج قسمات وجهها الحزين، وضابط ينهش المسافة ما بينها وبينه، قابضاً على ذراعها بقوة، وقفت عود تجذر في أعماق الأرض، ترنو لفضاء بيتها، وكلمات تتردّد صوب أذنها.

ـ نأتي هنا، وفي كل مرة نجد أطفاله يفترشون صحن الدار، وأنت كما أنت، في كل مرة تحملين حملاً جديداً .

أشار بيده إلى بطنها المثقلة بحمل ينبئ عن مولود قادم :«من أين لك هذا؟»…!

يجذبها من كتفها نازعاً غطاء رأسها، وقفت تتجلد بصمتها، دار يزمجر في أنحاء الدار في ثورة تعصف بكيانه المتهاوي أمامها، يستفيق من أناته قائلاً :«باجس هنا… أين هو؟… كيف يأتي؟!… وكيف يمضي ليعود من جديد؟»..!

هب الصغار من دفء فراشهم، يلم اسماعيل شال أمه الملقى على أرض الدار، يعدو الصغير فارداً ذراعيه، يجاهد في طفولة عنيدة على إزاحة أقدامهم ونعال تغوص في حاجياتهم، يدفعهم بكل قوته، يركلونه بعيداً لنهوض جديد، يصرخ فيهم:

«أبي هناك… سيعود إليكم…».

ترنو وضحة إليه بعين تبحر في بحر مالح، تحتويه ولهاث أنفاس ضاق بها صدره الصغير، يحاول الانفلات ومن خلفه اخوته، تسمرت شاخصة إليهم، تهمس من فيض ألم «هم أبناؤك يا باجس… يبحثون عن الخلاص بين جدران ضاقت بهم».

اندفعوا خارج الدار… يزيحون كل ما يجدونه أمامهم… تتبعثر الأشياء…. تتكسر… تدوي صوتاً جريحاً في فضاء الحكاية.

من صبح «دورا» العفي… تهمس وضحة من برعمة النهار «طالت غيبتك هذه المرة»…

بكف يدها المدرجة بعبرات الفراق، تعد الفطائر، وربيع جاء إليهم يفترش أحراج الدار… يزهر في قلوب حزينة على بوابات الانتظار، فطائر مضمخة بزعتر وزيت تعب أرجاء المكان، وعلب رصت في السلال، تحدث نفسها: «هل لي أن أنسى يوماً ما يحبه باجس، علّه لم يعد يذكر شيئاً»… تطل من نافذة بيتها المشرّعة، تكشف أسفل الوادي… «تأخر المرسال القادم إلينا، قد يكون للوقت متسعاً لقطف التين ووضعه في السلال، كم كان يحب قطاف التين… وكم كان وجهه مشرقاً حين يأتي به إلينا، يعلن عن ميلاد فجر جديد»…

خمدت نار الموقد… صار رماده متكوّماً، يعلن عن حزنه لجذوة منطفئة، رائحة الطوابين تنقلها نسمات جبلية باردة، صوت يتسلل للآذان من أسفل الوادي، تسافر الريح مزمجرة في فضاء الحكاية، تعلن عن رحيل «باجس»، علا الصراخ وسط زغاريد النسوة، يهبط الجميع إلى سفح الوادي، حيث من عاش في كهوفها، يقنص، يهاجم، يوجع الغرباء من ضربات لا يعرفون من أين تأتيهم. اعتلت وضحة قمة جبلية وهي لا تعلم لزوجها طريقاً، خيوط تمتد، تتلاحم نسيج من أمامها، هرعت النساء، هرول الأطفال يقتفون أثر بعضهم، روافد تنشد مصباً يهدر بهم شلالاً من قلوب وفية، طائرات مروحية تحجب شعاع شمس لنهار حزين، أخذتهم مسيرة الحكاية لآخر حدود الشمس، يصلون مكاناً تفتت فيه الجسد على جدران كهف احتواه لسنوات طويلة، العيون مصلوبة على فتحة المغارة الضيقة، وعابر إليه يلم أشلاءه، يهم بالدخول، فترفع وضحة شالها، تناوله إياه، صرخت… فردّد الصدى… دخل زاحفاً لسراديب معتمة… خرج يجرجر الجسد معانقاً به الغياب والوجع… خرج جسد «باجس» وقد لمّه شال وضحة.

عادت وضحة تجلس أمام التنور… ورائحة الدخان تحوم عبر التلال… عاد الوهج يضيء وجهها الذي يلتفت نحو الأبناء في فناء الدار.

غارق «سارية» في بحر الريشة، عاشق «دورا» الجميلة وناسها، عبد الفتاح، وائل، محمود أبو كتة، وظلال تقوده كل يوم، ظل ماجد وغسان وناجي، حيث مجمع المدارس، البركة، ينحت على الحجر وجوهاً وأسماء، يلون بالأسود تاريخ وطن.

يطيّر «سارية» جداريته عليها، تهجير، شتات، تحول اللاجئ إلى مقاتل، عامل وفلاح، الأرض الأم، محمود درويش المهجر الأول، يسلب من هويته، ويقذف به خارج المكان، فيقص علينا حكايته «عابرون في كلام عابر، احملوا أسماءكم وانصرفوا… اسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا… خذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة… وخذوا ما شئتم من صور كي تعرفوا أنكم لن تعرفوا».

جدارية تصلها بعد النصف الأول من الليل، تشخص إليها، تذوب فيها، تتكسر على أحجارها، تتماهى وخطوطها السوداء على مساحة الأبيض، تكتب :

«تصحو كنعان من رماد الأرض، تغزل من خيوط الشمس حكايتنا، عمتي فاطمة أخذها السهوم في أرض العنب والتين، ونسمات جبلية تداعب شالها، وجه عمتي، قامتها المديدة، شالها الأبيض، امرأة كنعان تلتحف الصمت، ترنو لأفق تلون بالرماد، ووجوه صارت حبيسة على وجه الحجر، تصيح طيور الوادي، تنشر الفزع في قلوب مسالمة، سكون ليل مدينتي يكشف أفاعٍ تفحّ بالمؤامرة، تبعد المسافات بين الرجل والصبية، يتوشح بالأسود، يختزل ماضيه وحاضره في روح مقاومة، ينشد الوصول لصبية تلونت برماد الأرض، وذكريات عن العمة فاطمة تداعب الصغيرة في أرض البستان… من يأتي ليمسك خيوط الشمس ويغزل منها ملحمة بلاد لن تموت؟».

لم تكفّ تلقي إليه بكلماتها، ولهفة الانتظار لكلماته، يكتب إليها كلمات غامضة لها وقعها وسحرها في نفسها :«أصمت أمام هذا النص الرائع، أما صديقي الوشاح الأسود فسيصبح وردة أو الشمس».

يفك «سارية» لغز جداريته، ويعلن أنها الوردة، وأنها الشمس، يعدها بأن يخلع الأسود، ويتوشّح بنورها هي… الوردة… الشمس.

في المساء ذاته، يرسل إليها وجهاً كادت أن تمحو معالمه دورة الأيام، كتب إليها :

«رفيق أخيك خليل العواودة عانق الجبل قبل رحيله، هو من ملحمة باجس مات البطل فعاش الجبل، وكما قال المعلم ماجد: من قلب الجبل أتى باجس وحتماً سيأتي الجبل بآخر يأخذ مكانه».

قد تكون صورته الوحيدة والأخيرة، عدسة التصوير لا تعاند الحقيقة، ظلت ملامح «خليل» على بهائها، ابن كنعان حنطي اللون، له أنف شامخ، كجبال دورا السامقة، وجه يقابل الشمس، فطبعت على جبينه وداعها الأخير، من رأى الشمس وهي تلون وجه خليل حيث رحل حاملاً نوره الأبدي؟.. في ليلتي هذه يجاور خليل ماجد ومن الناحية الأخرى باجس، وأنت يا سارية لا تكف البحث عن ملامح لهم من هوة ذاكرة بعيدة تجيد نحتها على صخور وادي التفاح، تبحث عن ملامح حاضرة، وترسم وجوهاً من نور الشمس، لتطلّ علينا وجوه لشمس لا تغيب .

ينبض الأزرق بروح الحكاية، رجل وامرأة كيان واحد، عين واحدة تسكنها حمرة المغيب، عين أخذتها رجفة الخوف، قد يكون لاح لها من البعد شبح يطارد حلمهما، أغصان زيتوننا حراس ليلنا، لا تنثني للريح، تجذرت في طين الأرض، ترنو نوات قادمة، عيون لا تنام تحرس فضاء الأرض، سنابل القمح وبقايا ما تبقى من نور الشمس…

يقصّ عليها «سارية» حكاية «خليل أبو علي».

كيف يموت الشجر واقفاً؟ كيف يسقط أبو علي صباحاً أو مساء؟ قد أكون طفلاً أو لم أولد بعد، وأبو علي يرسم الوطن، عمالاً وفلاحين بسطاء، كيف يفزع الوطن، وتنزع أعشاش العصافير، وتقطع الأشجار؟ أخبرك أن بعد رحيله لم يتبق أي شيء، كل شيء تغير، الأشجار تموت مستلقية، كل شيء مبرر، أصدقاؤك يا ماجد وجميع من كانوا معك في الجبل اليوم هم شهداء، ماتوا كأشجارنا وقوفاً، روحك اليوم ترفرف فوق بلدتك الحالمة، مرات يحرقونها ومرات تحرقهم، ترابك سنحمله إلى السماء، لم يعد مكانه على الأرض، نحمل هذا التراب المقدس ليكون شمعة أو شعلة تضيء لنا الطريق.

ـ هي طقوس رحيل، يفزع لها قلبنا، حين نسمع رشقات الرصاص يؤرق ليلنا، يمضي الليل عنا، تاركاً لنا الأسود، ووجوها حبيسة الأطر، وجوه أتت إلى الحياة مسافرة، جاءت تبثنا روح المقاومة، لن تموت أوراق الشجر وقد لونت الحياة فيهم، أنت يا من ترسم حكاياتنا وتلونها، قد تكون مخلوقاً سرمدياً، يعلو صوتك، وتكبر كلماتك بحجم هذا الوطن.

تحاول أن تبثه روحاً تتخلق في كيانها من جديد: «فلتكن كل البدايات مزهرة، وتلوّنها أنت من ريشة الحكاية»..!

لا يكفّ «سارية» يستحضر وجوهاً طواها الغياب، من ريشة ناجي العلي وألوانه، وقد تسحبت الألوان عن قسماته، في اللوحة ظل على سهومه، هل كان يكشف الغيب؟ وحنظلة الذي قال عنه «ذلك الأيقونة التي تحفظ روحي وتحفظني من الانزلاق»، يلوّن حنظلة من حمرة المغيب، وكيف يذوب ما تبقى من روح الشمس…

يعيدها «سارية» لشعاع حب مجنون، كانت الوجوه من قبله تذوي مع الشفق الذاوي، كيف سكب ناره الرقيقة على أوراق حياتها الباردة، أي درب، أي ورود، أي صخرة أي دخان دله عليها؟

يأتي إليها بطائر الشمس الفلسطيني عائداً من رحلته لقلب الشمس، كتلة من نار… نحن أبناء الشمس، نطير إليها، نحلّق حولها، نبني أعشاشنا وننثر قصص الحب على أرض كنعان، وشمس لا تستدير إلا فوق روابينا، وزيتوننا…

كيف ترسم شمس مثل سارية؟.. تقتني ريشة وألواناً ترسم مدينتها حين تنام كل ليلة في حضن الأزرق، تكتب تحت لوحته «مدينتي يحوطها سياج، ومن بين فتحاته تشرئب أغصان اللوز».

في هذه الليلة اغتالت يد الغدر الأزرق في مدينتي، تهاوى البيت وتناثر زجاج حجرتي واستلقت أعمدة حملت من ذاكرتي، سقطت أوراق اللوز، صارت سيقان الشجر بلون طين الأرض، هل تجيد رسم الخيام في لحظة نهوضها لتستقبل رياحاً عاتيات، وشجر اللوز يضرب بجذوره أعماق الأرض، وكيف تشد حبالاً من الأمس يلقون عليها ثياب تلونت بالأحمر والأبيض، وخيوطاً من حرير، من لون كنعان القرمزي.

تصرخ وتبعثر كل الألوان، تكتب بمداد الشفق «الحياة هنا بعمر الكون، الحياة في مدينتي لا تموت، أغصان اللوز تنتظر ربيع الأرض لتزهر من جديد، الأزرق لن تطاله يد الغدر، مدينتي هنا حياة…

اليوم في صباح هذا العيد، يهاتفها «عبد الفتاح ربعي» من دورا، كان الصوت يتقطع في أثير على أحبال من هواء، ليجمع أشلاءه من جديد، دوماً يصرّ أن يذكرها أنها حاضرة في قلب الوطن، ودوماً لا يكف عن السؤال :

«متى ستأتين؟».

وإجابة لا يتغير منها شيء، «هوية، تصريح خروج، ختم الدخول، مسموح وممنوع»… يسود صمت تقطعه بضحكة تغازل في قلبه ما تبقى من روح الأمل لعودة قريبة، وأنها قد يحملها الغد، بل الساعة الآن لتكون هناك على تلال وجبال، تلمّ التين، تفتح لها الأبواب تحمل الحب في سلال، تحضرها كلمات يقولها «الربعي» حين يحضرها حزن من غابوا: «هناك من أتوا يا سيدتي على أيام خالدة محفورة في ذاكرتنا، نتذكر هؤلاء العظام، هم صنعوا تاريخنا، اتفقوا على ذلك بوجدانهم، سيف المتنبي وقلمه، لكن ليلة كانت تنظرهم عتمتها، أرادت أن تحجبهم عنا، نسي المتنبي أن الأفئدة ليست بحاجة إلى الضوء لترى ما تخفيه العتمة، نراهم في جبل «الجوف» بدورا، ورمال غزة، ومن قرطاس المتنبي. أتذكر مسيرة وداع ماجد، أتذكر ذلك النشيد «يا شعب كبرت ثورتي، ويا أخت الشهيد تمردي. أرى منك يا شمس أن ذلك النشيد كان حقاً، بعد ما يزيد على ثلاثين سنة من الفراق…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى