الأحزاب السياسية كينونة وبروزاً
في عدد اليوم سنعرض لمراحل تاريخية حديثة من تاريخ سورية، تشير إلى كيفية التكوّن الاجتماعي وانعكاسها على الأحزاب السياسية، وما أنتجه ذلك من توترات اجتماعية وسياسية بخاصة في ظل الهزيمة القومية التي وقعت عام 1948 باغتصاب فلسطين وما سببه ذلك من انقلابات عسكرية أسّست لواقع جديد لم تألفه الحياة السياسية السورية سابقاً، وصولاً إلى الوحدة السورية ـ المصرية عام 1958 والانفصال عام 1963 وكذلك وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في دمشق.
وفي الواقع، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدا التحديث في مختلف أشكاله أي الإصلاح السياسي الداخلي والاتصال الاقتصادي بالغرب، كأنه حقق غاياته تماماً على حساب الطبقات المتوسطة والدنيا للسكان، بينما كانت الطبقات العليا توسع وسائل امتداد المقاومة والتكيف التي تضمن لها تعزيز امتيازاتها.
وبذلك، شكلت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مرحلة تقوية وتوطيد للطبقة الحاكمة التقليدية السورية، بينما تضاعفت حدّة الهزة التي أثرت في بنية الطبقات الأخرى.
وفيما بعد زودت مجموعة كبار التجار بؤرة الطبقة الحاكمة التقليدية مع ملاكي الأراضي خصوصاً، الأحزاب السياسية خلال عهد الانتداب بزعمائها الرئيسيين. وكانت الأحزاب المتحلقة حول شخصية أو زعامة عائلية تمتلك ثروات ضخمة، وتمثل مصالح خاصة طبقية محدودة على الأغلب ومحمية على مستوى منطقة أكثر منها على الصعيد الوطني.
من جهتها توصلت الكتلة الوطنية في ذلك الحين إلى ترسيخ قاعدة وطنية، وحققت غايتها باندماج مجموعات مختلفة ذات قاعدة مناطقية وتحالف زعمائها معها. وضمت مكونات الكتلة الوطنية ما يلي: الاستقلال» بزعامة «شكري القوتلي المتحدر من حركة «تركيا الفتاة» القديمة المناهضة للأتراك . «حزب الشعب» بزعامة د. عبد الرحمن الشهبندر و جميل مردم بك وكلاهما من سكان دمشق وحلفاؤهم مثل: إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري من حلب، وهاشم الأتاسي من حمص.
كانت لتلك الزعامة مصلحة تامة، بسبب انتمائها الطبقي، في الحفاظ على الوضع السياسي والاجتماعي الموروث عن الدولة العثمانية. فالوطنية في ذلك العصر كانت، على الأقل تحت الشكل السياسي السائد، لا تعير الإصلاح الاجتماعي اهتماماً كبيراً. وجلّ ما هنالك الحديث عن تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية بوسائل تبدو غير بعيدة عن سيطرة الأعيان التقليدية.
ويعود الفضل إلى الفورة الاجتماعية في خلق وسط اجتماعي جديد شكل تمهيداً لدعاة الفورات السياسية المقبلة. وبالطبع فإن مشروع التحديث الذي ترك آثاره على مستويات عدة بنيوية التعليم، التقنية، الإدارة كان المحرض على الفورة الاجتماعية. وجاءت الهزيمة في فلسطين – التي حمل الرأي العام الحكومات المسؤولية عنها، والفساد والفضائح والفوضى البرلمانية وعجز الطبقة الحاكمة عن السيطرة على الجيش والجماهير أو تدريب الشباب، وفشلها في معالجة التحديات التي طرحها الاستقلال، لكي يمهد كل ذلك في الواقع الأسباب من أجل البحث عن بديل لقيادة المجتمع. ونظراً لانغماس الطبقة الحاكمة في مصالحها فإنها لم تكترث بأي مشروع صناعي أو بالبنية التحتية، بل تمسكت بالدفاع عن النظام المحافظ على امتيازاتها.
وهكذا حصلت الانقلابات العسكرية الأولى وموجات الاستياء المتكررة ما أدى في النهاية إلى تقويض نفوذها وهيمنتها في بداية الستينيات. واستعاد النفوذ العائلي السياسي التقليدي مواقعه السياسية المسيطرة في مجلس النواب وفي الحكومة، بعد الإطاحة بالعقيد الشيشكلي عام 1954، بواسطة حزب الشعب والحزب الوطني.
وفي محاولة لقراءة الحياة السياسية السورية، بعبارة مدرسية، فقد كشفت تلك القراءة كيف عبرت الصراعات السياسية عن نموذجين من النزاعات، اعتباراً من عام 1954، أي بالتحديد، عندما برز «حزب البعث» على الصعيد النيابي وأصبح الحزب الثالث في البلاد بعد حصوله على 16 مقعداً من أصل 142 مقعداً في المجلس:
النموذج الأول وهو: النزاع القائم بين النخبة التقليدية التي لا تزال في سدة الحكم من جهة، وبين العناصر السياسية والمنبثقة من الطبقات المتوسطة التقليدية والعصرية التي تنكر عليها السلطة من جهة ثانية.
النموذج الثاني وهو: النزاع الناشئ داخل الفئة المعارضة للنخبة، وهي الفئة السياسية التقدمية المنبثقة عن الطبقات المتوسطة التي انقسمت حول قضايا ذات طابع سياسي دولي «مثل التحالف مع الكتلة الغربية أو الكتلة الشرقية أو بشأن السياسة بين العرب مع أي بلاد عربية شقيقة يجب التحالف، وهل يجب طرح شكل من الوحدة العربية. . . ؟». وقد أدى الصراع بين الحزب السوري القومي الاجتماعي من جهة وبين البعثيين والشيوعيين من جهة أخرى، ومن ثم المنافسة بين البعثيين والشيوعيين في قلب جهاز الضباط داخل الجيش أصبح في فترة ما بعد الحرب أحد المراكز الأساسية للسلطة السياسية إلى تعزيز النزاع بين الطبقة الواحدة ذاتها.
وخلال الفترة الممتدة بين نهاية الحرب وبين عام 1958 لم يتوصل محور صراع الطبقات إلا بشكل جزئي إلى مواقع القوى التي كانت تتوزع واجهة المسرح السياسي السوري. ثم بدأت المرحلة الثانية المهمة في زعزعة الزعامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنخبة التقليدية السورية عبر تحقيق الوحدة السورية المصرية في عام1958 .
وسوف تترك الذيول الاجتماعية والاقتصادية للوحدة ومدى تأثيرها على علاقات الطبقات في سورية آثارها السياسية الي ستتكشف على المدى الطويل. ففي ظل النظام الناصري تمت تنحية زعماء الأحزاب السياسية التقليدية جانباً من قبل سلطة الوحدة وحُلت أحزابهم وأُغلقت صُحفهم، وجرى تسريح أكثر من ضابط من الخدمة أو تجريده من سلطاته العسكرية لمجرد وصمه باليمينية.
ومع حرمان الطبقة التقليدية السابقة من نفوذها السياسي والجماهيري تلقت قاعدتها الاقتصادية ضربة شديدة عن طريق الإصلاحات الاجتماعية: تأميم المصارف والمشاريع الكبيرة العائدة للقطاع الخاص، ومراقبة حركة الاستيراد والتصدير وأخيراً الإصلاح الزراعي.
وشملت الإصلاحات أجهزة الجيش التي طرد منها الضباط المنتمون إلى اليمين أو اليسار الراديكالي. وأصبح جهاز الضباط مطّعماً بعناصر جديدة موالية للبعث ومؤيدة للناصرية. إلا أن الضباط البعثيين لم يستمتعوا بالحظوة والمشاركة إلا خلال الأسابيع الأولى من قيام الوحدة إذ ما لبث أن تم إقصاؤهم من الإقليم السوري ونقلهم إلى الإقليم المصري.
وفي تلك الفترة، يشير بعض الكتاب إلى تزايد عملية انخراط عناصر من الريف السوري في الحياة السياسية. وكان لانضمامهم إلى الأحزاب السياسية المنادية بالاشتراكية مثل الحزبين السوري القومي الاجتماعي والبعث، وتضاعف أعداد المجندين في الجيش من الطبقات الاجتماعية المسحوقة في الخمسينيات، الفضل الكبير في تمهيد الطريق أمام ظهور نخبة سورية ذات تركيبة طبقية جديدة في الستينات.
وقد جرت خلال الشهور الستة التي أعقبت الانفصال فك الوحدة في أيلول سبتمبر العام 1961 محاولات لإعادة الأمور إلى الوضع السابق، وساهم أعضاء النخبة التقليدية المحافظة بشكل واسع في إنهاء الوحدة مع مصر إلى جانب البعثيين والشيوعيين الذين عملوا بدوافع مختلفة عنهم.
وكان أن احتلت مجموعات المحافظين مجدداً غالبية المقاعد في المجلس النيابي: الحزب الوطني 14 والإخوان المسلمون والمستقلون ممثلو العشائر 42 14 . وسعى هؤلاء من خلال سيطرتهم في حكومة «مامون الكزبري» «الإنفصالية» إلى إلغاء الإصلاحات ذات الطابع الاشتراكي السابقة، حيث جرى تعديل قانون الإصلاح الزراعي لعام 1958 لصالح كبار الملاكيين ووقف إجراءات المصادرة وإعادة توزيع الأراضي التي كانت جارية في عهد الوحدة. غير أن كتلة الأحزاب المحافظة لم تعد تملك دعماً كافياً في صفوف الجيش بعد تطهيرهِ في زمن الوحدة، حيث كان يترتب على الضباط ذوي الميول اليمينية أن يحسبوا حساب الضباط اليساريين الذين التحقوا بالجيش خلال الوحدة. وقد توصل الضباط في حمص نيسان – أبريل 1962 إلى اتفاقية تسوية تتمثل بتشكيل حكومة مدنية أكثر ميلاً لليسار من الحكومة السابقة، هي حكومة الوفاق التي شكلها بشير العظمة، والتي تعهدت بالمحافظة على جميع الإصلاحات الاجتماعية الاقتصادية. لكن الحكومة تعرضت لهجمات متزامنة من الجناح اليميني الإخوان المسلمون والأحزاب التقليدية المحافظة ومن الجناح اليساري الشيوعيون والبعثيون والناصريون الذين كانت مطالبهم متعارضة، إلا أن حصيلة الضغوط كانت كافية لمنعها من ممارسة عملها.
في اليوم التالي للتحرك العسكري في الثامن من آذار مارس العام1963، تم تشكيل مجلس وطني للثورة مؤلف من: ائتلاف العسكريين والبعثيين والقوميين العرب وتولى جميع السلطات في البلاد. ومنذ التاسع من آذار مارس باشرت الحكومة البعثية الجديدة برئاسة «صلاح الدين البيطار» بإجراء مفاوضات مع مصر والعراق بهدف تشكيل جمهورية عربية متحدة موسعة جديدة.
وفي الرابع والعشرين من آذار مارس العام 1963 صدر دستور مؤقت تضمن تكليف المجلس الوطني للثورة بإعداد القوانين، على أن ينشر رئيس الجمهورية المراسيم التي يقرها المجلس المذكور. ومن جهة، أخرى أصدر الحكم الجديد قراراً بفرض عقوبة الحرمان المدني على عدد من رجال السياسية في البلاد من بينهم: «خالد العظم» «مأمون الكزبري» ـ «معروف الدواليبي» «أكرم الحوراني» «صبري العسلي».
خلال تلك المرحلة، ولا سيما حتى العام 1966، تناوبت على السلطة جماعات متشددة أو أكثر ليونة، بناء للظروف التي تتطلب مراعاة المعارضة تجاه النظام. وكان موقف الفريق «أمين الحافظ» بصفته حكماً وهو قطب اللجنة العسكرية والسيد الحقيقي في سوريا حتى العام 1966 يفّسر على ضوء التنافس بين الاتجاهات المتعارضة الذي لم يجد حلاً له لصالح العسكريين والإقليميين المتطرفين، عندما كان الجناح اليميني للحزب في البدايات على الأقل، يتمتع بسيطرة على المدن.
والسؤال الذي طرح هنا: هل يحتمل أن يصبح الحزب نفسه مسرحاً لشكل من أشكال الصراع الطبقي الداخلي بين زعامة تقليدية مستعدة للتعاون مع البورجوازية الكبرى من أجل الدفاع عن مفاهيمها الوحدوية، وبين جناح يساري مُصمم على فرض نظام اجتماعي جديد وتأمين الدفاع عن الصغار؟ ذلك على الأقل هو التفسير الذي قدمه الجناح اليساري في العام 1963 للصراعات السياسية داخل الحزب وفي المجتمع السياسي بكامله.
ومنذ اليوم التالي لحركة 23 شباط 1966 التي سلمت زمام السلطة إلى الراديكاليين في اللجنة العسكرية بقيادة «صلاح جديد»، عكف الحكم الجديد على دفع البلاد في اتجاه المزيد من الراديكالية اليسارية وتدمير قواعد الطبقة الحاكمة الوطنية التقليدية.
وشرع الحكم الجديد بتطبيق سياسة الأعمال الإنشائية الكبرى مثل البدء بإنشاء سد الفرات وتأسيس مراكز إقليمية للتنمية كوسيلتين لتحقيق الخطة الإنمائية الأولى. وعلى ذلك الصعيد سوف تكون موازنة نظام الحكم إيجابية مندون أي ريب. فمنذ العام 1966 جرى إعطاء زخم جديد لتنمية الصناعات وتطويرها، وخصوصا ًقطاع الصناعات التحويلية مع بناء صناعات ثقيلة. وكانت تصفية جميع المعارضين وفي مقدمتهم أتباع الحكم السابق المتهمين بالتواطؤ مع عدو الطبقة الكادحة، بالإضافة إلى التأميم، هما الوسيلتان لتحقيق الخطة الإنمائية الثانية. وقد صدر في العاشر من آذار مارس 1966 بيان رسمي عن القيادة القطرية الجديدة يتهم الحكام السابقين بانتهاج «سياسة انتهازية يمينية» تهدف إلى إلغاء التأميمات، والسعي، بمساندة البرجوازية، إلى تقويض التجربة الاشتراكية في سبيل إعادة إقامة أسلوب حرية المنشآت والمؤسسات.
وقد تضمن المرسوم رقم 345 المؤرخ في 3 كانون الأول ديسمبر العام 1966 دفع قانون الإصلاح الزراعي في اتجاه أكثر اشتراكية ولكن دون تعديل نقاطه الأساسية. واصطدم الحكم بمعارضة الفئات الاجتماعية نفسها التي كانت تناصب العهد السابق العداء: البرجوازية الكبرى وصغار التجار والحرفيين الذين كان لهم تأثيرهم في تنظيم التظاهرات بين العامين 1963 و1966. وقد تحالفت تلك الفئات، على الرغم من تفاوت مواردها ونوعية معيشتها، ضد السياسة الاشتراكية الراديكالية التي كانت تثير حفيظة المحافظين والرأسماليين لأنها منعت خروج رؤوس الأموال من البلاد، الأمر الذي أدى إلى انكفاء النشاطات التجارية والحرفية الخاصة. في ما اعتبرت تلك الفئات أن السياسة الاشتراكية المفرطة تصيب في النتيجة صغار الملاّكين والكبار منهم.
اكتسبت المعارضة طابعاً دينياً مع معارضة علماء الدين والإخوان المسلمين «للنظام البعثي العلماني»، وكذلك زعماء الطبقة الحاكمة القديمة الذين أبدوا اهتماماً بأن ينضم إليهم عن طرق التضامن الديني، ليس الطبقات المتوسطة فحسب، وإنما الفئات الشعبية البسيطة المتعاطفة مع الفكرة الاشتراكية والمتحمسة للنضال ضد اللامساواة الاجتماعية بأنواعها منذ العهد الناصري.
وقد انضمت إليهم بعد العام 1966 المعارضة داخل حزب البعث نفسه، والمتمثلة بالجناح البعثي اليميني المدني المُبعد، ومعارضة العسكريين الأكثر اعتدالاً، أي الأنصار القدامى «لأمين الحافظ». واجتمعت المعارضة الجديدة مع معارضة أخرى تقدمية تضم بعض الناصريين، لتساهم تدريجياً في تشتيت وتفتيت النخبة السياسية الجديدة التي وصلت إلى الحكم بفضل حزب البعث.
وإذا كانت يسارية الحكم ونمو العلاقات الطيبة مع الاتحاد السوفياتي قد ساعدتا في عودة الزعيم الشيوعي «خالد بكداش» من المنفى نيسان أبريل 1966 ودخول أحد الشيوعيين في الحكومة البعثية، فإن توسيع السلطة لم يذهب أبعد من ذلك لأنها لم تجد حولها أي حليف آخر، سواء من اليسار أو من اليمين، فانكفأت على نفسها معتمدة على الجيش لتدعيم مرتكزاته.
وقد ولدت هزيمة العام 1967 بين قياديي الحكم أولى بذور الشقاق الخطير، الأمر الذي سيجعل وزير الدفاع، اللواء «حافظ الأسد»، المستفيد الكبير منه إذ تمكن من استثمار تذمر الجيش المجروح في كرامته لصالحه ضد اليساريين الطفوليين. كما أن الهزيمة التي قاد إليها عدم نضج منافسيه في القيادة، عززت حذره وحرصه وأنصارهُ. إلا أن جماعة عبد الكريم الجندي، خصوصاً بدأت على الفور بالاستفادة من الحدث، حيث وجدت »الكرامة السورية المجروحة» في طروحات الجندي الثائر متنفسا ًلها.
وفي المؤتمر القطري المنعقد في أيلول سبتمبر العام1967، سجلت تلك الجماعة المحرضة نقاطاً عندما دعت لشن حرب عصابات بلا هوادة ضد إسرائيل وعزت أسباب الهزيمة إلى أخطاء «صلاح جديد». وهكذا تقرر تحت تأثير الجندي: مقاطعة مؤتمر الخرطوم، واستئناف حرب العصابات ضد إسرائيل من قبل منظمة «الصاعقة الفلسطينية»، وتشديد تدابير التأميم وقطع خط أنابيب شركة نفط العراق ونسف خط أنابيب شركة أرامكو.
إلا أن الأوراق الرابحة كانت في يد وزير الدفاع اللواء «الأسد»، الذي انكب منذ أشهر بطريقة منهجية على تولي الإشراف على الجيش وإعادة بنائه بعد الهزيمة، ثم سعى بصعوبة إلى توسيع حضوره وأنصاره في الحزب. وأتاح له المؤتمر القطري المنعقد في أيلول سبتمبر العام 1968 الفرصة لكي ينتقد بشدة، وللمرة الأولى الخط الذي تسير عليه جماعة «صلاح جديد» «نور الدين الأتاسي» ولكي يطرح رسمياً أفكاره الخاصة به. فهو يريد إعادة انتماء سوريا للوفاق العربي التقليدي وتخفيف التوجه الماركسي نحو الاتحاد السوفياتي، من أجل طمأنة بعض الشركاء العرب والبورجوازية السورية الصغيرة والغرب، وتجنيد القوى الفعالة في البلاد في سبيل إنهاء عزلة الحزب في الداخل والخارج، وإتاحة الفرصة لمواجهة أكثر نجاعة لإسرائيل.