بوتين يعرب عن قلقه من استمرار العملية العسكرية لسلطات كييف
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه إزاء استمرار العملية القمعية التي تجريها سلطات كييف في جنوب شرقي أوكرانيا.
وجاء في بيان صدر عن الكرملين بعد المكالمة، أن الرئيس بوتين أعرب أيضاً عن الأمل بأن توقف القيادة الأوكرانية الجديدة استخدام القوة ضد المدنيين وتبدأ بإقامة حوار مباشر مع ممثلي الأقاليم. فيما أشاد رئيس الوزراء التركي بقرارات الرئيس الروسي الرامية إلى تحسين وضع تتار القرم وضمان مشاركتهم الكاملة في الحياة الاجتماعية والسياسية. واتفق بوتين وأردوغان على مواصلة الاتصالات بخصوص هذه المسائل.
جاء ذلك بعد تأكيد الحكومة الأميركية أنها لا تنوي تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا تتضمن توريدات أسلحة وأنظمة قتالية. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي تعليقاً على النداء الذي وجّهه الرئيس الأوكراني المنتخب توا بيوتر بوروشينكو إلى واشنطن بشأن تزويد جيش بلاده بالأسلحة الحديثة: «إن موقفنا إزاء هذه المسألة لم يتغير».
وكان بوروشينكو قد دعا في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إلى عقد اتفاق أمني بين كييف وواشنطن بشأن توريد الأسلحة، وشدد على حاجة الجيش الأوكراني إلى خبراء عسكريين. أما الإدارة الأميركية فأبدت استعدادها سابقاً لتقديم مساعدات غير فتاكة للجيش الأوكراني، تتضمن أدوية ونضائد وخيماً وأجهزة لتنقية المياه ومولدات كهرباء. وكانت الولايات المتحدة سبق أن زودت الجيش الأوكراني بنحو 300 ألف قطعة من الحصص الغذائية.
ودعت موسكو السلطات الأوكرانية إلى بحث الاقتراح الروسي حول تقديم المساعدات الإنسانية لسكان أقاليم أوكرانيا الشرقية. وجاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية أمس «مع الأخذ في الاعتبار مواصلة كييف للعملية العسكرية في الأقاليم الشرقية للبلاد لا يزال السكان المدنيون فيها يحتاجون إلى مساعدات إنسانية سريعة. ندعو السلطات الأوكرانية انطلاقاً من المعايير المقبولة للتعامل الأخلاقي إلى بحث مسألة تقديم المساعدات لمن يحتاج إليها». وذكرت الخارجية أنها أرسلت إلى كييف في 28 أيار مذكرة بشأن مسائل تقديم المساعدات الإنسانية السريعة. وتابعت «لفتت الوزارة أنظار الجانب الأوكراني إلى أن روسيا تحصل على مناشدات من المواطنين والمنظمات القائمة في منطقة النزاع في شرق أوكرانيا حيث تسفر الأعمال الحربية عن وقوع ضحايا وإصابات عديدة لتقديم المساعدات الإنسانية وقبل كل شيء الأدوات».
وأكدت الخارجية الروسية آنذاك استعدادها لتقديم المساعدات الضرورية لسكان المناطق المذكورة، واقترحت على الجانب الأوكراني اتخاذ إجراءات ضرورية لضمان ظروف وصول المساعدات الإنسانية الروسية إلى منطقة النزاع. وأفادت الوزارة أنها حصلت يوم الخميس على مذكرة من الخارجية الأوكرانية تثير الدهشة، إذ «تجاهل الجانب الأوكراني موضوع تقديم المساعدات الإنسانية لأقاليمها الشرقية». وأشارت إلى «الوضع في شبه جزيرة القرم التي تعيش بحسب معلومات المجتمع الدولي على شفا كارثة إنسانية».
وأكدت موسكو أن سكان جمهورية القرم «خلافاً للتصريحات الفارغة للساسة الأوكرانيين تتمتع اليوم بإمكان العيش بهدوء والعمل في ظروف السلام والاستقرار»، مشيرة إلى «أن المشاكل الرئيسة التي تواجهها القرم مرتبطة بقرار كييف بقطع تزويد شبه الجزيرة بالمياه».
وفي السياق، ألقى جهاز الأمن الفدرالي الروسي في أراضي جمهورية القرم أخيراً القبض على مجموعة إرهابية تخريبية تابعة لحركة «القطاع الأيمن» الأوكرانية المتطرفة. وأفاد مركز العلاقات العامة للجهاز أن الهدف الرئيس لعمل هذه المجموعة هو القيام بأعمال إرهابية وتخريبية في مدن سمفيروبل ويالطا وسيفاستوبل وكذلك تدمير عدد من المنشآت المهمة وجسور سكك الحديد وخطوط الكهرباء. وأوضح أن دائرة التحقيق التابعة للجهاز تجري حالياً تحقيقاً في هذه القضية الجنائية بحق 4 أشخاص بتهمة تدبير أعمال إرهابية وتنظيم مجموعة إرهابية وتداول الأسلحة غير الشرعي، إذ أعلن مصدر أن أعضاء المجموعة كانوا يستعدون للقيام بعمل إرهابي ليلة 8 و9 أيار عام 2014 باستخدام العبوات الناسفة اليدوية الصنع بالقرب من تمثال «الشعلة الأبدية» وتمثال لينين في مدينة سمفيروبل، وكذلك إحراق مكاتب المنظمة الاجتماعية «الجماعة الروسية للقرم» وحزب «روسيا الموحدة» في سمفيروبل في 14 و18 نيسان عام 2014. وأفاد الجهاز أن أفراده عثروا على المتفجرات والأسلحة النارية والذخائر في أماكن إقامة أعضاء المجموعة، مضيفاً أن المشتبه بهم «اعترفوا بتورط أعضاء «القطاع الأيمن» في تنظيم أعمال إرهابية في أراضي القرم بهدف زعزعة الاستقرار فيها والتأثير في الحكومة الروسية لدفعها للتخلي عن انضمام القرم إليها».
وأعلن القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني ميخائيل كوفال أن الجيش الأوكراني سيواصل عمليته في شرق البلاد حتى استعادة الاستقرار بشكل كامل، وقال: «سنواصل العمل حتى يعود هذا الإقليم إلى الحياة الطبيعية والعمل، وحتى يطمئن الناس»، مشيراً إلى أن «الجيش الأوكراني تمكن خلال العملية الخاصة من تحرير جنوب وغرب مقاطعة دونيتسك وشمال مقاطعة لوغانسك». ورداً على سؤال حول الخسائر في صفوف الجيش الأوكراني خلال العملية، قال كوفال إنها تجاوزت 20 قتيلاً، موضحاً أن بين الضحايا طاقما مروحيتين أسقطهما أفراد اللجان الشعبية، وعدد من عناصر وحدات الإنزال الجوي المشاركة في العملية.
وذكرت صحيفة «فيستي» الأوكرانية نقلاً عن مصدر قريب من الرئيس الأوكراني المنتخب بيوتر بوروشينكو أن «مهمّة الجيش الأوكراني تكمن حالياً في قطع وحدات قوات الدفاع الشعبي التابعة للمحتجين المطالبين بالفيدرالية عن الحدود مع روسيا، لتركز كييف بعد ذلك في المفاوضات مع موسكو من أجل إيقاف الدعم الروسي للمحتجين»، مشيرة إلى أن «المقترحات التي ستطرحها كييف على موسكو مقابل ذلك، تبقى سرية».
وتابعت الصحيفة أن عناصر لجان الدفاع الشعبي يتوقعون هجوماً مكثفاً على مواقعهم في أقرب وقت، إذ حصلوا على معلومات من كييف تشير إلى أن «القوات الحكومية ستبدأ عملية تطهير لوغانسك في الأيام المقبلة، أما سلافيانسك أحد أهم معاقل المحتجين في مقاطعة دونيتسك، فمن المتوقع أن يهاجمها الجيش في 4 حزيران الجاري».
من ناحية أخرى نفت الدائرة الصحافية التابعة لـ»جمهورية لوغانسك الشعبية»، الأنباء عن احتجاز مجموعة من مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في الأراضي التابعة لها، وقال رئيس الدائرة فلاديمير إينوغورودسكيخ أمس: «إن 4 مراقبين، هم واحد من روسيا و3 من دول أوروبا الغربية وصلوا إلى مدينة سيفيرودونيتسك، إذ استقبلوا بحفاوة، ونظمت لهم جولة في المدينة وتمكنوا من زيارة كل الأماكن التي كانوا مهتمين بالذهاب إليها، ومع اقتراب موعد حظر التجوال الذي سبق أن فرضته سلطات الجمهورية قرر المراقبون قضاء الليل في سيفيرودونيتسك، مشيراً إلى أن المراقبين يتمتعون بحرية الحركة الكاملة في أراضي لوغانسك». وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد أكدت أمس اختطاف فريق مراقبة آخر تابع لها في مقاطعة دونيتسك.
وذكر «العمدة الشعبي» لمدينة سلافيانسك بدونيتسك فياتشيلاف بونوماريوف أن المراقبين محتجزون من قِبل قوة تابعة له في قرية ماكييفكا، ولفت إلى أنه «بعد انتهاء التحقيقات سيفرج عن المراقبين».