نفط بحر الشمال عامل حاسم في حياة الدولة المستقبلية
بدأت أمس الحملة الرسمية للاستفتاء على استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة قبل 3 أشهر من موعد الحسم الرئيسي، وسط محاولات الطرفين إقناع الاسكتلنديين باختيار الاستمرار في الوحدة أو الاستقلال عن المملكة المتحدة بعد 300 سنة من الاتحاد.
قضية الاستقلال عن بريطانيا أخذت منعطفاً تاريخياً حاسماً عام 2011 حين فاز الحزب الوطني الاسكتلندي في الانتخابات البرلمانية بغالبية ساحقة، ما سمح له بتمرير مقترح الاستقلال عن بريطانيا بعد سنوات من تبنّيه هذا المطلب. ويرى أنصار الاستقلال في اسكتلندا وعلى رأسهم رئيس الوزراء أليكس سالموند أن الوحدة مع بريطانيا لا تخدم اسكتلندا في الوقت الحاضر بل على العكس تضعف من قدراتها الاقتصادية على وجه الخصوص، ووعد سالموند خلال التجمعات الداعية للاستقلال بأن تحقق اسكتلندا في حال استقلالها الرخاء وترفع مستويات الدخل، لأنها ستعتمد على نفط بحر الشمال لتمويل طموحات تطل بها على المشهد العالمي وعلى أوروبا وتحتل مكانتها التي تستحقها. وتوقع سالموند أن تزيد ثروة اسكتلندا 5 مليارات جنيه إسترليني كل عام في حالة إدارة شؤونها الاقتصادية بالكامل من دون تدخل لندن.
ورأى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن الوحدة في المملكة المتحدة تمثل أحد أعرق وأنجح الاتحادات السياسية التاريخية ومن الصعب أن يوافق الاسكتلنديون على التخلي عنها. وخلال الحملة من أجل التصويت بـ»لا» للاستقلال قال نائب وزير المالية البريطاني داني ألكسندر إن رفض الاسكتلنديين الانفصال عن بريطانيا يعني مستوى معيشة أفضل لكل فرد من مواطنيها بما يعادل 1400 جنيه إسترليني.
من الصعب تحديد رغبة عموم الاسكتلنديين في الاستقلال أو البقاء ضمن المملكة المتحدة نظراً إلى تعدد استطلاعات الرأي التي خرجت بنتائج متباينة، غير أن آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «صنداي تايمز» أظهر أن غالبية الاسكتلنديين تؤيد ضرورة الاستقلال عن بريطانيا. وبحسب الاستطلاع أعرب 52 في المئة من الناخبين الاسكتلنديين عن تأييدهم استقلال اسكتلندا ورأوا ضرورة أن تدير اسكتلندا شؤونها بشكل مستقل عن لندن.
الدخل الرئيسي لاسكتلندا إذا ما استقلت سيكون النفط الموجود في بحر الشمال الذي يمثل مفتاحاً أساسياً وعاملاً مهماً سيعتمد عليه الاقتصاد الاسكتلندي. إذ أكد أليكس سالموند أن اسكتلندا ستستفيد من مليار جنيه استرليني سنوياً من أرباح النفط، ووعد بإنشاء صندوق سيادي على شاكلة الصناديق السيادية النرويجية ستصل مداخيله إلى 30 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات المقبلة، في حين أشار رئيس الوزراء البريطاني إلى أن نفط بحر الشمال هو قصة نجاح بريطانية ولا تهم دولة لوحدها.
وفي حال استقلال اسكتلندا قد يواجه اقتصادها الناشئ مشكلة العملة الوطنية، فعلى رغم تعبير أنصار الاستقلال عن رغبتهم في الاحتفاظ بالجنيه الإسترليني كعملة وطنية بعد الاستقلال إلا أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أكد أنه لن يسمح لاسكتلندا بالاحتفاظ بالجنيه الاسترليني في حال استقلالها، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الأحزاب البريطانية الكبرى والتي اعتبرت أنه في حال فوزها في الانتخابات المقبلة لن تسمح لاسكتلندا بالاحتفاظ بالجنيه. وأكدت الخزينة البريطانية العامة استحالة احتفاظ اسكتلندا بالجنيه الاسترليني كعملة وطنية، لما له من تأثيرات سلبية مباشرة على اقتصاد المملكة المتحدة.