دراما الشباب ما زالت تسير إلى الوراء… وأبطالها يستجدون الظهور على الشاشة
آمنة ملحم
في وقتٍ بدأ صنّاع الدراما يدركون أفول عصر النجم الأوحد، ويلتفتون إلى مواهب شبابية مصقولة بدراسة أكاديمية من المعهد العالي للفنون المسرحية، بدأت تحجز لنفسها مساحة هامة في الساحة الدرامية السورية، وتسجل بصمة أولية للصعود بخطى ثابتة في عوالم الدراما بشهادة صنّاعها، نجد البعض منهم لا يزالون يرزحون تحت رغبات المنتجين وتجار الدراما.
فيكفي البعض أن يجمعوا ثلّة من الفنانين الشباب، أمام كاميرا مخرج شاب، ليؤدّوا «حدّوتة» خطّها أيضاً أحد الشبّان، ليعلنوا عن انطلاقهم في تصوير عمل دراميّ، تحت مسمّى الدراما التي اصطنعها هؤلاء وأطلقوا عليها «دراما الشباب». ضاربين عرض الحائط بكل ما قد تحمله هذه التسمية من مسؤوليات تجاه من يتوجّهون إليهم كالشريحة الأهم على الإطلاق في المجتمع.
وفي رمضان، كان هناك نموذج لهذه الدراما التي تجلّت بمسلسل «وعدتني يا رفيقي»، الذي ادّعى صنّاعه أنه استكمال لمسلسلَي «أيام الدراسة» و«فتّت لعبت»، ليدرك المشاهد ومن حلقة واحدة قد يتابعها، مدى السذاجة التي صبغت نصّ العمل. فلا يستطيع إكمال تلك الحلقة حتى…
الشبان والشابات في العمل اتّسموا بسذاجة الأفكار والتهريج المصطنع، ليؤكد العمل استكمال سلسلة الاستسهال بضحكة المشاهد وهمومه، لا سيما في ظل الأزمة التي يعيشها والتي، إن كان بحاجة إلى فسحة ضحك، فبالتأكيد لا يمكن أن تكون ضحكة مشوّهة يظنّ صنّاعها أنّهم استطاعوا رسمها حقاً، أو أنهم رفّهوا عن أنفس متابعيهم. فحتى فئة المراهقين التي يتوقع بعض صنّاع هذه الدراما بأنها موجهة إليهم، وقد تلفت نظرهم، لن يقبلوا بدرجة كبيرة لبّ العمل القائم على تواعد أربعة شباب على الزواج في يوم واحد، ورحلة تخطّي معوقات ذاك الزواج الجماعيّ. ليدركوا أن هؤلاء الشبان تواعدوا في عمر الطفولة، إذ لم تكن أعمارهم تزيد عن عشر سنوات. فأيّ طفل هاهنا همّه في هذا العمر التفكير بالزواج والتواعد على عقده جماعياً مع أصدقاء حارة شعبية قد يتغيّر سكانها في أي لحظة معيشية؟
وفي محاولة لطرق أبواب الشباب، دافع الفنان يحيى البيازي «أحد أبطال وعدتني يا رفيقي»، عن هذا النوع من الدراما بذريعة أنها تؤمّن فرصة الظهور على الشاشة لبعض الفنانين الشباب، بغضّ النظر عن «الحدوتة» أو الرسالة التي قد يحملهـا العمل. فَلِم لا تعطى الفرصة برأيه للشباب لتقديم ما لديهم وشقّ طريقهم بأنفسهم وصنـع تجـاربهم الشبـابية التـي تقدّمهـم على الشـاشـة؟
لتؤكد الفنانة الشابة ليا المباردي أنّها لا تمانع الدخول في الأعمال الشبابية شريطة أن يحمل نصّ العمل رسالة هامة للمشاهد، ويقدم إضافةً إلى ظهورها على الشاشة. لكنها ترفض التعميم بضعف هذا النوع من الأعمال. وترى أنها غالباً موجّهة إلى فئة المراهقين لا إلى كافة أفراد المجتمع، لا سيما مع ضعف الموازنة التي ترافق هذا النمط من المسلسلات.
وبذلك، وإن برّرنا لفئة الشباب المهضومة حقوقهم في الظهور على الشاشة الخوض في هذا النوع من الأعمال، فنلقي اللوم هاهنا على بعض الفنانين ذوي الأسماء في الساحة، بقبولهم هذا النمط من الأعمال التي قد تشوّه صوَرهم أمام الجمهور، وتدفع إلى التساؤل حول جدوى ذلك الظهور، أم أنّ الدراما أضحت مجرّد «أكل عيش يا بيه»؟!
وعلى رغم تلك المبرّرات التي يختبئ وراءها البعض، نجد آخرين، وعلى رغم ضعف فرصهم على الشاشة، لا يقبلون بهذه الأعمال. كالفنانة أمية ملص، إذ تجد في تلك الأعمال استخفافاً بالفنّ، وتؤكد أنّ أيّ عمل دراميّ لا بدّ أن يكون مشروعاً جدّياً في المهنة، ويبتعد عن الاستهانة بها.
لم يعد يسعنا القول سوى أنّ تلك الأعمال التي يقال عنها شبابية، أكّدت أنها لا تزال تشكل عثرة في وجه ذلك المسمّى الذي من المفترض أن يلعب دوراً هاماً على الساحة الدرامية مع مواهب شابة، ذات قدرات لا يستهان بها في الوسط الدراميّ السوريّ. فمتخرّجو المعهد العالي للفنون المسرحية يملكون قدرات أكبر من أن تستثمر في أعمال تمرّ مرور الكرام على الشاشة، من دون أي أثر قد تطبعه في ذهن المشاهد، وتسير إلى الوراء بدلاً من التقدّم إلى الأمام.