اليمن: هدنة جديدة هل بات ذلك ممكناً؟
حميدي العبدالله
أعلنت مصادر الأمم المتحدة وأكدت ذلك حركة أنصار الله، أنّ جهوداً تبذل للاتفاق على هدنة جديدة مدّتها خمسة أيام مثل الهدنات السابقة التي لم تصمد سوى ساعات قليلة.
اليمنيون وكثير من المحللين يتساءلون عما إذا كانت الهدنة الجديدة المزمع الاتفاق عليها ستلاقي مصير سابقاتها، أم أنها ستصمد هذه المرة؟
ومن الواضح أنّ الجواب على هذه الأسئلة يكمن في حقيقة ما إذا كان ثمة التطورات تجعل الوضع الآن يختلف عما كان عليه في السابق حيث فشلت تجارب الهدنات.
في هذا السياق يمكن لحظ مجموعة من المستجدات الميدانية والسياسية التي ترجح أن يكون مصير الهدنة الجديدة يختلف عن سابقاتها:
بعد مرور أكثر من 100 يوم على الحرب لم تنجح الحرب في تحقيق أيّ هدف من الأهداف المعلنة، لم يتوقف تقدّم الجيش واللجان الشعبية في المحافظات الجنوبية، ولم يتمّ تدمير قدرات حركة أنصار الله العسكرية، ولم يتمّ تحييد قدرات الجيش اليمني الذي لا يزال قادراً على العمل إلى جانب اللجان الشعبية بقوة لا تختلف عما كان عليه الوضع قبل بدء «عاصفة الحزم». أما عودة الشرعية كشرط مسبق لوقف الحرب فهو هدف أبعد من الخيال، ولا ينتمي إلى عالم الواقعية السياسية.
الحرب لم تعد فقط على الأرض اليمنية، بل باتت تدور داخل الأرضي السعودية، وهذا ما يعترف به الإعلام السعودي الذي يتحدّث كلّ يوم تقريباً عن صدّ الجيش السعودي لهجمات تشنّها اللجان الشعبية ووحدات الجيش اليمني. بل أكثر من ذلك مع مرور 100 يوم على الحرب قام الجيش اليمني واللجان الشعبية بإطلاق صاروخ سكود استهدف قاعدة عسكرية للجيش السعودي في منطقة الرياض. ولا شك أنّ هذا التطور الميداني بعد مرور مئة يوم على الحرب ينطوي على دلالات كثيرة، أبرزها فشل الحرب في ضرب قدرات الجيش واللجان الشعبية ولا سيما القدرات الصاروخية، إضافةً إلى امتداد الحرب إلى عمق السعودية، الأمر الذي يمثل تهديداً للسعودية وتحوّلاً استراتيجياً في الحرب، بمعنى آخر أنّ من يستطيع أن يوجه ضربات إلى قواعد عسكرية في العمق السعودي يستطيع أن يهدّد منشآت حيوية يصعب الدفاع عنها، وقد يؤدّي هذا التطور إلى تداعيات غير محسوبة، وربما يكون هذا التطور الميداني من أهمّ العوامل التي قد تؤدّي إلى وقف الحرب على اليمن.
التطورات الميدانية وعدم الثقة بقدرة الحرب على تحقيق الأهداف المعلنة دفع بحلفاء المملكة العربية السعودية في الغرب إلى زيادة ضغوطهم لوقف الحرب تحاشياً لوصول الحرب إلى منعطف لا يمكن التراجع بعده، الأمر الذي يحمل معه مخاطر لا تهدّد استقرار السعودية وحدها، بل تهدّد المصالح الغربية في هذه المنطقة، ولذلك كثفت الحكومات الغربية والمؤسسات التابعة لها مثل منظمة «هيومن رايتس ووتش» ضغوطها المتنوعة على السعودية لحملها على قبول اتفاق على هدنة جديدة.
إذا تمّ التوصل إلى هذه الهدنة، فمن غير المستبعد أن تشكل خطوة على طريق إنهاء الحرب، بعد التوصل إلى مخرج يحفظ مصالح جميع الأطراف، ولكن ليس على النحو الذي سعت إليه الرياض عند بدئها الحرب على اليمن.