«زمن الحصار»… زمن كلّ الأزمنة

د.نسيب أبو ضرغم

«زمن الحصار»، رواية، هي نزف آخر من جرح غسان الديري. ومَن لم يرَ الرواية على أنها غير نزف جرح، فلن يقف عن تردّداتها النفسية والفكرية والتاريخية، ذلك أنها خارج وجدانية الجرح، تفقد غائيتها وروحها.

«زمن الحصار» رواية شعب وأرض، كتبَ عليهما الحصار حتى الموت، فكانت الحياة ذاك المستحيل الهارب وسط أمواج الطغيان والفقر وتقطع سيل النجاة.

تموج الرواية في عدّة مواقع ومواضيع، وفي كل موقع وموضوع، تقدّم لنا أرضاً جميلة وشعباً مقدوداً من صلابة الصخر ورقّة النسمة في آن. تصوّر لنا الصراع بين الجهل والعلم، بين العبودية والحرية، بين الخوف والطمأنينة، بين الاستكانة والثورة، بين الحبّ والبغضاء.

رواية تغوص في الذات العامة لشعب امتهن الحصار كما امتهن المقاومة. هذه الذات ـ النفس التي عبّر عنها صالح، حينما خيّرته الظروف بين أن يلحق بحبيبته «ياسمين» وبين أن يلتحق بالمقاومة، ينخرط فيها مقاوماً، وكان خياره أن يلتحق لا يلحق. وفي هذا كل عنفوان لشعب أرادت الرواية أن تحكي أسطورته.

«زمن الحصار» ليست رواية من «زمن» بقدر ما هي رواية من «مكان»، مكان الأسطورة، مكان الشجاعة، مكان الظلم، مكان الثورة… وقبل كل شيء مكان الحبّ.

«زمن الحصار»، احتشاد لعناصر الحياة المغمسة بكل مرّ وموجع وجميل وصعب، هو فوح أصيل من مكان يشبه كل الأمكنة في هذه البلاد، وفي زمان يبدو أنه ما زال يحمل إلينا المرّ ذاته والوجع ذاته.

غسان الديري، لا تقفل جرحك، دعه ينزف أكثر!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى