«سورية القلب» مقالات ترصد المؤامرة على سورية

محمد الخضر

تقدّم الكاتبة فاديا جبريل في كتابها «سورية القلب» إضاءات تحليلية مدعّمة بنظر ثقافيّ وبناء أدبيّ متماسك، وشكل فنّي ووعي الخريطة الجيوسياسية لدور سورية الاستراتيجي المهم في المنطقة العربية والعالم، وتصدّيها عبر التاريخ للمشاريع الامبريالية الاستعمارية والصهيوـ أميركية، وصولاً إلى المرحلة المتأخرة من التآمر الصهيو ـ أميركي ومشروعه الرامي إلى تقسيم المنطقة العربية إلى مناطق نفوذ جديدة بما يلبّي أمن «إسرائيل» وأهدافها في التوسع.

وتشير جبريل في كتابها الصادر عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، والذي يقع في 167 صفحة من القطع الكبير، ويضمّ 37 مقالاً نشرتها بين عامَي 2006 و2014، إلى أن سورية شكلت العقدة في قدرة قادة مشروع الإطباق الكلي على المنطقة ومنظّريه، فتجلى افتداؤها للعالم العربي بوقوفها في خط الدفاع العربي لمحاربة الإرهاب.

وفي مقالها «كل عام وأنت محصّن من هؤلاء يا وطني»، تتحدث جبريل عن دور سورية وسعيها إلى الحفاظ على لبنان ووحدة شعبه وأرضه والمراهنة الخاسرة لبعض الأطراف اللبنانيين على المشروع الأميركي.

وبأسلوب أدبيّ، تطرح الكاتبة موضوع مكافحة الفساد وتدعو إلى الارتقاء بالأداء والعمل، وتشجّع النقد وتحترم صاحبه معتبرة أن العمل والادارة الضعيفين لا يتحملان أي ملاحظة، لا سيما لدى أصحاب المصالح الذين يستغرقون في «الفهلوة» والادّعاء.

أما في مقالها «أفق مختلف في العلاقات الدولية»، فأشارت جبريل إلى السلوك السياسي والدولي الذي تتبعه أميركا اللاتينية. معتبرة أن دولها من أهم الأطراف التي أيدت السياسة السورية ومواقفها النضالية. وهذا تجلى في زيارات الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز ونظيره البرازيلي إلى سورية في دلالة على متانة العلاقات بينها وبين هذه الدول.

ورأت جبريل أن الحرب على سورية أسقطت دفعة واحدة كل الأقنعة التي اعتاد كثيرون من التابعين العرب واللاعبين الدوليين استخدامها للتغطية على حقيقة الأهداف والمصالح والأطماع التي يبنون سياستهم عليها.

ولعلّ أبرز تغيير استراتيجي برز كحالة مفضوحة المعالم، هو الظهور العلني لتحالف تشكل منذ عشرات السنين بين الصهيونية العالمية والوهابية التكفيرية، إذ وحدتهما الأهداف المشتركة فانصهرا في المشاريع الاستعمارية الغربية.

ورأت جبريل أن ما حصل في مصر من ممارسات داخلية لجأ إليها تنظيم الإخوان المسلمين دفع الغالبية العظمى من المصريين لمراجعة تاريخ هؤلاء المتأسلمين والبحث في ثقافتهم وأهدافهم فلم يجدوا إلا الإرهاب وقمع الآخر وتكفيره. ولعلّ ما فعلوه في سورية والجزائر يؤكد أن ثقافتهم الدموية ومذابحهم تقوم على نزعة الانتقام وإباحة قتل من يخالفهم وهدر دمه.

وفي مقالها «حرب الاستنزاف الطلقة الأخيرة في الجعبة الأميركية» أشارت جبريل إلى أنّه أكثر ما يميّز المرحلة الحالية، القناعة الأميركية بأن الحرب التي قادتها ضد سورية من خلال عددٍ من التنظيمات الإرهابية التي تعدّ جزءاً من منظومة واشنطن العسكرية، لن تحقق أهدافها. وأن المناورات السياسية لم تعد ذات جدوى. ولم يبق في جعبة واشنطن إلا حرب الاستنزاف. معتبرةً أن هذه الحرب خيار بديل عن عجزها في محاولة لتحقيق أهداف حربها على سورية البعيدة منها والقريبة.

وفي الكتاب مقالات أخرى ذات منهج توثيقي وتحليلي اشتغلت عليه الكاتبة وفق أسلوب تعبيريّ يتحلّى بالألفاظ الأدبية التي شكّلت مقالات قريبة من المتلقي، وتعكس حالاته النفسية والوجدانية والمرحلة التي يعيشها خلال سنوات المؤامرة على سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى