علا سليمان تنحت ملامح الوجه السوريّ الأصيلة
اللاذقية- بشرى سليمان
تمثل الفنانة علا سليمان نموذجاً مضيئاً للشابة السورية الذي تسلحت بالموهبة والدراسة الأكاديمية لتجسيد اهتمامها الفني بأفضل وجه ممكن، مركزة في أعمالها النحتية على الوجوه وتحديداً الوجه السوري بسماته وملامحه الخاصة، وتعكس سليمان في وجوه لوحاتها شيم المحبة والطيبة والتسامح لدى الإنسان السوري، من خلال منحوتات طبعت عليها بصمتها الخاصة تأسيساً لصيغة فنية تميزها عن سواها في هذا المجال. وترمز أعمالها إلى التلاحم الكامل ضمن الأسرة السورية لناحية إظهار ملامح الإنسان السوري الذي يتمتع بسمات خاصة تميّزه عن سواه، وتتجلى بعرض جبينه ونظرته الثاقبة الذكية وملامحه التي تحمل بين طياتها المحبة والسماحة والطيبة والكرم وغيرها من صفات. وتقدم منحوتاتها من دون مواد حافظة أو ألوان ليبقى العمل على طبيعته كدلالة على فطرية الإنسان السوري وابتعاده عن التصنع والتأثر بما حوله. وبالعودة إلى البدايات تقول النحاتة الشابة: «رسمت حياتي على حلم دراسة الفنون الجميلة مذ كنت صغيرة، إذ تخبرني والدتي بأنني بدأت الرسم مذ أمسكت القلم ورحت أرسم الاشياء بطريقتي الخاصة من وحي خيالي، ورافقتني هذه الموهبة خلال جميع مراحل دراستي. وعندما دخلت كلية الفنون الجميلة في دمشق للمرة الأولى شعرت بأنني أدخل عالمي الخاص الذي أحب».
بالنسبة الى اختيارها النحت تقول سليمان إن ثمة طاقة غريبة وجميلة تربطها بهذا الشكل الفني فكان أول لقاء بينها وبين الطين أشبه بلقاء تعارف بين صديقين، وحاولت اكتشاف ماهيتيه كأن شيئاً غريباً شدّها إليه لتخلق قصة حب بينهما. وتنتمي أعمال سليمان النحتية إلى المدرسة الواقعية، مع بصمة خاصة تميز تكويناتها النحتية التي تشتغل عليها باستخدام الصلصال الذي تعشقه، معتمدة على السكين لتشكيل منحوتاتها وتشبه علاقتها بهذه المنحوتات علاقة الأم بالابن، وبالتالي فهي تخاف وتحرص عليها تماماً مثلما تفعل الأم حيال وليدها الصغير. وعن تجربتها في التدريس في مركز الفنون التشكيلية في اللاذقية تقول: «كنت أعتقد اني سأدخل المعهد كمعلمة، لكني اكتشفت أن الطلاب الموجودين في المعهد علموني أشياء كثيرة وأعطوني طاقة جديدة وجميلة». وتحاول سليمان تطوير نفسها في عالم النحت من خلال مشاركتها في معارض وملتقيات وورش عمل رغم الظروف الصعبة وغلاء المواد الأولية اللازمة للعمل. وتوضح أنها شاركت بعدة ملتقيات ومعارض منها ملتقى رواسي الأول في بيت ياشوط عام 2014 وقدمت فيه منحوتة وجه من المدرسة الواقعية على خشب الزيتون عنوانها «وجه سور». كما شاركت حديثاً في ورشة فنية في طرطوس، في مستشفى الباسل، وهي خاصة بذوي الشهداء. كما أنجزت منحوتة من الجص تتكلم عن عائلة سورية شكلتها على شكل كتلة واحدة لا يوجد فيها فراغات وتعكس أسلوبها النحتي. وكانت لها مشاركة في ذكرى الفنان السوري عيسى بعجانو المعروف بهيشون عام 2013 عبر منحوتة «رولييف» أو نحت نافر، عبارة عن ثلاثة وجوه تعود إلى المدرسة التعبيرية وهي لرجلين وفي الأعلى وجه أنثى تنظر نظرة ساخرة من تهافت الرجال للوصول إليها، فالمرأة تمثل للرجل الحرب الكبرى وعندما يصل إليها تصبح أمراً عادياً.