مبادرة الزبداني وأولويات الاستعجال بضرورة الاستئصال

لمى خير الله

أسباب عدة أعادت مدينة الزبداني لواجهة الأحداث على صفيح الساحة السورية الملتهب وذلك بعد تلقّفها جملة من المتغيرات السياسية والتي عكستها انتصارات الجيش العربي السوري بالتعاون والتنسيق الكامل مع رجال المقاومة اللبنانية بعدما أشارت الوقائع الميدانية في جرود عرسال إلى تمكّن حزب الله من تحرير مساحة تزيد عن مئة وخمسة كيلومترات مربعة من المجموعات الإرهابية فما قبل نهاية شهر رمضان لناظره قريب.

تطفو على السطح مؤخراً أحاديث وتساؤلات عديدة لمتابعي الأحداث الأخيرة عن حقيقة وتوقيت ما يشاع بالحديث عن المصالحات وعملية التفاوض بين الفصائل المعارضة المسلحة والجيش السوري وحزب الله من جهة أخرى.

ولعل أبرز ما يتبادر الى ذهن المراقب لأحداث الزبداني وتصدرها وسائل الأعلام هو السؤال عن السبب والأهمية السياسية والعسكرية للطرفين في منطقة الزبداني، إلا أن سير المعارك في ما تبقى من جرود عرسال وكذلك الجرود القلمونية تشكل جواباً وافياً لخطة باتت حبلى بالمفاجئات، وتحمل أولويات إضافية تتسم بالاستعجال وبضرورة الاستئصال لجبهة كانت تعتبر من أهدأ الجبهات، سيما أنه لم يدخل للزبداني أجانب ولم ينخرط في صفوف أهلها متطرفون إلا بعد تسلل مئات المسلحين الفارين من قرى جرود القلمون إلى أحياء المدينة، لكن سعي الدولة الى تأمين مياه بردى وتأمين بقية سلسلة جبال القلمون إضافة الى ضرورة إخلاء المنطقة من السلاح نظراً الى أهميتها الاستراتيجية على الحدود السورية اللبنانية، أمرٌ شكل ردود فعل دفعت «حزب التضامن» لتشكيل مبادرة وسيطة بين الفصائل المسلحة والحكومة السورية من 9 نقاطٍ لاقت القبول لدى نصف الفصائل المسلحة فيما رفض النصف الآخر.

مبادرة تنطوي على ضرورة وقف اطلاق النار من الطرفين وتسليم السلاح وإعادة رفع العلم السوري على دوائر الدولة إضافة الى تشكيل لجان توفيقة من أهالي مدينة الزبداني والتركيز على إعادة إعمار البنية التحتية والخدمات الأساسية في المدينة والسماح بدخول المواد الغذائية والإغاثية وبعودة المدنيين المهجرين قصرياً جراء الأحداث مع ضرورة إجراء التسويات والمصالحات من طريق الوسيط المتفق عليه وفي شكل تدريجي والتأكيد على أهمية فتح الطريق أمام من يود الخروج من المطلوبين من المدينة إلى الجبل الشرقي وأمام من يريد تسوية وضعه والمصالحة الوطنية والبقاء في المدينة من دون اعتقال.

معطيات الحل السلمي أينعت بالتوازي مع توقيع الاتفاق النووي الإيراني الأممي الذي أصبح بحكم الناجز وبانتظار التوقيع النهائي كما تأتي على وقع اندحار مشروع الشرق الأوسط الكبير وباعتراف أميركي حيث اعترفت واشنطن على لسان وزيرة خارجيتها السابقة كونداليزا رايس أن الرئيس بشار الأسد استطاع عرقلة المشروع برمته.

تطور الأحداث في الزبداني يحمل في جنباته كلا الاحتمالين، إما أن يدفع الفصائل المسلحة لمبايعة «النصرة» و«داعش» المتواجدين في سلسلة الجبال الشرقية خصوصاً بعد تلقيها صفعة قوية في الجزء الجنوبي للمدينة عندما حاولت إشغال الجيش وفتحت حينها جبهة النصرة الجزء الشمالي فكانت الصفعة مزدوجة وإما أن ترضخ لحل تفاوضي يجنب المدينة مغبة التوغل بمعركة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى