السعودية وأزمة تشكل الديون…
مرفان شيخموس
عوامل عدة تتداخل وتشتبك عبرها الأحداث لإنتاج تغيرات أو تقلبات على الساحة النفطية العالمية، سواء كانت خارجة عن سيطرة الدول المنتجة للنفط أو نتيجة مواقف سياسية أثرت في القرارات الاقتصادية العالمية.
الانخفاض في أسعار النفط على المستوى العالمي، أثر وسيؤثر على الاقتصاديات الخليجية مجملاً والسعودية خصوصاً، والتي تعتمد في شكل كبير على الصادرات النفطية في ميزانياتها التجارية، فقرّرت السعودية وبكلّ بساطة استخدام سلاح النفط، ضدّ روسيا وإيران بالدرجة الأولى، وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الأميركية عبر خفض أسعار النفط.
عندما تنخفض أسعار برميل النفط إلى أقلّ من سبعين دولاراً، بعد أن وصل إلى 120 دولاراً، أيّ بمعدل يقترب من الأربعين في المئة، فإنّ دولاً مثل إيران وروسيا تشكل صادرات النفط أكثر من خمسين في المئة من دخلها، ستجد نفسها أمام ظروف اقتصادية صعبة للغاية في الأشهر المقبلة. ولكن ما يبدو جلياً فشل سياسة السعودية وشركائها بسياستها النفطية ينطلق من كون منطقة الخليج من أكبر مصدّري النفط الخام وأكبر الأعضاء في منظمة «أوبك»، لهذا كان تأثير انخفاض أسعار النفط كبيراً مقارنة مع غيرها من الدول المنتجة للنفط .
وهنا يرى تقرير صندوق النقد أنّ من المرجح أن تصل خسائر دول مجلس التعاون الخليجي إلى 21 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي أي ما يقارب من 300 مليار دولار.
سياسة المكابرة السعودية تنمّ عن فشل في السياسة النفطية دفعت المملكة إلى إصدار أول سندات سيادية لها منذ العام 2007 لتغطية عجز ميزانيتها الناجم عن هبوط أسعار النفط لتطلق سلسلة من إصدارات الديون قد تعيد تشكيل أسواقها المالية.
ونقلت صحيفة «الاقتصادية» السعودية عن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي البنك المركزي قوله إنّ المملكة أصدرت سندات بقيمة 15 مليار ريال أربعة مليارات دولار هذا العام لتمويل عجز الموازنة وإنها تتوقع زيادة الاقتراض عبر السندات في الأشهر المقبلة.
تضارب الرؤى والسياسات قد يدفع المملكة إلى مستويات خطرة، ففي كانون الأول أقرت الحكومة السعودية ميزانية توسعية لعام 2015 ورفعت الإنفاق إلى مستوى قياسي في حين تصدر سندات دين بعد ستة أشهر لتغطية العجز.
ووفقاً للموازنة، من المتوقع أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال في العام 2015 وأن تبلغ الإيرادات 715 مليار ريال وهو ما يجعل أكبر مصدر للنفط في العالم يسجل عجزاً في الموازنة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، قدرته عند 145 مليار ريال.
وفي أيار تراجع صافي الأصول الأجنبية للمؤسسة إلى 2.521 تريليون ريال منخفضاً 6.6 مليار دولار أو واحداً في المئة عن الشهر السابق مع استمرار المملكة في السحب من احتياطاتها لتغطية عجز الموازنة الناتج عن هبوط أسعار النفط.
يبدو أنّ ما كانت تسعى إليه السعودية بضرب الاقتصادين الروسي والإيراني قد فشل ودليل ذلك تحوّل روسيا إلى أكبر منتج للنفط على المستوى العالمي، محطمة الرقم السعودي في حين تبدو بوادر تعافي الاقتصاد الإيراني بجذب العديد من المشاريع الاستثمارية في ظلّ ترقب التوقيع النهائي للاتفاق للنووي الإيراني.
فهل أدركت السعودية أنها لعبت الورقة الخاطئة؟
وهل ستعود المملكة إلى رشدها مجدّداً؟ تبقى الاحتمالات مفتوحة على كافة الأوجه.