من لا يمارس حقّه في الانتخاب يفقد حقّه في المحاسبة

الياس عشّي

خير صناعات العرب هي الكتابة، على ما يقول الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطّاب، والناقد الأدبيّ المتمرّس يدرك القرابة الديبلوماسيّة القائمة بين العمل السياسي والعمل الأدبي.

نتحدث في النقد الأدبي عن حسن اختيار الكاتب المجيد للألفاظ بحيث يختاراللفظة المناسبة ليسقطها في المكان المناسب ، وعندما يقف السوريون غداً أمام صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للبلاد، عليهم أن يحسنوا اختيار الشخص المناسب لتحمّل مسؤولية الوطن في السرّاء والضرّاء.

كما نتحدث في النقد الأدبي عن الموازنة بين العقل والعاطفة ، وعلى الناخب أن يواجه ازدواجيّة الواقعية والحلم ، وازدواجيّة التخطيط للمستقبل واحترام الماضي ، وازدواجيّة إقامة جسر اسمنتيّ معلّق وحقل من الياسمين ، وازدواجيّة السلام والحرب على أعداء الأمّة أينما وجدوا ، وبكلّ الوسائل المشروعة.

بالإضافة إلى حسن الاختيار والموازنة بين العقل والعاطفة، ثمّة شروط لا يمكن للناقد ولا للناخب أن يدير ظهره لها ، فبراعة الانتقال من المقدّمات إلى النتائج ، والتمسّك بمعادلة أنّ لكلّ مقام مقالاً، واعتبار الإيجاز شرطاً من شروط البلاغة… هذه الشروط كلّها المفروضة على الكاتب، مفروضة أيضاً على الناخب، فهو من يكتب تاريخ أمّته ، وهو العين الساهرة لحماية من يتربّع على كرسيّ الرئاسة ، أو لمحاسبته بعد انتهاء مدّة رئاسته . ومن لا يمارس حقّه في الانتخاب يفقد حقّه في المحاسبة ، وحتّى حقّه في إبداء الرأي.

الرئيس الذي سيختاره الشعب السوري بعد ثلاثة أيام يجب أن تتوافر فيه صفات الإقدام فلا يراوح مكانه ، ولا يغرّد في غير سربه ، ولا يكتفي بالمطوّلات ولا بالمعلّقات ، وإنّما على هذا الشعب المميّز الذي يدفع منذ ثلاث سنوات ونيّف ضريبة الدم والدمار ، أن يختار رئيساً يدرك تماماً أنّ أعداء الداخل وأعداء الخارج هم المسؤولون عمّا جرى ، رئيساً يحفظ على ظهر قلبه قصّة الأعرابيّة التي ربّت جرو ذئب فأكل شاة لها ، فأخذت تنشد:

قتلتَ شويهتي وفجعتَ قومي

وأنتَ لِشاتِنا ابنٌ ربيبُ

غَذيْتَ بـِدَرِّها ونشأتَ معْها

فمَنْ أنباك أنّ أباك ذيبُ

إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ

فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ

بمثل هذه التوأمة الديبلوماسيّة بين الأدب والسياسة سينجح السوريون في انتخاب رئيس لهم لسبع سنوات آتية ، والعالم المتمدّن لن يصغي إلى جميع البيانات غير المعترفة بشرعية الانتخابات والتي ستصدر من هنا وهناك وهنالك .

فالقافلة تسير… والباقي تعرفونه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى