تحرّك حفتر في ليبيا بين السيناريو المصري وانفجار الفوضى

حميدي العبدالله

التحرّك العسكريّ الذي قام ويقوم به اللواء خليفة حفتر يوحي كأنّه تكرار للسيناريو المصري في 30 حزيران 2013 الذي أدى إلى خلع حكم «الإخوان المسلمين» في مصر. هذا الإيحاء عبّرت عنه وقائع كثيرة أبرزها اثنتان:

الأولى، تشديد التصريحات التي أدلى بها حفتر وداعموه الإقليميون، ولاسيما الإعلام السعودي، على أن هذه العملية موجهة ضد «الإخوان المسلمين» والجماعات الإرهابية. ومعروف أنّ التحالف الذي تواجهه مصر منذ 30 حزيران 2013 هو تحالف «الإخوان المسلمين» التي صنفتها السلطة المصرية، ولاحقاً السلطات السعودية، بأنها جماعة إرهابية، إضافةً إلى الجماعات الجهادية المعروفة بانتمائها إلى تنظيمات القاعدة.

الثانية، تصريحات حفتر التي قال فيها حرفياً «إن التظاهرات في بنغازي وطرابلس هي تفويض لحركته لمحاربة الإرهاب»، وهذه العبارات توحي أن ما يحصل في ليبيا يشبه ما حصل في مصر عندما طلب المشير السيسي الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في 26 حزيران 2013 تفويضاً جماهيرياً عبر التظاهر لمحاربة الإرهاب.

لكن من الواضح أن ظروف ليبيا وإن كانت متشابهة في بعض الأوجه، خاصة في الانقسام الإقليمي والدولي حول ما يحصل هناك، إذ تتشابه الاصطفافات ومن هذه الناحية مع الاصطفافات القائمة في مصر منذ 30 حزيران 2013، من الواضح أن الظروف بين البلدين تختلف في ثلاث نواحٍ أساسية: الأولى، عدم وجود جيش موحد وقوي في ليبيا على غرار الجيش المصري، فمن المعروف أن الجيش المصري كان لـه دور حاسم في النتيجة التي آلت إليها ثورتا 25 كانون الثاني 2011 و30 حزيران 2013، لكن الجيش الليبي تعرّض للدمار على أيدي الناتو ومسلحي ليبيا، وحلت مكانه ميليشيات مسلحة قبلية وجهوية، وليس هناك أي وجود لجيش حقيقي. ربما هناك ضباط من الجيش القديم يقفون الآن على رأس بعض الوحدات العسكرية التي جرى تشكيلها بعد سقوط القذافي، لكن هذه القوات رغم الدعم الذي تحصل عليه من بعض الجهات الدولية والعربية، هي أضعف من الميليشيات المسلحة، بل أضعف من التنظيمات المسلحة المتشددة التي تشكل تفرعات لتنظيم القاعدة.

الناحية الثانية التي تجعل الوضع في ليبيا مختلفاً عنه في مصر أن السلطة الحالية التي ثار ضدها حفتر ومن ناصره في داخل ليبيا وخارجها ليست حكراً على «الإخوان المسلمين»، كما كانت عليه الحال في مصر قبل 30 حزيران 2013، وإن كان «الإخوان المسلمون» هم جزء من التحالف الحاكم، بل إن القوى المهيمنة على السلطة في ليبيا أو بالأحرى على هياكل السلطة، إذ لا وجود لسلطة فعلية في ليبيا، هي التحالف الذي فاز في الانتخابات التي جرت، وهي الوحيدة بعد إسقاط القذافي.

الناحية الثالثة، قوة الجماعات المسلحة القبلية والجهوية التي على حركة حفتر مواجهتها، فمثل هذه المجموعات وسيطرتها على مناطق واسعة غير موجود في مصر، ولو كانت مثل هذه الجماعات موجودة في مصر لاختلف مسار الحوادث فيها عما هي عليه الحال الآن.

هذه النواحي تؤكد أن حركة حفتر لا تقود إلى الحسم، كما أنها لا تقود إلى تكرار المسار المصري، بل ستقود إلى «انفجار الفوضى» أو استعار أوار الحرب الأهلية في ليبيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى