انتظارات «المستقبل» السورية تتبدّد
حسين حمّود
لا يفوّت تيار المستقبل مناسبة للتأكيد انّ حواره مع حزب الله لم يحقق أي نتيجة، رابطاً ذلك بالتطورات في المنطقة ولا سيما في سورية.
نائب «مستقبلي» يوضح هذا الأمر أكثر، واصفاً حوار عين التينة بأنه «حوار الانتظار»، معتبراً «أنّ الحزب يغرق في سورية ولن يستطيع فعل شيء لإنقاذ نفسه من المأزق الذي وضع نفسه فيه»، فيما يسخّف وزير «مستقبلي» أيضاً بالانتصارات التي يحرزها الحزب بالتعاون مع الجيش العربي السوري في المعارك، ولا سيما في جرود عرسال والقلمون، معتبراً أنّ التقدّم الذي يحرزه الحزب والجيش السوري في تطهير تلك المناطق من الإرهابيين لا يساوي شيئاً على المستوى الاستراتيجي للحرب الدائرة في سورية.
انتظار «المستقبل» هو لانقلاب الصورة العسكرية على الجبهة السورية، وفي الموازاة، تصعيد اللهجة ضدّ حزب الله والدولة السورية تمهيداً لإعلان هزيمة المقاومة والجيش السوري في إطار «شرق اوسط جديد» كما أرادته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليسا رايس من حرب تموز قبل تسع سنوات، لـ«إسرائيل» اليد العليا فيه. وبالفعل ما حصل أخيراً، هو تمهيد لـ«شرق أوسط جديد» لكن مغاير تماماً لما أرادته رايس وتيار المستقبل و«ملحقاته» في قوى 14 آذار، والتعبير هو لكتلة الوفاء للمقاومة للقول من خلاله إنّ المشكلة في البلد سببها الرئيسي تيار المستقبل.
وتحت مظلة «الشرق الجديد»، وقبل توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب، حرّك رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون المياه السياسية الراكدة، لا بل المجمّدة على انتظارات تيار المستقبل، وذلك من خلال قرن المطالبة بما يسمّيه عون حقوق المسيحيين، على خلفية تعاطي الحكومة مع ملف التعيينات الأمنية، وقوى 14 آذار مع الملف الرئاسي، بتحرك في الشارع وتحديداً قرب السراي الحكومية، قبل أن يتوجه زير الخارجية جبران باسيل إلى رئيس الحكومة، رغم ما يمثله، بعبارات لم يسمعها رئيس حكومة من قبل، وصولاً إلى ما هو أخطر وهو جدول أعمال مجلس الوزراء وطريقة وضعه في ظلّ الشغور الرئاسي، بعدما كان الجدول قبل الشغور تحت رحمة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والوزراء يبلغون به فقط.
هذان التطوران السياسيان إضافة إلى توجه الشباب العونيين إلى السراي، يدلّ برأي، أوساط سياسية، إلى مدى الانحدار والترهّل اللذين أصابا «الحريرية السياسية» بعدما كانت في مجدها وعزها في عهد الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته، بالرغم من احتواء تلك الحكومة عشرة وزراء لتكتل التغيير والاصلاح وحده»، لافتة إلى «أنّ أحداً لم يستطع المسّ بأيّ مركز او منصب مهما كان، يشغله موظف محسوب على تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري والأمثلة على ذلك كثيرة، وأبرزها بقاء الأمين العام السابق لرئاسة الحكومة سهيل بوجي في منصبه رغم الاعتراضات عليه، ومدير عام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، وقضية المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي وزير العدل حالياً أشرف ريفي الذي استقال ميقاتي من أجله».
وبعد هذا الاستطراد، وصفت الأوساط ما حدث في الأسبوع الماضي بأنه «هزة عنيفة» للتركيبة السياسية القائمة لن يكون ما بعدها كما قبلها، ولا سيما في طريقة تعاطي تيار المستقبل مع غيره من المكوّنات السياسية، والتي مارسها بشكل سافر إبان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة البتراء، من خلال إقالة مدير عام وزارة الاقتصاد آنذاك فادي مكي رغم تمسك مرجعياته السياسية به، ثم إقالة مدير عام جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير من دون الالتفات إلى أيّ معترض على تلك الخطوة الخطيرة، وقبل ذلك القرار الخطير باستهداف شبكة اتصالات المقاومة.
وتوضح الأوساط المشار إليها، أنّ عون وإنْ أخذ عليه أنه غلّف مطالبه المحقة في إطار طائفي، إلا أنه يسعى من خلال ذلك إلى حماية النسيج السياسي اللبناني كله، والمهدّد بممارسات تيار المستقبل «الإلغائية»، والتي سبقت الإشارة اليها بالأمثلة لتضاف إليها عبارات كـ«الفيتو» وما يعنيه من عزل وإقصاء سياسي.
وتؤكد الأوساط أنّ عون بالرغم من ذلك، لا يحاول المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة المنصوص عنها في اتفاق الطائف، بل ممارسة حقه في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً في حال خلوّ سدة الرئاسة لأيّ سبب كان، فهو بذلك يعيد التوازن إلى الحكم من خلال آلية او نظام داخلي لمجلس الوزراء الذي كان دائماً ينادي به، وبمرارة، الرئيس حسين الحسيني حتى تكون الحقوق والواجبات داخل المجلس واضحة.
ما قبل الخميس الماضي إذن، ليس كما بعده وانتظارات «المستقبل» أو «الحريرية» لقلب الطاولة من أجل حكم سبق وترجم آليته فؤاد السنيورة عام 2008، ذهبت أدراج الرياح، ولا سيما بعد التقدّم العسكري للجيش السوري والمقاومة في سورية وإبصار الاتفاق النووي النور مضيئاً الطريق إلى «الشرق الأوسط الجديد».