بانتظار الساعة الصفر… طهران تترقب رفع العقوبات

توفيق المحمود

استفاق العالم على توقيع اتفاق تاريخي بين إيران والسداسية وظهرت إلى النور خطة العمل المشتركة الشاملة وأجمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على أن الاتفاق النووي حدث تاريخي وصفقة جيدة، وأشارت موغيريني إلى أن الاتفاق ينص على سلمية البرنامج النووي الإيراني بعد مفاوضات شاقة استمرت 12 عاماً، وشمل الاتفاق رفع العقوبات المفروضة من جانب أوروبا والولايات المتحدة عن إيران والإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات ورفع الحظر عن الطيران الإيراني وأيضاً عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات والتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.

الملف النووي الإيراني مر قبل الاتفاق بمحطات عديدة على مدى 12 عاماً حبس العالم خلالها مرات عدة أنفاسه خوفاً أن يتحول إلى صدام عسكري لا تحمد عقباه.

وبدأ الجدل حول برنامج إيران النووي منذ عام 2002 بعد الكشف عن منشأتين نوويتين سريتين في نطنز وأراك وسط البلاد، وافقت طهران إثر ذلك على أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش لمواقعها النووية.

وعثر مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار ليورانيوم مخصب ومنحوا إيران مهلة تنتهي في أيلول عام 2003 وتعهدت إيران في تشرين الأول عام 2003 بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم خلال زيارة غير مسبوقة قام بها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى طهران، وتم توقيع اتفاق بالخصوص في تشرين الثاني عام 2004.

واستأنفت إيران انشطتها النووية في منشأة أصفهان في آب عام 2005 بقيادة رئيسها الجديد آنذاك محمود أحمدي نجاد ما دفع الأوروبيين إلى مقاطعة المفاوضات وقررت الدول الخمس الكبرى عام 2006 رفع القضية إلى مجلس الأمن وردت طهران متحدية بالإعلان عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5 في المئة ورفضت في ما بعد دعوات السداسية الدولية المطالبة بوقف عمليات التخصيب وتقوم زيادة على ذلك بتدشين مصنع للمياه الثقيلة في أراك.

عندها فرض مجلس الأمن في كانون الأول عام 2006 أولى عقوباته ضد إيران، وتم تشديدها لاحقاً إضافة إلى فرض عقوبات أحادية ضد طهران من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولة للضغط على إيران بحجة ما سمته الولايات المتحدة دعم إيران للإرهاب الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان ورفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومنعت العقوبات الأميركية جميع التعاملات مع طهران تقريباً، والتي تتضمن صادرات المعدات الطبية والزراعية والمساعدات والمعاملات الإنسانية في ما يتعلق بالمواد الإعلامية كالأفلام.

كما استهدفت الإدارة الأميركية عائدات النفط الإيراني من خلال التهديد بوقف التعاملات الإيرانية مع المؤسسات المالية الأجنبية بالولايات المتحدة التي تدير التعاملات المالية للنفط مع البنك المركزي الإيراني. مما زاد من معاناة الاقتصاد الإيراني.

وكان ما سبق سبباً في خفض العديد من الدول وارداتها من النفط الإيراني، ومن بينها الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وجنوب إفريقيا وسنغافورة، كما أصدرت بريطانيا وكندا تعليمات للمؤسسات المالية العاملة بها بوقف التعاملات مع المؤسسات المالية الإيرانية كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران استهدفت قطاعي النفط والبتروكيماويات كما فرضت أيضاً عقوبات على قطاع الشحن.

لكن مع توقيع الاتفاق سيتم إلغاء قرارات الامم المتحدة المعنية التي تضمنت فرض عقوبات اقتصادية ومالية على ايران ضمن اطار هذا التفاهم في شكل كلي عبر صدور قرار أممي جديد وسيتم الافراج عن عشرات المليارات من الدولارات من الارصدة الايرانية المجمدة في الخارج.

كذلك ستلغى العقوبات الاقتصادية والمالية في مجال المصارف والمجالات المالية وفي مجال النفط والغاز والبتروكيماويات والتجارة والتأمين والنقل والتي فرضها الاتحاد الاوروبي واميركا عند بدء تنفيذ الاتفاق دفعة واحدة.

وبذلك تكون إيران قد عادت إلى الساحة الدولية من الباب النووي كما دخلت من الباب نفسه وعادت إلى الساحة الدولية لا سيما في ظل قلق أطراف إقليمية من هذا الاتفاق وحذرت من توقيعه طويلاً وحاولت عرقلته ولا تزال ولكن تم الاتفاق رغم كل المحاولات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى