فتى الموساد في تونس… وأسئلة أخرى

«المفكر العربي» الموظف الجوّال ـ الرحالة، يتنقل من بلدٍ إلى آخر وفق الأجندة الصهيونية، فحيثما تكون مصلحة هذه الأجندة تراه يظهر في قطر أم في تونس. لا يظهر وحيداً بل محاطاً بألوان مختلفة منها الأخواني ومنها الليبرالي ومنها اليساري ومنها القومي… ولكن الجميع في المحصلة يتحرك وفق خطة واحدة عُهِدَ «المفكر العربي» العربي بتنفيذها.

في هذا العدد يتكلم الدكتور سمارة عن دور عزمي بشارة في تخريب المثقفين وشرائهم بالمال القطري والخليجي بشكل عام. وكذلك عن مسعى العقل المافياوي الصهيو ـ إنغلوسكسوني في خلق التناقضات والتوترات والصراعات بين أتباع الولايات المتحدة وذلك لتسهيل قيادتها لهم.

في علاقات الثورة المضادة لا توجد رفاقية لأن جوهرها البحث عن مال لا محدود وهذا عقل مافيوي صهيو-أنجلو ساكسون بروتستانت. لذا، ورغم علاقة التبعية من أنظمة الخليج للولايات المتحدة فهي حريصة على أن يتناكف هؤلاء في ما بينهم لتبقى قيادتهم أسهل. وعليه، لا غرابة أن تدور الاشتباكات السياسية بين داعش مكة وداعش الدوحة وقاعدة الإمارات ولكن هذه المرة في أرض الجزيرة.

ولكن غبار الاشتباك لا يحول دون رؤية أميركا والكيان ما يريدان. فلديهما نظارات الرؤية الليلية في الحرب والرؤية في الغبار السياسي والدبلوماسي. بالمناسبة النرويج وهي حكومة غير حكومية زودت الجيش الأميركي بنظارات رؤية ليلية أثناء احتلال العراق ومولت منحاً «أكاديمية» لدراسة سوريا من الداخل وخاصة مخيم اليرموك!

في خضم هذا الغبار قررت الولايات المتحدة إخضاع العدوان القطري ضد سوريا للعدوان السعودي بمعزل عن طي عنق بندر مؤخراً وإبراز نايف.

لكن المناكفات والمناوشات بين التوابع لا تعني ضياع الرؤية الأميركية ودقة توزيع أدوار هؤلاء. فقد كتبت في هذه الصفحة مرات بأن قطر يتم تحويلها لتقود حرب تخريب الثقافة القومية العربية. وآمل أن لا يتخيل أحد أن هذا الدور بسيط التأثير. فالثورة المضادة بمجموعها تعتبر القومية العربية هي العدو الرئيسي وربما الوحيد في الوطن العربي. ولذا، فالدور القطري في هذا الاتجاه شديد الخطورة والأهمية. وهو دور شراء المثقفين بالمال.

تصوروا مثلاً وضع مليار دولار تحت تصرف عزمي بشارة للتخريب الثقافي! كم مركز أبحاث سوف يتمفصل عن ذلك؟ وكم جامعة؟ وكم جريدة؟ بالمناسبة هناك مشروع شراء صحافيين في رام الله لجريدة لبشارة والمعروض عليهم ذلك يتنافسون على الثمن وكم صحافي وكم مثقف؟!…الخ.

ضمن هذا المخطط كان مؤتمر الدوحة عن فلسطين في قطر في 13 ديسمبر 2013، حيث جرى الحديث فيه عن كافة السيناريوهات لحل الصراع العربي ـ الصهيوني طبعاً تقزم إلى فلسطيني ـ إسرائيلي بينما السيناريو الوحيد الذي أُغفل هو تحرير فلسطين، مما يعني أن الكيان الصهيوني الأشكنازي طبيعي وعلى «أرضه».

كان على رأس قائمة حضور هذا المؤتمر رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي.

ومؤخراً، كان عزمي بشارة يفتتح مقراً لمركز دراسات في العاصمة تونس بتبريك حزب النهضة ورئيس تونس المنصف المرزوقي. اللافت طبعاً أن المرزوقي كان يعيش في فرنسا وكان على علاقة حميمة بالحكم الفرنسي وهو من قادة منظمات الأنجزة قبل سقوط بن علي، وهو مع النهضة، مع عدم إدراج مناهضة التطبيع في تونس، وفي حكومة بلاده اليوم وزيرة السياحة التي تفاخرت بالتطبيع وبقيت في منصبها رغم معارضة القوى الوطنية والقومية في تونس. أما اليسار المهذب بقيادة حمة الهمامي فلم يعترض على التطبيع.

… في تبرير حزب النهضة للتطبيع : «… ادعى أحد قادة الإخوان في تونس أن حماس طلبت منهم عدم إدراج تجريم التطبيع في الدستور» الصحبي عتيق، رئيس كتلة نواب «النهضة» تشرين الثاني/اكتوبر 2012 .

كشف هذا مرهون بما تقوله حماس بالطبع.

«…وتتالت في عهد الإسلام السياسي خطوات التطبيع في الميدان الثقافي والرياضي والسياحي والاقتصادي، ما يغني الصهاينة، حالياً، عن التطبيع المعلن أو عن فتح سفارة… وللمفارقة، منعت حكومة تونس الإخوانية في بداية سنة 2014 مناضلين فلسطينيين ولبنانيين وعرباً من دخول البلاد، لحضور مؤتمر عن مقاومة الصهيونية، رغم حصول بعضهم على تأشيرات من سفارات تونس في بلدانهم عن صحيفة «الخليج» 17/01/2014 ، كما منعت وفوداً عربية من المشاركة في نشاط تضامني للمحامين التونسيين مع فلسطين في ذكرى يوم الأرض 2013 ، رغم الحصول على تأشيرة مسبقة من السفارات التونسية…».

«…وزير حكومة الإخوان طارق ذياب ، أصبح مدافعاً عنيداً عن التطبيع وأعلن أن الحكومة تقبل المساعدة «الإسرائيلية» إذا عرض عليها الكيان الصهيوني ذلك نيسان/أبريل 2012 ».

«…أما في حزب «نداء تونس»، الذي يترأسه «الباجي قايد السبسي»، أحد أقطاب نظام بورقيبة وبن علي، فقد دافع أحد اقطابه، وهو رجل أعمال، عن زيارة وفد من اتحاد رجال ونساء الأعمال في تونس إلى فلسطين المحتلة، وكانت أخته ضمن الوفد، وهي عضوة قيادية في الحزب المذكور قناة «حنبعل» 09/03/2013 ».

ملاحظة: جميع المقتطفات من مقالة الرفيق الطاهر المعز 20/03/2014 في باريس. هل يمكن عدم رؤية الخيط بل الحبل الناظم بين تورط حكومة الإخوان المسلين في تونس وعلى هامشها ليبراليون ويسار لا قومي وبين نشاطات مركز عزمي بشارة هناك؟ وهل تمكن رؤية هذه الأدوار خارج خدمتها للكيان الصهيوني؟

فتى الموساد في تونس فنزويلا… مصر وسوريا وأحفاد تروتسكي

اشتهر التروتسكيون بالجملة الثورية، من المحال أن تجد حزباً أو نظاماً أو حتى شخصاً يسارياً من خارج أُطرهم لم يهاجموه بكل الأسلحة. أما تهمة ستاليني فجاهزة على الدوام. منذ أن بدأ الحراك في سوريا، وبالمناسبة الأيام تُثبت أكثر وأكثر أن الحراك كان مخروقاً بالسلاح وحتى تم تحريكه بمسلحين وقناصة يطلقون على الناس والأمن معاً. منذ أن بدأ الحرك اصطف التروتسكيون في سوريا مع الثورة المضادة. ولا أقصد هنا تروتسكيي سوريا بل كل العالم. وقفوا مع أميركا والإخوان والوهابيين. وليس هذا بغريب إذا ما عرفنا حدود تغلغل الصهيونية في منظماتهم. وحينما انشقت مصر بين الإخوان والخليط وقف التروتسكيون مع الإخوان. وقد تكون فكرة الأصابع الأربعة مأخوذة من «الأممية الرابعة» وليس من ميدان رابعة العدوية. ولكن، دعنا نقول بأن التروتسكيين بما هم مخروقون بتمفصلات صهيونية، ولا شك أن للدين اليهودي دوره في تلوينهم أيضاً، فما الذي دفعهم للتصدي للدولة الفنزويلية؟ لنقل هنا يخدمون الكيان الصهيوني الأشكنازي. فمن يخدمون في فنزويلا؟ أليسوا في خدمة الولايات المتحدة؟ في المقتطف أدناه يبين الصحافي المعروف تيري ميسان، أن التروتسكيين من أبناء العائلات الثرية المحاطين بعصابات البلطجية هم الذين يتصدرون العمل التخريبي ضد الرئيس مادورو في فنزويلا معللين بذلك أنه ستاليني. مكررين ومرددين الخطاب الرأسمالي الغربي الممرور ضد ستالين، وتفجعاتهم على الشيخ القتيل ليون تروتسكي في معزوفة اقرب إلى ثأر البداوة. وقد يكون هذا الشعور هو ما يقربهم من حكام الخليج.

معرفة المواقف من اليرموك وسوريا

كل هذا شديد الأهمية لأنه يعبر عن مواقف وتعبئة لا قومية منذ عقود، وها نحن ندفع الثمن ليكون هذا أو ذاك قائداً يعيش على كرهه الشخصي لقادة آخرين. لعل أخطر ما حصل هو ذلك الالتباس بين «أمجاد» شكلانية شخصية وحماية سوريا. هنا نضع الإصبع على المسألة الأساس: في الأصل أن تبدأ وطنياً. هناك كثير من قيادات اليسار التي تكلست لتصبح أمراء طوائف وربما أمراء حرب. تورطوا ضد سوريا منذ البداية ليقينهم أنها ستنهار. وحينما صمدت سوريا وقعوا في المنطقة الرمادية. طبعاً الآن يقضمون أظافرهم . المهم لا شك أنهم يرون الآن بأن أدوات الثورة المضادة كانت ستحصد أعناقهم. كيف لا وداعش حتى تقتل بعضها. أعتقد أن كتابة معمقة عن مسألة مهمة جداً وهي: الوقوف مع سوريا منذ البداية رغم الاعتقاد بأنها قد لا تنتصر. هذا أمر مهم لفرز المواقف والانتماءات. أعتقد أن الانتماء العروبي القومي الأصلاني هو المعيار بغض النظر عن النتائج. هذا ما يجب أن يُبرز الآن في مواجهة مخاليط الدين السياسي والكمبرادور واللبراليين والتروتسكيين الحاقدين كالبدو والمرتبطين بالصهيونية، ويسار أيتام التحريفية الموسكوفية وليس أيتام لينين. وأيتام القُطريات وليس أيتام عبد الناصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى