هل وصلت نار الإرهاب إلى السعودية؟

بشرى الفروي

جاء الحدث الأمني في العاصمة الرياض في لحظة مفصلية للسعودية في ظل التطورات الإقليمية والاتفاق الغربي- الإيراني، حيث قالت وزارة الداخلية السعودية في بيان لها أمس، إنّ سيارة ملغومة انفجرت يوم الخميس عند نقطة تفتيش قرب سجن سعودي شديد الحراسة، ما أدّى إلى مقتل قائدها، وإصابة اثنين من رجال الأمن بجراح، وأعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عن الهجوم.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنّ مفجر السيارة يدعى عبدالله فهد عبدالله الرشيد. وأضافت الوكالة أنّ المهاجم أقدم قبل قيامه بتفجير السيارة على قتل خاله العقيد راشد ابراهيم الصفيان في منزله في الرياض. ولم تذكر ايّ تفاصيل أخرى.

السعودية كانت ولا تزال تعتبر أنّ خطر المجموعات الإرهابية ما هو إلا أضرار جانبية، في مقابل مكاسبها وطموحها بإسقاط سورية، وإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، ولكن الآن تغيّرت الحسابات بعد أن تمّ إنجاز الاتفاق النووي واعترفوا باستحالة اسقاط سورية، فماذا بقي للسعودية لتراهن عليه؟

أمام المملكة التي وضعها اتفاق ايران والغرب على مفترق طرق فإما الرضوخ لموازين القوى الجديد في المنطقة وسلوك الحوار والتفاهم مع ايران، أو انها سترفض الإذعان للاتفاق النووي، وسيبقى عمق العداء تجاه طهران من دون تغيّر، الأمر الذي لن يؤدّي سوى إلى تكثيف الحرب بالوكالة بالمنطقة، وسط تزايد الصدام في أنحاء الشرق الأوسط كافة لتصبح المنافسة خارج السيطرة.

السعودية الآن بين نارين، نار الذهاب مع التيار الدولي الراغب بإعادة العلاقات مع الجمهورية الاسلامية حيث ترى أنّ رفع العقوبات الدولية سيساعد إيران على التخلص من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، وتوسيع دعمها المالي لحلفائها في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم حزب الله، وسورية واليمن. وبهذا الشكل سيسهل على إيران إعادة تصميم وجه المنطقة في شكل يتعارض والمصالح السعودية.

وإضافة إلى ذلك ستتمكن إيران من بيع النفط في الأسواق العالمية، وبالتالي أي تفاهم مع ايران في ملفات المنطقة كالملف السوري سيكون تحت سقف الخطوط الحمراء التي وضعتها القيادة السورية ومحور المقاومة، وانسحاب ذلك على الملف اليمني الذي سيكون لحركة انصار الله والجيش دور مقرّر فيه.

أما نار الاشتباك مع ايران فستكون أكثر خطورة، فالاتفاق النووي أظهر تصدّعاً كبيراً في المواقف الخليجية، فدولة الإمارات هنأت إيران، وقطر تتعاون معها عسكرياً واقتصادياً، والكويت تقول إنها دولة محايدة والبحرين خائفة من الغالبية الشعبية وعُمان لم تعلن موقفها الرسمي ولكنه معروف بأنه مؤيد للجانب الإيراني.

وحسب مراقبين فإنّ الخطر الأكبر من اشتعال الحرب الباردة بين الرياض وطهران هو تأثير ذلك على الحرب على تنظيم «داعش»، التنظيم الذي يتوسع ويضرب في كل مكان. ومن هنا جاءت نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنّ السعودية امامها خطر الارهاب وأنّ عليها فتح حوار مع القيادة الايرانية والتفاهم والتعاون على كيفية محاربة «داعش» في العراق وسورية.

يبدو أنّ تفجير الرياض الأخير هو رأس جبل الجليد، وأن ما يحصل من تهديدات ومخططات ارهابية هو خطير للغاية، تحاول السعودية ان تخفيه بثوب ممزق مرقع لا يخفي العيوب، وهذا الخطر الداهم تُنكره السعودية. كما يُنكر المريض مرضه. ويرفض العلاج، ثم يستسلم ولكن بعد فوات الآوان!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى