أحد بناة العمل القومي الاجتماعي في العبادية… الرفيق الشاعر قاسم سليمان نجد
إعداد: لبيب ناصيف
هو الرفيق الأول في بلدة «العبادية» ومؤسس العمل الحزبي فيها. هذا ما يوضحه الأمين جبران جريج في الجزء الأول من مجلده «من الجعبة» ص 223 يقول: «انطلقت الشرارة من برمانا على يد الرفيق يوسف التاج 1 إلى العبادية حيث التقى الشاعر الزجلي قاسم نجد، وبعده سعيد النجار، فأصبحا قوميين اجتماعيين، ومن العبادية إلى رأس المتن حيث نسيبه سليمان هاني وأحد أصدقائه من عائلة مكارم».
وفي النبذة المعممة عن الرفيق د. فريد شكر 2 أوردنا عن الاتصالات التي كان يجريها مع الرفقاء الأوائل في بلدات وقرى المتن الأعلى، ومنهم الرفيق الشاعر قاسم نجد الذي كانت له اليد الطولى في تأسيس ونمو العمل القومي الاجتماعي في العبادية.
إلى جانب الرفيق قاسم نجد، برز في العبادية رفقاء شعراء، أبرزهم، بالتسلسل الزمني: سليمان العنداري، شقيقه أمين 3 ، كامل سليم، سليمان حسن سلطان 4 والمميّز شاعرية ونضالاً قومياً اجتماعياً خالد زهر.
هؤلاء وغيرهم من رفقاء، أسسوا للحزب حضوراً جيداً في بلدة العبادية التي نأمل بمعاونة رفقاء أن ننظم ملف بداية العمل الحزبي ونموَّه فيها.
المعلومات أدناه زوّدنا بها الرفيق انيس سلطان 5 منوهين إلى اهتمامه الجيد ومتابعته، وصولاً إلى جمع المعلومات التي تفيد سيرة الرفيق الشاعر قاسم نجد.
مواليد العبادية في 10 آذار 1910.
اقترن من السيدة عذبا حسن نجد.
ورزق منها:
المرحوم أمين.
المرحوم أديب.
نجلا ورد لبيبة وسهام.
تلقى علومه الابتدائية في مدرسة البلدة.
أسس مطحنة قمح شعير…. ومحلاً للحدادة الإفرنجية، دون أن يكون تعلّم «الصنعة»، أو سأل أحداً 6 .
كان شاعراً غزيراً بإنتاجه. يحكى عنه أنه كثيراً، ما يكون نائماً، فتخطر له فكرة، فيقفز من سريره، ويدوّن القصيدة.
من مؤسسي جمعية «الهدى» في العبادية، وهي جمعية خيرية تأسست عام 1930.
أحد مؤسسي «الجمعية التعاونية الزراعية» التي كانت تقيم معارض زراعية كل عام، وكان لها دورها الإيجابي في الإنتاج الزراعي لبلدة العبادية 7 .
نال عدّة جوائز، منها جائزة رئيس الجمهورية كميل شمعون عام 1956.
والجائزة الاولى في مسابقة زجلية أقامتها إذاعة «الشرق الأدنى» عام 1944.
وبجائزة الإذاعة اللبنانية عام 1951 عن فئة الزجل.
وافته المنية في شهر شباط 1989.
منذ مدة تسنى لي أن أراجع أعداداً من مجلة «البيدر» لصاحبها ورئيس تحريرها الرفيق الشاعر وليم صعب، فإذا بها تزخر بقصائد للرفيق قاسم نجد، لو جُمِعت لصدرت في أكثر من ديوان.
منها اخترنا التالي:
عسل الصبر
الإنسان ما بيعيش إلا بالأمل، وعالتضحية يا ما بشر قبلك حمل
الأهداف وحدة بالفقير وبالغني وبالنتيجة البرغشة متل الجمل
لازم بأشغال المفيدة تعتني وما تسجّل يوم في عمرك كسل
ويكون راسك للحقيقة منحني وبالوداعة يشبّهوا فيك الحمل
إن ذقت صبر المر في كاس الدني بالصبر بعد الصبر بتذوق العسل
الرأسمالي
الرأسمالي اليوم ما بيعرف حدا غير حالو وغير مالو يجمعو
ما بيسمع المظلوم لو وجّه ند اتا الفايدة بالفايدة تجمع معو
وظرفك عندما يشوف تأخيرو بدا بيطرح عقارك بالكسد وبيرقعو
ما فهش في قلبو حنان ولا اهتدى ولا كل مال الكون رح بيشبّعو
عبادة القرش
الناس عمّال تعبد القرش الحقير مات الوفا، مات الشرف، مات الضمير
دين كاسد، جار حاسد: يا لطيف! كون فاسد! والوفا مالو نصير
والآدمي ما في إلو رفاق ووليف عايش شقي وبعدو مربّع عالحصير
ولو ما الأمل في الآخرة يسود الشريف عشرين مرة بموت بنهار القصير
الفقير الغني
شوف الفقير الـ في كبر نفسو غني وراسو الشريف للذل عمرو ما حني
لو أكل خبز المقرقد والعشاب بيشوف حالو كبير بالعيش الهني
مدوم محافظ عالشريعة والكتاب وآيات الله المنزلة بنورو السني
راحة ضميرو بتسعدو يوم الحساب في صدقها بالآخرة وفي هالدني
الغنى
ما في غنى إلا بنفوس العالية الـ بعمالها عين المكارم ماليه
بتبذل كرمها بالوفا بنية صفا وما يمنن العنقود جود الدالية
والغنى لو كنت من أهل الوفا وآخذ عِبَر من هالعصور الخالية
النفس الغنية: بحب خالقها وكفى، أما غنى هالأرض خرقة بالية
الصديق في الضيق
قال المثل: ما بينعرف صدق الصديق غير حتى تبتلي في حال ضيق
بيشعر معك بالعاطفة، بيساعدك في كل ما بيقدر تا تجتاز الطريق
بيشتد ظهرك فيه، يقوى ساعدك، بيرافقك لولا الخطر مالي الطريق
وإن كان دهرك في صديقك ساعدك خير من مال الدني وكنز العتيق
دولاب الدهر
لو معك دولاب عز الدهر دار ما بيفضى منزلك ليل ونهار
بيكثروا الأصحاب أشكال ونمر بياكلوا خبزك وملحك والبهار
وكّلهم بالأمر، لو شخصك أمر بينفذوه إن كان عا قفز الشوار
وعندما بتفضى جيابك والكمر ما تعود تقشع لا كبار ولا صغار
مثل شجرة الـ حاملة كانت ثمر وراح موسمها وعليها الدّهر جار
هيك الدني: طلعة ونزلة، والبشر مش إلك إلا بيوم الانتصار
إلى الكثير من قصائده وأبياته الشعرية، أوردت مجلة «البيدر» في عددها 537 538 تموز آب 1969 ، التالي:
الأخ قاسم نجد شاعر موهوب، حاد الذكاء، سريع الملاحظة، يرتجل الزجل بسرعة فائقة وله في هذا المضمار مواقف رائعة وهو لا يزال ينظمه منذ أكثر من نصف قرن.
وفي العدد 551 كانون ثاني- 1971 نشرت تحت عنوان «وفاة الشيخ سليمان محمد نجد»، ما يلي:
«في العاشر من كانون ثان الجاري توفي في «العبادية» الشيخ الجليل سليمان محمد نجد والد الشاعر الزجلي المعروف قاسم نجد. وعلى رغم أن الفقيد كان قد أوصى بأن يقتصر النعي على بلدته فقد توافدت جماهير غفيرة سمعت بالنبأ، من مختلف المناطق، وكان مأتم حافل للراحل العزيز ظهر الاثنين في 11 الجاري.
وُلِد الشيخ أبو قاسم سليمان محمد نجد عام 1880، وبلغ الحادية والتسعين وهو في تمام عقله الراجح وذهنه الصافي وذاكرته المدهشة وتمتعه بالصحة الكاملة إذ لم يحتج طبيباً أو دواءً كل حياته، وقد اشتهر بالتقوى والتسليم التام إلى مشيئة الله وإطاعة وصاياه، كما ضرب المثل بمعاملته المثالية لوالده حتى في الحرب العالمية الأولى وما جرّته من عسر وسوء أحوال على بلادنا، فكان يعمل ويكد ويجاهد ويزرع ويقطع الأكل عن نفسه أحياناً ليقدم إلى والده ما كانت تشتهي نفسه. فلا عجب إذا أنجب ابناً عامله كما عامل هو والده، وهو الأخ العزيز الشاعر قاسم نجد المتصف بأسمى السجايا، وهكذا لا يترك الله عملاً من دون مكافأة أو مجازاة.
أحب الشيخ أبو قاسم العمل فقضى حياته مجاهداً فيه. واتصف بطيب السريرة ونقاء النفس وعفة اللسان ومحبة الناس، كما اتصف بالحكمة والحديث الجذاب وما كان يرويه من أحداث تاريخية جرت في أيامه وما سبقها».
هوامش:
1 – يوسف تاج: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع التالي www.ssnp.info
2 – فريد شكر: كان طبيباً للأسنان، متولياً مسؤولية أول منفذ عام لمنطقة المتن الأعلى. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى الموقع أعلاه.
3 – أمين عنداري: أمضى حياته في فنزويلا، متولياً مسؤولية العمل الحزبي في منطقة التيغري El tigre نعد نبذة عنه وعن شقيقه الرفيق الشاعر سليمان.
4 – سليمان حسن سلطان: والده حسن، وهو جد الرفيق أنيس، كان شاعراً معروفاً، ومن الأصدقاء المقرّبين للشاعر خليل سمعان، والد «شحرور الوادي»، أسعد خليل. توفي يوم ولادته وكان في الثمانية والتسعين من عمره، متمتعاً بصحة لافتة. فقد كان، وهو في هذا العمر، «يُدخل الخيط في ثقب الإبرة دون نظارات». للشاعر حسن سلطان قصائد عديدة لو جُمعت لصدرت في ديوان ضخم. عُرف بـ «أبو أمين». أولاده: امين وسليمان وسلطان.
5 – أنيس أمين سلطان: من الرفقاء الناشطين في بلدة العبادية. تولى أكثر من مرة مسؤولية العمل الحزبي فيها.
6 – يروى أنه عندما بدأ يتمكن من الكلام، راح يتحدث أنه من بعقلين، و«يذكر اسمه السابق، موضحاً أنه كان يملك مطحنة ومحلاً للحدادة. أخذه والداه إلى بعقلين، وعندما وصل كان هو دليلهما إلى البيت الذي كان فيه، سابقاً، وعندما وصلوا تعرّف إلى زوجته، وأولاده، وسأل عن الكثيرين من معارفه وأقربائه. وكان كلما التقى أحداً من جيرانه كان يتحدث إليه بمعرفة، كأنه لم يبارحه».
يضيف الرفيق أنيس، في إحدى المرات، وكان «أولاده» في زيارة له، في منزل سليمان نجد، تطرقوا إلى الخلاف الناشب مع جيرانهم حول حدود ملكية عقاراتهم. كان شاعرنا قد بلغ 7 8 سنوات، فأكد لهم أنه يستطيع أن يحددها لهم.
«بعد أيام قليلة قام أهله بزيارة بعقلين. فور وصولهم إليها، طلب من «أولاده» ان يجمعوه بجيرانهم في الأرض. تمّ ذلك، وتوجهوا جميعهم إلى الأراضي، فحددها لهم تفصيلاً، ورضي الجميع بذلك».
7 – يفيدنا الرفيق انيس سلطان أن العبادية كانت البلدة الثانية، بعد زحلة، في إنتاج العنب، وكانت 10 إلى 12 شاحنة تنقل يومياً إلى بيروت إنتاج البلدة من خضار وفاكهة.
نحن ننقل ما أورده لنا الرفيق أنيس سلطان، من دون أن نتبنى ذلك أو ننفيه، مع احترامنا الكامل لكل من يؤمن بانتقال الروح، وهو أمر عالمي، له فلاسفته وكتابه ومؤسساته ومئات الملايين من معتنقيه. وبالتالي فهو ليس أمراً يخص الموحدين الدروز وحدهم.