السعودية تكابر اليوم وتخضع غداً

بالنسبة إلى السعودية يبدو انّ التمسك بالزمن الجميل أولوية اساسية لا يمكن التخلي عنها في هذه الأيام، لأنّ هذا الزمن بالنسبة اليها هو جرعات الاوكسيجين القادرة على بث الامل بعودة زمن لن يعود.

هذا الزمن الذي تحاول المملكة العربية السعودية التمسك به ليس سوى زمن ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي بين الدول الغربية وإيران، وهو الزمن الذي كانت ايران فيه مقيّدة و محاصرة تخضع لعقوبات من هنا وهناك، وتواجه مصير حلفائها الغارقين بمشاكل وأزمات كبرى، وتسعى إلى إيجاد حلول وترسل سلاحاً وعتاداً من أجل الدفاع عن مكانتها ومكانة حلفائها.

هذا الزمن الذي كانت فيه السعودية مملكة مالكة امتدّت سلطتها من أول الخليج حتى آخره، ووصلت إلى أفريقيا حيث مصر الدولة العربية التي طالما نافستها على الزعامة في العالم العربي، ولم تستطع الصمود أمامها جراء كلّ ما عكسه من قوة ترجمه الدعم الاميركي لها في نفوذ وسلطة ومكانة امتدت لعقود.

تخسر السعودية اليوم المكانة هذه، ويخسر معها حلفاؤها اي أمل بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والواضح انها لم تقرّر حتى الساعة الاعتراف بانّ الاقتناع بأنّ متغيّراً ما قد حصل، وأنّ هناك ضرورة قصوى للاحتفاظ بمكانة تساعد النظام السعودي على الصمود في وجه ايّ خطر قد يكون داهماً خصوصاً الإرهاب الذي بدأ باستهدافها من دون ان تكون هناك ضمانات بأن لا تعمّ الفوضى او الارتباك الشارع السعودي وتهدّد البلاد.

وفي السياق كانت لافتة حركة الزوار الذين التقى بهم الملك السعودي، فكان غير مألوف ان يستقبل في اليوم نفسه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، في مشهد يكشف انّ السعودية تحاول تجميع أوراق قوتها في وجه إيران في كلّ ساحاتها، وكأنها تريد ان تقول تريد ان الاتفاق النووي الإيراني ليس فترة تسويات كما تفترضها ايران ومعها حلفاؤها، وليس الفترة التي تخضع فيها السعودية للمتغيّر الجديد من دون محاولات إثبات انّ نفوذها ليس ركيكاً او هشاً، وليس الفترة التي تعلن السعودية استسلامها السياسي امام دور يجعلها تابعاً، وبالتالي أعلنت السعودية وسط تكثيف حركة اللقاءات بأنّ الوقت وقت مواجهة وسعي لاعادة ترتيب الاوراق.

حزب «القوات اللبنانية» بالنسبة للسعوديين هو الطرف المسيحي الذي كانت ترغب بتمتين العلاقة معه، بغض النظر عن تيار المستقبل الذي يعتبر بالنسبة إليها تحصيلاً حاصلاً في لبنان، ويبدو انّ تقوية موقف «القوات» هي أحد أجزاء المرحلة المقبلة على الساحة اللبنانية، فيكون جعجع في الواجهة، اما بالنسبة إلى حماس فيبدو انّ تحذيراً سعودياً وصل اليها بأن لا تفتح الخطوط لأيّ حوار مع الايرانيين وكلّ هذا يتكامل مع الإنزال في عدن…

السعودية تكابر اليوم وتخضع غداً.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى