تقرير
كتب إيتان هابر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:
إن لم أكن مخطئاً، فقد كان هذا السناتور الأميركي العجوز، جورج آيكين، الذي في ذروة الوحل الفيتنامي، حين كان الجنود الأميركيون يسقطون كالذباب في الغابات هناك، اقترح بصوت واع: «هيا نعلن عن النصر ونعود إلى الديار». بمعنى أن ننصرف من هذه الحرب اللعينة. وبعد ذلك، على مدى السنين، كانوا يقتبسونه من الذاكرة. قوة عظمى مثل أميركا الكبرى لا تهرب من الحروب. كما أنه لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأن تخسر.
الناس في «إسرائيل» ممن يسألون الآن، بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران «ماذا سيكون؟»، ينبغي أن يعرفوا وأن يتذكروا أن أميركا لا تسمح لنفسها بأن تخسر. في أسوأ الأحوال، لا تنتصر وتعلن عن النصر. هذه أميركا. وهذا ما تفعله الان. مع أن الرئيس أوباما لا يركع أمام صورة بنيامين زئيف هرتزل في غرفة نومه كل صباح ولا شك أن لا صورة كهذه هناك ، ولكنه ملتزم، كأسلافه، بوجود دولة «إسرائيل» وأمنها. من الاتفاق مع إيران خرج مرضوضاً ومضروباً نسبياً، ولكنه أعلن عن النصر، ولدينا أنباء لنا جميعاً: هو رئيس الولايات المتحدة، وهو الذي يقرر سياسة بلاده، خيراً كان أم شراً، على رغم أنه مسموح بالتأكيد الجدال معه. كما أنه هو الذي يحاول ان يصرف حاملة الطائرات الكبرى هذه التي تسمى الولايات المتحدة إلى مسارات لم تكن معروفة لنا حتى الآن ومعناها هو عدم التدخل في الحروب غير الضرورية.
والآن يسأل الجميع: حسناً، ماذا نفعل الآن؟ لنفترض للحظة، وليس فقط للحظة، أن الولايات المتحدة مخطئة وليست محقة في موضوع الاتفاق مع إيران. ماذا إذن؟ هل سنقصف البيت الابيض؟ ولنفترض للحظة، للحظة فقط، أن الكونغرس الأميركي سيرفض الاتفاق مع إيران. ماذا سنفعل هذا النصر؟ هل سيذهب الروس في أعقاب الأميركيين فيلغوا الاتفاق؟ هل سيتوقف الصينيون من دون حراك؟ هل سينشد الفرنسيون «المارسيياز»؟ وهل سيتبدد الاتفاق وكأنه لم يكن، وهل ستكف طهران عن تخصيب اليورانيوم، وإضافة أجهزة الطرد المركزي وبناء القنابل والصواريخ النووية؟
إمكانية أخرى هي ان نقول ان الأميركيين أجروا بالفعل مفاوضات غير ناجحة، بأقل التقدير، وأنهم مخطؤون، وسذّج لا بل أغبياء. ولكن هذا هو الواقع المرير ومن المتعذر أو من الصعب جداً تغييره. هم لن يرفعوا علماً أبيض. ومن يفكر عندنا انهم سيفعلون ذلك لا يعرف أولئك الذين هم مستعدون غداً أو حتى الآن أن يقولوا لأميركا ما نفكر به عنها، وبالأساس عن رئيسها. وهذا ما سيحصل على ما يبدو في الايام وفي الاسابيع المقبلة: «الإسرائيليون» سينزلون إلى حياة الأميركيين.
إمكانية أخرى هي الاعتراف بالواقع، ولكن عدم التسليم به. ألا نحاول إهانة الادارة الأميركية بل أن نبتز حتى النهاية عذابات الضمير لديها في أعقاب التوقع على الاتفاق. هذا يعني أن نطلب وسائل قتالية لم نجرؤ حتى على الحلم بها ونحاول أن ننزع من الأميركيين اتفاقاً بدفاع مشترك. بتعبير آخر: كل هجوم إيراني على «إسرائيل» سيكون وكأنه هجوم إيراني على نيويورك أو واشنطن. نحن معنيون بحلف دفاعي موقع كهذا منذ سنين، وواشنطن ترفضه جيئة وذهاباً. نقرر ألا نخرج الروح للرئيس ومنتخبيه، وهم يحافظون علينا من كل ضرر. الموقع أعلاه مستعدّ لأن يتنازل عن الكبرياء الوطني في هذا الشأن. نعلن اننا انتصرنا ونعود إلى الديار بسلام.