أوباما يوزع للحلفاء شهادات حسن سلوك ويجني مكاسب التفاهمات…
سعدالله الخليل
بعكس عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن استحوذ القرار 2231 والذي صادق على اتفاق فيينا حول الملف النووي الإيراني على أهمية واهتمام بالغين، ووصف بالقرار التاريخي والحاسم في مسار العلاقات الإيرانية ـ الغربية، خاصة أنه يلغي سبعة قرارات سابقة من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بما ينهي حقبة العداء المعلن ويرسم لعقود مستقبلية عنوانها التعاون، وإنْ كان بمفردات مختلفة في الشكل بين واثق من سلوك طهران ومراقب لصدق نواياها… وهو ما لا يغيّر في جوهر الاتفاق الذي وضع قطار العلاقات الغربية ـ الإيرانية على سكة الانطلاق.
المتابع لتصريحات الصفّ الأول لساسة الغرب يدرك حجم الجرأة التي امتلكوها لقول وترديد وجهة النظر التي لطالما تمسّكت بها طهران خلال سنوات التفاوض بانعدام البدائل عن الاتفاق وصعوبة الخيارات الأخرى المطروحة في حال فشل التوصل إلى الاتفاق، كبدائل الحرب الشاملة أو التعايش مع تعاظم قوة إيران النووية بما يفتح المجال أمام تحوّلها إلى المجالات العسكرية ما يعقّد المهمة أمام الغرب بالتوصل إلى اتفاق.
نجحت طهران في اقتناص مكاسب الاتفاق وحافظت على سياستها بدعم الحلفاء واستبَقت القرار بالتمسك بدعم الحلفاء، في حين فشلت واشنطن عبر المفاوضات بوضع الملفات كافة في السلة النووية، في المقابل فرضت على المجتمع الدولي التعامل مع ملف العقوبات كسلة واحدة متكاملة يترتب على أي خرق من أي طرف انهيار الاتفاق ككلّ، وهو ما يقطع الطريق على أيّ رئيس أميركي قادم إعادة النظر بالاتفاق والسير في ترتيبات العودة إلى زمن العقوبات.
بالتزامن مع المصادقة على اتفاق فيينا في نيويورك كان الأميركي يطوي صفحة أخرى من مواجهة لا تقلّ شراسة عن مواجهة الملف النووي تتمثل بإعادة العلاقات مع كوبا بعد أكثر من خمسين عاماً من حصار اقتصادي سياسي لمجموعة الجزر الكوبية مارست خلالها واشنطن أبشع أنواع الحروب الاقتصادية والسياسية دون أن تتمكن من كسر إرادة الكوبيين، فما كان منها إلا الامتثال لمبادرة البابا فرنسيس لإنهاء القطيعة مع كوبا.
تنهي واشنطن عهود الحروب كما أعلن رئيسها باراك أوباما بأنه لا حروب في سياسته تجاه الشرق الأوسط، وهو ما يبدو في الشكل صحيحاً بالخروج من العراق والتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي وعدم التورّط بشكل عسكري مباشر في الحرب على سورية، إلا أنّ المضمون لم يكن بالضرورة محض دبلوماسيّ، في أغلب الأحيان خاضت المفاوضات على صفيح ساخن في أكثر من جبهة في سورية واليمن والعراق وبأدوات محلية تارة وخارجية تارة أخرى إلى حين الوصول للحظة إقرار الحقيقية والتي فرضت السير في التسويات.
في غمرة الاحتفالات والتي غاب عنها حلفاء واشنطن الإقليميون ربما لدهشتهم أو لخيبتهم التي استدعت من السيد الأميركي إرسال وزير دفاعه أشتون كارتر لتقديم ضمانات بأنّ الاتفاق ليس موجّهاً ضدّها بما يشبه شهادة الدكتوراه الفخرية التي تمنح في نهاية الخدمة لا تسمن ولا تغني من جوع في بازار السياسة والأمن والاقتصاد.
نجح الغرب وإيران في جني ثمار الاتفاق السياسية والاقتصادية، وحافظت طهران على سياساتها وحلفائها وخرجت أدوات الحرب الإقليمية بسواد الوجه وشهادة حسن سلوك أميركية فحواها شكراً لتعاونكم حظاً أوفر في المرات المقبلة… صديقكم الوفي باراك حسين أوباما.
«توب نيوز»