«العودة» الاستراتيجية بين حزب الله وحركة حماس
روزانا رمّال
ليست اللقاءات التي عُقدت بين مسؤولين مركزيين عن حركة حماس وحزب الله في لبنان عقب التصريحات الإيرانية الواضحة الموقف لجهة دعم الحركة «كحركة مقاومة»، واللقاءات معها، سوى مؤشر أكيد على ترتيبات سياسية جديدة في المنطقة.
كانت الأزمة السورية سبباً أساسياً في توتر العلاقات بين دمشق وحركة حماس، وتصدّع العلاقة في مكان ما مع حزب الله في لبنان.
لم ينظر إلى الحركة في لبنان في غير مرة النظرة نفسها من جمهور حزب الله وباقي حلفائه، إلى درجة اللجوء الى بعض حديث عن تخوين من هنا أو هناك ساهم في توتر الوضع الأمني في الضاحية أو غيرها من المناطق.
ليس جلوس حركة حماس مع حزب الله في لبنان، أو إعادة «إصلاح ما تصدّع» هو «تحصيلٌ حاصل»، باعتبار أنّ إيران من خلال كبار مسؤوليها قبل حزب الله التقوا الحمساويين وأصدروا مواقف واضحة حول العلاقة الإيجابية معها أخيراً، فحزب الله ركن أساس في «معادلة القتال»، وحزب الله ركن أساس في أزمة سورية التي كان اختلاف الرؤية والموقف حيالها سبب الأزمة بين حركة حماس ودمشق.
بعض التقارير تحدّث عن تورّط حركة حماس على نحو مباشر في أعمال عسكرية في صفوف المعارضة السورية، ومن غير المستبعد أن تكون المواجهة الميدانية المباشرة حصلت بين حزب الله وعناصر من الحركة أو مؤيدين لها في سورية، و بين حزب الله وحركة حماس حساب طويل، وبينهما الكثير عمّا حصل في سورية بين أسرار وتورط مباشر وغير مباشر وكواليس ميدان طويل عريض وقنوات وخرق استخباري من هنا ومن هناك، فإسقاط الأسد واعتباره ديكتاتوراً وطاغية لم يكن شعاراً رفعته الحركة فحسب ولا أمنية ولا موقفاً أو تصريحاً عابراً، لأن رؤية الحركة المقاومة إلى الصراع مرتبطة برؤية حركة «الإخوان» المسلمين عامة، الممتدّة الى مصر، ووراءها تركيا جارة سورية اللدود بنظامها الحالي. لذلك فإن حركة حماس منغمسة فيه فعلاً وقولاً، فالهدف كان توسيع دائرة نفوذ «الإخوان».
عودة العلاقة «الجيدة» – إذا نضجت – بين حزب الله وحركة حماس كحركتين مقاومتين منغمستين الواحد ضدّ الأخرى في الصراع السوري حتى «النخاع»، ولو رفضت الحركة الاعتراف بأي تدخل، هي بلا شك عودة استراتيجية وترتيب سياسي إقليمي جديد رتب على إيران التوسط لإصلاح ما تهدّم، بعدما أدركت الحركة أنّ العزلة تلاحقها بفشل مشروع «الإخوان المسلمين» تماماً. هذه الوساطة تتمّ انطلاقاً من حرص إيران على دعم الحركات المقاومة وتعزيز نفوذها في مواجهة «إسرائيل» والغرب.
لم تقطع إيران يوماً علاقتها أو تصوّب نحو جماعة «الإخوان المسلمين»، لا في مصر ولا في علاقتها بحلفائها الأتراك ولا حتى القطريين، فهي تعرف جيداً أنه سيأتي اليوم الذي يُعاد فيه ترتيب الخريطة السياسة بعد فشل المشروع الغربي على سورية من زاوية استعصاء فك الربط بين أركان حلف المقاومة، أي من زاوية حساباتها بعدم القدرة على كسر المحور المتكاتف، وبالتالي لا مناصّ من دعم حركة حماس أو احتضانها مجدداً بسبب وزنها الرئيسي وثقلها كرمزية مقاومة فلسطينية.
مرحلة سياسية جديدة بدأت ستنسحب بالتأكيد على لبنان بجميع استحقاقاته، فالحكومة الفلسطينية التوافقية أنجزت، وهي وحدها مؤشر على تواصل سعودي ـ إيراني منسّق لا يلبث أن يرخي بظلاله على الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فعلى هذا المنوال لو طال الفراغ قليلاً لا يبدو انه سيطول كثيراً… وإذا كانت العلاقات الجدية ستعود فعلاً لا مجاملة بين حزب الله وحركة حماس فإنّ السؤال الباقي هل ستعود مثلما كانت؟ وهل ستكون مقدمة لعودة الحركة الى دمشق؟