أميركا تطمئن «إسرائيل»… حزب الله «منظمة إرهابية» ولا جديد

روزانا رمّال

لا يبدو أنّ الولايات المتحدة كانت مستعدة لمواجهة الرأي العام «الإسرائيلي» بصورة تجعل منها راعية رسمية للاتفاق النووي الإيراني والذي قدم إيران قوة شرعية أمام العالم وهي تقف متفرجة أمام انهيار معنويات الحليف الأساسي في الشرق الأوسط، فكان أن حضّرت الإدارة الأميركية كلّ شيء من أجل التعاطي مع هذا الأمر منذ اللحظة الأولى للاتفاق.

نشطت الإدارة الأميركية وأجهزة استخباراتها الأسبوع الماضي وجهزت كلّ ما هو مطلوب لتقديم شرح مفصل عن وضع الحلفاء في المنطقة بعد توقيع التفاهم، وأرسلت مسبقاً جداول الترضية للبيت الأبيض ورؤيتها للحلول وامتصاص نقمة الحلفاء وأبرزهم «إسرائيل»، نظراً لوجود قوى أميركية صهيونية قادرة على خلق مناخ يسيء إلى الحزب الديمقراطي الأميركي أمام الرأي العام، قد يؤثر سلباً على كلّ مساعي أوباما وتمهيده لأرضيات فوز حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بغضّ النظر عن كمية الخلافات بين تل أبيب وواشنطن والتي لا يمكن البناء عليها جزافاً لجهة علاقة سيئة دائمة أو سيئة موقتة تعتمد على أشخاص وليس على استراتيجيات، رغم أنّ الولايات المتحدة قالت هذه المرة، بتقدمها نحو إيران، أنّ مصلحتها فوق أي اعتبار.

تحركت طائرات فريق أوباما السياسي والأمني بسرعة نحو «إسرائيل» والعراق، وقريباً نحوالخليج لشرح ما جرى لكنّ تحركها السريع كان نحو «إسرائيل» أولاً.

وذكرت صحيفة «إندبندت» أنّ الولايات المتحدة الأميركية، قامت بعرض شحنة كبيرة من الأسلحة على «إسرائيل»، مقابل سكوتها عن إبرام الاتفاق ولشراء ودّها، وبالفعل اجتمع المسؤولون الأميركيون مع مسؤولين «إسرائيليين» لهذا الغرض في تل أبيب، فكشف النقاب عن صفقة سلاح ستحصل عليها «إسرائيل» كان من الصعب حصولها عليها لأنها تتضمن سلاحاً لا يملكه سوى الجيش الأميركي حول العالم، بغضّ النظر عن تفاصيل الصفقة، لكنّ المحصّلة أنها كانت لفتة أميركية رمزية تعبِّر فيها عن أنها ما زالت تحتضن «إسرائيل» عسكرياً وتقدم كلّ أشكال الإيحاء إلى العالم والجوار بأنها جزء من أمنها الاستراتيجي في المنطقة.

إلا أنّ «إسرائيل» لم تكتفِ بذلك، حيث علت أصوات تطالب الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادتها على هضبة الجولان، عبر وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان، وذلك ضمن رزمة التعويضات التي ستقدمها الولايات المتحدة الأميركية لحليفتها «إسرائيل» بعد توقيع الاتفاق النووي، معتبراً أنّ «المحادثات لا يجب أن تكون مقتصرة على المروحيات العسكرية فقط، بل يجب أن تتضمن أيضاً قضايا سياسية ذات طابع استراتيجي مثل السيادة الإسرائيلية على الهضبة».

القضايا السياسية التي تحدث عنها أردان ولا تدخل ضمن إطار الدعم العسكري المباشر والذي وضعه في إطار الطابع الاستراتيجي السيادي، تتقدم سلم أولويات القيادة «الإسرائيلية» لكن يبدو أيضاً أنّ الابتزاز ورفع سقف المطالب مشهد حضرت له واشنطن جيداً لتعلن وزارة الخزانة الأميركية قراراً فيه بعض من التكرار لكنه يرسل رسالة إلى «الإسرائيليين» توقيتاً ونوعاً بالتزاماتها الأخلاقية تجاهها، وتطميناً بأنّ واشنطن التي وقعت اتفاقاً مع طهران تفصل بينه وبين أي ملف مباشر يتهدّد أمن «إسرائيل»، فكان أن فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على ثلاثة من رموز وقادة حزب الله ورجل أعمال لبناني بتهمة قيامهم بأدوار بارزة في العمليات العسكرية في سورية، نسقوا أوشاركوا في الدعم العسكري لحكومة الرئيس بشار الأسد في الحرب الدائرة في سورية حسب تعبيرها، أما العناصر فهم مصطفى بدر الدين وابراهيم عقيل وفؤاد شكر، وهم مسؤولون عسكريون في حزب الله، أما الشخص الرابع وهو رجل الأعمال عبد النور شعلان، فتهمته شراء أسلحة للحزب وشحنها إلى سورية.

أي إعلان يتضمن موقفاً أميركياً تجاه حزب الله ليس سوى رسالة إلى المعنيين في «إسرائيل»، إلا أنّ توقيت هذا الإعلان بعض ما فيه قديم جديد، وخصوصاً ما يتعلق بمصطفى بدر الدين، وهو جزء من التطمينات عن أي لبس قد تأخذه الأبحاث والتقارير والتحليلات التي تحدثت عن أنّ حزب الله بالنسبة إلى الولايات المتحدة، في وقت قريب، قد لا يصبح إرهابياً بل شريكاً في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وخصوصاً ضمن الخطة الأميركية المفترضة، بالتعاون مع إيران، فوقفت واشنطن لتقول: «لا يزال حزب الله وعناصره بالنسبة إلينا إرهاباً «.

كلّ هذا لا يمنع أن تستغلّ جهات إقليمية حليفة لأميركا متضرّرة من الاتفاق ملف العقوبات على هؤلاء العناصر بتفعيل القضية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والمقصود السعودية فيكون ملفاً خطيراً يُحضَّر للبنانيين متوازياً مع التصعيد السعودي المتوقع في الساحة اللبنانية، كورقة ضغط على إيران وحلفائها، بغضّ النظر عن نجاح تلك المحاولات أم لا…

وبين التعاون مع النظام الإيراني الداعم للإرهاب، بالمنظور الغربي، وبين حلفائه تطمئن أميركا «إسرائيل» وتقول: «بالنسبة إلينا ستبقى منظمة حزب الله منظمة إرهابية ولا جديد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى