كاتبة «حرائر» تثير جدلاً حول نهاية العمل باسل الخطيب لـ«البناء»: لم نأتِ بأيّّ إضافة إلّا بعلم عنود الخالد

آمنة ملحم

على رغم كلّ الأصداء الإيجابية القوية التي حصدها مسلسل «حرائر» منذ حلقاته الأولى، والذي اعتبره أهل الفن والنقاد والمشاهدون انتصاراً لصورة المرأة الدمشقية، بعد محاولات التشويه التي ألحقتها بها مسلسلات البيئة الشامية على مدى سنين عدّة، رسّخت عبرها صورة المرأة الخانعة المنصاعة لأوامر «ابن عمّي تاج راسي» داخل حدود منزلها فقط، وفي إطار عباءة سوداء لا يحقّ لها حتى أن تظهر عينيها من خلفها، كي لا تقوم قيامة «قبضايات» حارتها، الذين ربّما يقيمون الحدّ عليها.

أما اليوم، ومع إسدال الستارة عن الحلقة الأخيرة من «حرائر»، يبدو أن كاتبة العمل عنود الخالد لم تكن راضية عمّا قُدّم على الشاشة. فاندفعت ـ وهي التي أعلنت مع بداية التحضير له أن نصّها في أيدٍ أمينة ـ لتعلن موقفاً جديداً من العمل عبر منبرها «الفاسيبوكي»، إذ كتبت: «أودّ أن أتحدّث للمرّة الأولى عن المسلسل بشكل عام. مسلسل حرائر عملٌ كُتب خلال مدّة تجاوزت سنتين ونصف السنة، استندت فيه إلى مراجع كثيرة من كُتُب ومقالات ومواقع إلكترونية. كان الهدف منه تقديم نساء سوريات حقيقيات قدّمن لبلدهن ما لم يقدّمه الرجال. ومنذ بداية العمل كنت متعاونةً مع كل ما يتطلّبه العمل وأكثر. وكان هذا التعاون غير الملزمة به يأتي على حساب ظروف صعبة كنت قد مررت بها. ولكن مع ذلك، لم أتقاعس عن تفضيل مصلحة مسلسلي على رغم كلّ الظروف».

ولمّحت الخالد بعدم رضاها التام عن الصورة التي ظهر بها نصّها فتقول: «لم أشأ أبداً منذ بداية العرض أن أبدي أي ملاحظة من الممكن أن تسيء للعمل بغضّ النظر عن مدى قناعتي بما ظهر على الشاشة. لكن أن تُقدَّم الحلقة الأخيرة بهذه الصورة وبهذا التحريف، فهذا ما لم أستطع السكوت عنه. وبالعودة إلى متابعي المسلسل، أحبّ أن أخبركم أنّ الحلقة الأخيرة كانت مكتوبة لنعرف فيها ما قامت به نازك العابد بعدما توّجها الملك فيصل برتبة نقيب شرف في الجيش السوري، وهي المرأة الأولى التي تحصل على شرف كهذا عام 1920، ثمّ خرجت نازك إلى ميسلون لتقيم مستشفى ميدانياً تعالج فيه الجنود المقاتلين الذين وقفوا في وجه المستعمر الفرنسيّ». وتوجّهت عنود الخالد باعتذارها من جمهور العمل على نهايته وتقول: «أعتذر اعتذاراً كبيراً من روح نازك العابد التي استُبدل عملها الكبير بحكاية سخيفة عن وردة لا أعرف من كتبها، ولمصلحة من كُتِب عنها. وأعتذر من المتابعين لأنني لم أستطع أن أوصل لهم أفكاري وجهدي كما أردت».

وتوجّهت الخالد إلى مخرج العمل بالشكر لجهوده المبذولة، لكنّه يعدّ المعنيّ الأول بانتقادها. وأكد باسل الخطيب لـ«البناء» أن كلّ إضافة إلى العمل، أوتي بها بعلم الكاتبة، وكانت موضوعةً بصورة هذه الإضافة.

وأوضح الخطيب موقفه من انتقادات الكاتبة بنقاط عدّة ذكرها. إذ لفت إلى أنه، وبعد قراءة السيناريو، وضع جملة ملاحظات في خصوص الجزء الأخير منه. إذ تراجعت الخطوط الدرامية للشخصيات الرئيسة لمصلحة سلسلة مشاهد ذات طابع تاريخيّ إخباريّ، تتضمّن مغالطات تاريخية أوضحها يومذاك لعنود. منها مسألة مَنح الملك فيصل وساماً فخرياً لنازك العابد بعد مشاركتها بمعركة ميسلون. فقد كان فيصل أوّل الفارين من الشام بعد سقوط ميسلون واستشهاد يوسف العظمة، ولم يكن بوارد منح أيّ أوسمة وقتذاك. ويقول الخطيب: «ثم إنه، وبغضّ النظر عن الواقعة التاريخية، ليس مقبولاً اليوم، بالنسبة إلينا كسوريين، أن نختم مسلسلاً يتحدّث عن تحرّر نساء الشام وتنوّرهن، بمشهد لملك حجازيّ معروف باتصالاته السرّية مع اليهود اتفاقية فيصل ـ وايزمن ، وموافقته على إعطاء فلسطين لليهود ـ يمنح فيه وساماً لمناضلة سورية كنازك العابد التي ربما لو قدّر لها أن تحيا من جديد، فستتنازل عن هذا الوسام الذي لم ولن تكون بحاجة إليه كشهادة حُسن سلوك ووطنية!».

وتابع الخطيب: «مقابل هذين المشهدين اللذين ألغيتهما، طلبت من عنود، وتعزيزاً لوجود نازك العابد في جزء غابت فيه عن الأحداث، إضافة خطّ دراميّ كامل لها، وقد قامت مشكورة بهذه الإضافات بروح متعاونة عالية». أما بالنسبة إلى حكاية وردة «السخيفة» وفقاً لوصف كاتبة العمل، فنوّه المخرج بأنها بالتأكيد بحاجة إلى قراءة أكثر تعمّقاً، وبعيدة عن أيّ مواقف مسبقة. «حكاية وردة ليست سوى سرد آخر لما يشبه حكاية بسيمة، بطلة العمل، إنّما من وجهة نظر مأساوية ومفجعة. وردة، امرأة لم يُكتَب لها أن تلامس هذا الشعاع التنويري الذي حظيت به بسيمة، ما جعلها قادرة على الثبات والمواجهة واختيار مصيرها كامرأة حرّة. وفي موتها إجابة واضحة على كلّ ذلك». وختم الخطيب تعليقه على ما حصل قائلاً: «على رغم كلّ هذه الاختلافات في وجهات النظر، فأنا أعتزّ بهذه التجربة. حرائر يشكّل استكمالاً لمشروعي حول المرأة السورية، تعاون معي في إنجازه فريق رائع من الفنانين والفنيين، وقد سعدت بالتعاون مع السيدة الكاتبة عنود خالد، وأكنّ لها المودّة والتقدير، ولديّ ثقة بأنها من خلال أعمالها في المستقبل، ستقدّم إضافة لافتة إلى الدراما السورية».

وفي محاولة للتواصل مع الكاتبة عنود الخالد، اكتفت بالردّ والتعليق على كلام الخطيب بعبارة: «أحترم كلام المخرج… وبس!».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى