كارتر طمأن «إسرائيل» فماذا عن باقي الحلفاء…؟

سعد الله الخليل

كما كان متوقعاً تشهد المنطقة موجة حراك سياسي عقب توقيع اتفاق فيينا حول النووي الإيراني بعناوين مختلفة في الشكل متفقة في المضمون، وما يدور في كواليس السياسة لجهة إعادة ترتيب التوازنات الدولية وإدارة الملفات الكبرى في المنطقة في ظلّ الاعتراف الدولي بأهمية الاتفاق النووي الإيراني.

في زحمة الزيارات والجولات برزت جولة وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إلى المنطقة، والتي أعلن البيت الأبيض أنها تأتي لطمأنة الحلفاء بأنّ الاتفاق النووي لن يضرّ بعلاقات واشنطن مع شركائها الإقليميين ورأس حربتها في الحرب على إيران.

بالرغم من أنّ العنوان العريض للزيارة نقل رسائل الطمأنينة وراحة البال، إلا أنّ فحوى الرسائل تقرأ من عناوينها، فكارتر الذي قضى في تل أبيب ما يفوق الوقت الذي قضاه وسيقضيه في باقي محطاته، أكد أنّ أمن «إسرائيل» سيبقى في رأس أولويات واشنطن واستبق لقاءه مع نتنياهو بتعزيز التعاون العسكري مع «إسرائيل»، كاشفاً عن منح تل أبيب مضادات للصواريخ وتقنيات الأمن المعلوماتي خلال لقاء نظيره موشيه يعالون.

في الأردن قضى كارتر جلّ وقته بزيارة جنود دول التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضدّ تنظيم «داعش» في قاعدة جوية، وجدد التزام بلاده و«إسرائيل» بمواجهة ما وصفه النفوذ الإيراني في المنطقة، مشدّداً على العمل مع «إسرائيل» وشركاء آخرين في المنطقة للمواجهة.

كلام كارتر يكشف حقيقة الزيارة، فحين تستحوذ «إسرائيل» على الجزء الأكبر من كلمة كارتر أمام ضباط من ست دول وتوصف باقي الدول بالشركاء الآخرين، فإنّ ذلك يعني أنّ المعني الأول من الزيارة «الإسرائيلي» وليس أيّ طرف آخر.

من الأردن إلى السعودية حطت طائرة كارتر التي استبقها المتحدث باسم «البنتاغون» جيفيري مارتن بالتأكيد أنّ كارتر سيطلع حلفاء واشنطن في المنطقة على الضمانات التي ستحول دون حصول طهران على السلاح النووي، فما الجديد الذي سيحمله كارتر لدول الخليج طالما أنّ بنود الاتفاق النووي تتضمّن الحيلولة دون امتلاك طهران أية أسلحة نووية، وأنّ آليات تنفيذ القرار تضمن التنفيذ الدقيق تحت إشراف المراقبين الدوليين بالتزامات دولية صارمة وأية ضمانات غير معلنة يقدّمها كارتر لأصدقائه غير ما تمّ الاتفاق عليه في قمة كامب دايفيد بضمان أمن دول الخليج من أي اعتداء عليها وهو ما يعني تفعيل صفقات الأسلحة والتي سبق أن رتبها سماسرة الأسلحة الأميركية في المنطقة لتحريك سوق السلاح في واشنطن واستنزاف المزيد من مالية الخليج المنهكة أصلاً بانخفاض أسعار النفط.

وطالما أنّ جولة كارتر ستستكمل ما تداوله حديث أوباما للخليجيين في كامب ديفيد فإنّ رسائل كارتر لن تخرج من سياق أجوائها حين حذر أوباما زواره من الخطر الداخلي الذي يفوق خطر النووي الإيراني وهو ما يضع معارك الخليج ضدّ إيران ومواجهة عقود في خانة الوهم والعبثية السياسية والإغفال عن العدو الحقيقي المتمثل بالداخل والقابع في أفكار الشباب المشتّت بين ضياع التيارات المتطرفة التي نمّت الأنظمة الخليجية تواجدها، وبين ساخط ومستاء جراء سياسات قيادات مهترئة عاجزة عن تلبية طموحات وتطلعات الأجيال الشابة في الخليج وهو ما يحوّل جولات طمأنة الحلفاء إلى جلسات لجرد حساب يدفع فيها الحلفاء العرب أثمان فشلهم في إفشال مشروع الاتفاق النووي الإيراني.

منذ عقود والسياسة الأميركية في المنطقة قائمة على حقيقتين لا ثالث لهما أمن «إسرائيل» كأولوية واستنفاذ الحلفاء في حروب واشنطن وتحميلهم مسؤولية فشلهم بتنفيذ تعهّداتهم قبل تركهم يلطمون وينوحون فيما يتنعّم هو بمكاسب خططه البديلة الحاضرة دوماً.

جلسات الطمأنينة ستتحوّل جردة حساب ودفع أثمان وفي أحسن حالتهم سيخرج حلفاء واشنطن بخفي حنين أو بضخ المزيد من الدولارات في الخزائن الأميركية من بوابة التسلّح العبثي.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى