أردوغان والأكراد… هل حانت ساعة المواجهة أخيراً؟
توفيق المحمود
ها هي تركيا تتذوق من كأس الإرهاب الذي سهلت له ودعمته طيلة السنوات الماضية في سورية وذاقت تفجيراً هز كيانها القلق في بلدة سروج الحدودية واتهمت به تنظيم «داعش». أشعل هذا التفجير الداخل التركي وبدأ الشعب يعي منذ فترة غير وجيزة الحقائق حول كل الدعم، وفتح الحدود الذي مارسته تركيا لدخول عشرات آلاف التكفيريين من «داعش» وغيره إلى سورية، ما ساهم في تأجيج الأوضاع والإمعان في القتل وإطالة الأزمة.
منذ ثلاث سنوات كانت تركيا بوابةً مفتوحة لدخول الإرهابيين الذين أتوا من كل مكان من هذه الأرض تحت ما يسمى «الجهاد في سورية»، فالدعم التركي كان واضحاً لتنظيم «داعش» الإرهابي، لكن الجميع تفاجأ بتهديد «داعش» تركيا بدفع الثمن باهظاً بسبب ملاحقة السلطات التركية عناصر الجماعة واعتقال من يشتبه بانتمائهم لها، والدليل التفجير الذي حصل منذ أيام وأوقع 30 قتيلاً وحوالى 100 جريح في مدينة سروج التركية ذات الغالبية الكردية.
صحيفة «توداي زمان» التركية ونقلاً عن موقع ما يسمى «دار الخلافة» نقلت تهديد «داعش» لتركيا بقوله إن تركيا بقتالها «داعش» تستعد لنهايتها وستدفع ثمناً باهظاً لأفعالها، فهذا التهديد نفذ وانقلب سحر أردوغان على بلده. أردوغان الذي كان يدعي بأنه ضد تنظيم «القاعدة» وأن بلاده مهددة من قبله كشفه فيديو نشر في آذار الماضي ويظهر كلام أحد الجنود الأتراك مع أحد الإرهابيين وأثبت للجميع عكس ما يدعي به أردوغان ويثبت بأن تركيا ما زالت وراء دعم هذا التنظيم الإرهابي.
الرد على هذا التفجير والدعم اللامحدود لهذا التنظيم، جاء من حزب العمال الكردستاني الذي تعمد تبني استهداف ضابطين من الجيش التركي يقومان بتسهيل مرور الإرهابيين من وإلى داخل سورية وأعلن عن استعداده للتصعيد في مواجهة سياسة «حزب العدالة والتنمية».
اتهم الحزب الحكومة بالمسؤولية عن مجزرة «سوروتش» في الأراضي التركية الذي أعلنها أنه انتقل من دعم الكُرد في سورية ضد «داعش»، إلى قتال أجهزة الاستخبارات التركية التي تدعم «داعش»، فأردوغان الذي حرّك الجيش على الحدود مع سورية، ورأى أن كُرد سورية يهدّدون الأمن القومي التركي حاول مراراً وتكراراً التدخّل لإنشاء منطقة عازلة، لكنه اصطدم بمعارضة أميركية لمنع توسّع النفوذ التركي وخرق التوازنات الإقليمية لكنه لم يتحرك حين اقترب «داعش» من ارتكاب مجازر في عين عرب «كوباني».
عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا هدد في السابق عند هجوم «داعش» على عين عرب، من أن عملية السلام بين حزبه والدولة التركية ستنتهي إذا سمح لإرهابيي «داعش «بارتكاب مجزرة في كوباني فهل يكون تبني مقتل الضابطين رسالة للحكومة بأن عملية السلام انتهت؟
بالتزامن مع ذلك أعلن البيت الابيض أن الرئيس الأميركي ونظيره التركي اتفقا خلال اتصال هاتفي على العمل معاً لوقف تدفق المقاتلين الأجانب وتأمين حدود تركْيا مع سورية في محاولة منه لتهدئة الوضع الداخلي، لكن يبدو أن الوضع الداخلي التركي يتجه نحو الانفجار وبخاصة بعد نهاية الجولة الأولى من المشاورات التي أجراها أحمد داوود أوغلو، المكلف تشكيل الحكومة الائتلافية، من دون أن تسفر عن أي نتائج في شأن تشكيل الحكومة الجديدة، واللافت أنه بعد انتهاء الجولة الأولى من مشاورات أوغلو مع قادة الأحزاب، بدأ الترويج لفكرة الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، حيث ذكرت وسائل الإعلام التركية الرسمية أن أوغلو أجرى اتصالات مع رؤساء مكاتب حزب «العدالة والتنمية» في جميع الولايات التركية، ووجه بالاستعداد لانتخابات برلمانية مبكرة، على رغم تأكيده الاستمرار في مشاورات تشكيل الحكومة. كذلك أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه «في حال فشل جميع المحاولات الرامية لتشكيل حكومة ائتلافية، فستتم العودة لأخذ رأي الإرادة الوطنية في انتخابات مبكرة».
اخيراً هل يدفع أردوغان ثمن تورطه في سورية وجرائمه مرتين في الانتخابات وفي الأمن؟ وهل يغير التفجير سلوك تركيا ضد سورية؟ تبقى الأجوبة مرهونة في المقبل من الأيام.