المشنوق: البحث عن مطامر مستمر والحلّ خلال 15 يوماً!

راوحت النفايات مكانها في بيروت وضاحيتيها الجنوبية والشمالية، لكن آثارها السلبية تجاوزت صحة المواطن في هذه المناطق وبيئتها لتصل إلى السماء بفعل حرق جزء منها من جانب السكان في بعض الشوارع كما طاولت أضرارها قطاع الاتصالات بسبب امتداد الحرائق إلى عدد من كابلات الهاتف والانترنت التي تعطّلت جزياً وأعاقت حركة التواصل.

وخرج وزير البيئة محمد المشنوق من جلسة مجلس الوزراء أمس التي لم تفلح في ايجاد الحل، متجهماً، وأعلن أن البحث لا يزال مستمراً عن مطامر لنقل نفايات منطقة بيروت الادارية إليها، لكنه طمأن إلى أن ظاهرة النفايات ستنحسر وشركات ستبدأ بالعمل على الأرض خلال 15 يوماً.

وقال: «أمامنا موضوع كبير ودقيق جداً في المعالجة اليوم موضوع النفايات الذي نشأ إثر إقفال مطمر الناعمة وكيفية معالجة هذه النفايات وإيجاد مطامر لها».

وأضاف: «لقد عرضت هذا الموضوع أمام مجلس الوزراء بصفته حالة طوارئ بيئية في البلد لا يجوز نحن أن نتجاوز كل هذا من خلال مواقف نسمعها من كل الناس ولكن لا تصل إلى الأرض، على صعيد المطامر نحن واضحون، قرار مجلس الوزراء السابق يؤكد ضرورة إيجاد مطامر لمدينة بيروت وضاحيتيها خارج هذه المنطقة وفي المناطق اللبنانية وفق ما هو مؤمن او تجري دراسته من المطامر. هذا الموضوع عرضته أمام مجلس الوزراء وأكدت أننا سنسعى لإيجاد هذه المطامر في كل منطقة من مناطق لبنان وفي كل قضاء فيها، وهذا سيؤدي إلى حل هذه المشكلة».

وحيّا الجميع من رؤساء اتحادات بلديات ورؤساء البلديات «الذين استطاعوا تأمين مطامر أو مكبات موقتة لأن هذا الموضوع يساعد على تخفيف الأزمة، فهناك ما يناهز الـ22 ألف طن من النفايات الآن على الأرض وتحتاج الى آلية كاملة، لا نتحدث هنا عن آلية مجلس الوزراء هذه آلية عملية لنقل النفايات إلى مطامر موقتة».

وأمل من الجميع في كل المناطق ان يتيحوا لهذا العمل أن يتحقق في البلد، معلناً «أننا سنطلب مؤازرة جميع القوى الأمنية ووزارة الداخلية والمحافظين والقوى الأمنية في المناطق لمتابعة هذا الأمر معنا».

وعقد نواب العاصمة بيروت اجتماعاً في «بيت الوسط»، في حضور رئيس المجلس البلدي لبيروت بلال حمد، الذي أعلن أن المجلس البلدي اتخذ قرارين، ونواب بيروت يدعمون ما قام به المجلس، القرار الأول يقضي بمطالبة مقام مجلس الورزاء بأن تستمر شركة «سوكلين» بما كانت تقوم به قبل 18-7-2015، على صعيد بيروت الإدارية، ما عدا الطمر الذي توقف حتماً بتوقف مطمر الناعمة. أما القرار الثاني، فهو أننا نعدّ عقداً مع شركة خاصة تملك عقاراً أو أكثر خارج النطاق البلدي لمدينة بيروت، لأنه لا يوجد داخل المدينة عقار ضخم يمكنه أن يستوعب ما كان يطمر في الناعمة، على أن تقوم هذه الشركة باستلام بقايا النفايات وترميها أو تطمرها في موقع خارج المدينة. وهناك اتصالات مستمرة لتنفيذ ذلك بدعم من نواب العاصمة».

حرق النفايات

في غضون ذلك، راجت ظاهرة حرق النفايات للتخلص منها. وفي هذا السياق، أعلن فوج اطفاء مدينة بيروت في بيان «أن وحداته وضعت في حالة استنفار وجاهزية تامة، وقامت بعمليات إخماد أكثر من 140 حريقاً مفتعلاً في عدد كبير من مستوعبات النفايات والحاويات المنتشرة في شوارع مدينة بيروت ولا تزال تعمل إلى حين صدور هذا البيان».

وطلبت قيادة «الفوج» من المواطنين «عدم إضرام النيران في النفايات أو المستوعبات بقصد حرقها للتخلص منها لأن في ذلك ضرراً أكبر، إذ تنبعث الغازات وسحب الدخان السامة التي تؤثر سلباً على صحة عائلاتنا وأطفالنا، ناهيك عن خطر امتداد النيران إلى السيارات المتوقفة قرب المستوعبات والتي تؤدي في حال وصول النيران إليها الى كارثة كبرى لا تحمد عقباها». ووضع «الفوج» رقم النجدة 175 في تصرف المواطنين في المدينة على مدار الساعة للتبليغ عن أي حادث.

من جهته، أعلن المكتب الإعلامي لهيئة «أوجيرو»، في بيان، أنه «إثر قيام مواطنين بإحراق النفايات في بعض مناطق العاصمة بالقرب من ثلاث موزعات للهاتف في ميناء الحص ورأس النبع وبئر حسن ما أدى إلى إحراق موزعات أساسية وثانوية وانقطاع الخدمة الهاتفية الثابتة والانترنت عن 4000 خط تابعة لمشتركين في المناطق التي تغذيها هذه الموزعات مخلفة أضراراً جسيمة في الشبكة الهاتفية».

وأشارت إلى «أن «الفرق الفنية التابعة للهيئة بدأت بإصلاح الأعطال فوراً على رغم صعوبة العمل نتيجة تراكم النفايات بالقرب من الموزعات، راجية من المواطنين عدم رمي وإحراق أي من النفايات بالقرب من الموزعات الهاتفية التي ينعكس توقفها ضرراً على الحياة المعيشية واليومية للمشتركين في بيروت».

ودعت الهيئة الأجهزة المختصة إلى «ضرورة متابعة هذه الأعمال والاحداث واتخاذ الاجراءات اللازمة».

من جهة أخرى، استنكر المجلس البلدي لمدينة الشويفات في بيان «ما ورد عن بعض الفعاليات السياسية حول البحث والسعي إلى نقل نفايات بيروت والضاحيتين إلى الشاطئ البحري في منطقة خلدة – الأوزاعي الكوستابرافا والواقعة عقارياً ضمن النطاق البلدي لمدينة الشويفات، الأمر الذي نعارضه ونرفضه رفضاً قاطعاً، وكذلك فعاليات وأهالي المدينة».

واستنكر المجلس أيضاً «قرار بلدية مدينة بيروت بنقل المسلخ من بيروت إلى الشويفات»، مؤكداً «رفض بلدية الشويفات هذا القرار والعمل على منعه بالطرق والوسائل المشروعة والقانونية».

و أعلن المكتب الإعلامي للبلدية أن عمال قسم الأشغال في البلدية سيباشرون اعتباراً من صباح اليوم الجمعة، «بإزالة النفايات والأوساخ المرمية في شوارع المدينة وأحيائها. عسى أن تصل الدولة بمؤسساتها الحكومية والمختصة إلى حل سريع وشامل لهذه المشكلة».

وقد بدأ بعض البلديات في منطقة جبل لبنان، بكنس وجمع النفايات التي اجتاحت الشوارع. وفي السياق، لفت رئيس بلدية زوق مكايل شربل مرعب إلى «أننا نجمع النفايات في مكان بعيد من المناطق السكنية، أما النفايات في المناطق الصناعية فنبقيها مكانها ونرش عليها الكلس».

كذلك، حذر الرئيس السابق لبلدية صيدا عبدالرحمن البزري من الأنباء الواردة عن احتمال السماح بدخول نفايات من خارج منطقة صيدا إلى مكب ومركز معالجة النفايات في المدينة، معتبراً أنه «لا يحق لأي جهة أو طرف إعادة مشكلة النفايات الى المدينة التي عانت منها سنوات طويلة».

ودخلت المساجد المعركة بين الحكومة والبلديات، إذ وجهت دائرة الأوقاف في عكار أمس بياناً الى خطباء المساجد طلبت فيه إيجاد هامش في خطب الجمعة اليوم «لتناول موضوع نقل النفايات من بيروت وغيرها إلى عكار، وإظهار أهمية الوقوف جميعاً بكل أطيافنا ومكوناتنا، وعلى اختلاف الانتماء السياسي والحزبي والديني، لمواجهة هذا المشروع الذي فيه امتهان واحتقار لكرامتنا، وإلا فإننا سندفع الثمن غالياً».

حلول أهلية

من ناحيتها، أعلنت الحركة البيئية اللبنانية في بيان، ان رئيسها بول أبي راشد اجتمع مع النائب محمد قباني «لطرح حل بيئي وسهل لمشكلة نفايات بيروت الإدارية وهو كالاتي: ترسل نفايات بيروت الإدارية 450 طن/ يوم إلى معمل الكرنتينا في بيروت لفرزها يومياً قدرته الإستيعابية 1476 طن/يوم . يمكن استرداد 42 في المئة منها عبر التدوير والإسترداد الحراري ورق، كرتون، بلاستيك، زجاج، معادن، خشب، أقمشة وحفاضات فيستفاد منها مادياً. ترسل 53 في المئة منها 238.5 طن/يوم مواد عضوية للتسبيخ إلى معمل الكورال في بيروت الذي يستوعب 300 طن من النفايات العضوية يومياً. أما الـ5 في المئة الباقية فتتوزع بين نفايات خامدة Inertes يمكن طحنها وإعادة استعمالها في تعبيد الطرقات والبناء وإعادة تأهيل المقالع والكسارات المقفلة، وعوادم Ultimes يعمل على معالجتها واستعمالها في إعادة تأهيل المقالع والكسارات».

وفي هذا الإطار أيضاً، رأت رئيسة «حزب الخضر» ندى زعرور أن «الحل للنفايات يقوم على ركيزتين أساسيتين وعلى الدولة تحمل مسؤولياتها: أولاً بإعطاء الملف للبلديات، أي الذهاب نحو لا مركزية النفايات، لكن بإشراف من وزارتي البيئة والداخلية. ثانياً، عبر تحفيز القطاع الخاص الذي يُعنى بالتدوير».

وأضافت: «لا نريد تعقيد الأمور أمام الحكومة … إلاّ أنهم بدأوا خطأ، ودفتر الشروط الذي وضعوه كان فيه «عصي في الدواليب» إذ تركوا مهمة إيجاد المواقع للمتعهد، وهذا أمر صعب. وإن لم تحدد الدولة المواقع، أي متعهد لن يقبل بذلك. وبالفعل، عند فض المناقصات تبين أن أي شركة لم تتقدم في بيروت، لأن لا أرض! ما يعني أن المشكلة في الأرض، وعلى الدولة ان تضع يدها على بعض الأراضي بالتعاون مع البلديات».

أما في ما خص بيروت الادارية، فأشارت زعرور الى ان «العاصمة تُنتج 600 طن من النفايات يومياً فقط، ويمكن ان تضعها في هانغار اذا كان الهدف الجمع والفرز لبيعها لاحقاً، أما اذا ارادت الطمر، فلن تجد اراضي لذلك طبعاً! بينما في جبل لبنان اراضٍ كثيرة، واذا كان لا اراض لساحل جبل لبنان، فعلى اتحاد البلديات ان يتفق اننا لا نريد الطمر بل الجمع والفرز، وهذا يسهل المهمة ويسهل ايجاد الاراضي».

ولفتت الى «أن الحل بسيط إذا اوقفوا التفكير في جيوبهم، ويحتاج تعاوناً بين البلديات والحكومة»، معتبرة أنهم «يريدون وضعنا اليوم تحت الضغط وإرسالنا نحو الحرق الذي يعني الكارثة. فكل الدراسات التي تقوم بها الدولة ومستشارو وزارة البيئة، تقوم على الوصول إلى محارق، بينما توقفت كل الدول في العالم عن اعتماد هذا الخيار»، مستغربة طرح فكرة «تصدير النفايات علماً ان هذه النفايات تساوي أموالاً».

وأعلنت عن اطلاق «حزب الخضر» مسابقة للبلديات للفوز بجائزة «أفضل موقع لجمع وفرز ومعالجة النفايات المنزلية الصلبة»، على أن تنال البلدية الرابحة جائزة قيّمة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى