الكيان الصهيوني ودولة كردستان: المصلحة الكبرى

عامر نعيم الياس

يقول الباحث والكاتب الصهيوني إلياهو كامشر: «في العشرين من حزيران، رست ناقلة النفط SCF Atlai بهدوء في ميناء عسقلان. وعلى رغم أنها حاولت التستّر على هويتها، إلا أن النفط الذي كانت تحمله كان قد أتى من إقليم كردستان مروراً بتركيا».

طبعاً، ليست هذه هي المرة الأولى التي تشتري فيها الحكومة الصهيونية النفط ممّا يسمى إقليم كردستان العراق. لكن هذه العملية المنتظمة بين كيانين يحملان الحلم ذاته، ويسلخان الأرض بالطريقة ذاتها استناداً إلى رواية تاريخية، تجنّب كل ما قبلها من حضارات وشعوب وأمم سكنت المنطقة، والتبجح بالطابع العلماني للقوميتين المذكورتين على حساب قوميات استمدت أصولها من التسميات التاريخية للمناطق الجغرافية التي قطنت فيها. كل ذلك يثير عدداً من التساؤلات عن النزعة الصهيونية في دعم الحلم الكردي الانفصالي إلى ما لانهاية. لا بل أنّ كبار مسؤولي الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرّفة صرّحوا علناً وبشكل رسمي عن تبنّيهم فكرة إقامة دولة كردية في المنطقة، على عكس غالبية دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض رسمياً الحديث عن أيّ دولة كردية مستقلة في شمال العراق. إنما تشجّع فقط قيام كيانات منفصلة للحكم الذاتي تعتبر بمثابة قواعد أميركية ومرتكزاً لتفتيت الدول التي تضمّ المكوّن الكردي تحديداً، وتحت عنوان «المظلومية الكردية» إن لم نقل «الهولوكوست الكردي»، من دون أن يعني ذلك في أيّ حال من الأحوال، تبنّي الأميركيين إقامة أيّ شكل من أشكال الاستقلال الكردي في تركيا.

في الأسبوع الثاني من حزيران الماضي، أي بعد نحو عشرة أيام على وصول ناقلة النفط المحملة بالنفط الكردي إلى ميناء عسقلان المحتلة. دعا رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى «دعم تطلّعات الأكراد نحو الاستقلال». فيما دعت أيليت شاكيد وزيرة العدل الصهيونية المتطرّفة ومن على منبر مؤتمر «هرتزيليا»، إلى «تحالف إسرائيلي ـ كردي» معلنةً دعمها «إقامة دولة كردية».

الحلم الكردي لا يتوقف عند دولة كردستان العراق، إنما يتعدّاه إلى ما صار يُعرف في أدبيات الصحافة الغربية، خصوصاً الفرنسية، بـ«كردستان سورية». فالموقع الجغرافي الذي يرسم خريطة الدولة المفترضة للأكراد وإضافةً إلى اقتطاعه أجزاء حيوية من سورية الطبيعية، فإنه يتشارك في العراق تحديداً بحدود مشتركة مع الدولة الإيرانية، وهو ما يدفع النخب السياسية الصهيونية إلى دعم الدولة الكردية وتقوية شوكتها عبر عملية مشاركة صهيونية علنية في أنشطة الاستثمار وبناء البنية التحتية وتدريب القوى الأمنية في كردستان العراق.

وفي هذا السياق، يرى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في كردستان وبعض الدول العربية «محور تعاونٍ إقليمياً»، ليس فقط في الحرب الأميركية المفترضة على إرهاب «داعش»، إنما في لبّ الصراع على المنطقة بين محور المقاومة والمحور الإقليمي المضادّ، والذي لا يمكن للأكراد فيه أن يقفوا على الحياد، أقلّه علناً ورسمياً إلى ما لانهاية. فالفرز والاستقطاب ومحاولات إعادة رسم خريطة المنطقة، والتي ركبها الأكراد العراقيون منذ احتلال العراق، ويسعى اليوم الأكراد السوريون إلى الاحتذاء بها، خير دليل على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور مستقبلاً.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى