السياسة الأميركية… في مصيدة الديكتاتوريات الصهيونية
فاديا مطر
لقد أدى التقارب الاميركي ـ الايراني الى إغاظة الكثيرين من مرتزقة اللوبيات الحربية المنغمسة في مناقشات الكونغرس، والتي تتخذ من التفاهم النووي بُعداً انتخابياً يُحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة ويجعلها مصدراً لقرع طبول الحرب السياسية بين الديموقراطيين والجمهوريين في محاولة «جمهورية» لإظهار الإدارة الحالية في صورة الضعف والتشويه، فتجسدت هذه الحماوة في المناقشات التي واجهها وزير الخارجية الاميركي جون كيري وما تبعها من ردود قاسية خلال دفاعه عن الاتفاق النووي مع ايران في جلسة علنية للمرة الاولى في الكونغرس أول من أمس، أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ، لتكون أولى الاتهامات جاءت من رئيس اللجنة بوب كوركر بوصف كيري بأنه «تعرض للسلب»، وليكرر الجمهوري «جيمس ريش» المقولة من باب آخر بالوصف أن «الشعب الاميركي تعرض للخداع وسيدفع الثمن»، مما جعل وزير الخارجية الأميركي في حالة إستياء من المسائلة العدائية النبرة من قبل الجمهوريين غداة أجتماعات مغلقة أجراها لشرح تفاصيل الاتفاق، فهذه السخونة التي امتزجت في بعدها الانتخابي الواضح مع ما حققته إيران من نصر على المستوى الدولي أعطت إشارة واضحة فيه لفقدان «الساعة البيولوجية» دقتها في العلاقات الأميركية مع حلفائها الذين يشكلون منفعة استراتيجية وخصوصاً من يحتضنهم الحزب الجمهوري المنافس على أعلى مستوى سياسي في داخل الولايات المتحدة، والذي يُبرز على خلفية اتفاق «فيينا» النووي بين إيران والسداسية الدولية حجم ما أصبحت تمثله «إسرائيل» من عبء على الولايات المتحدة الأميركية، لأن الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة تقترب مع موعدها في ظل عجز الجمهوريين عن تقديم رؤية واضحة تقوم على الحرب أو تقديم مشاريع تسويات، وهو ما يجعل الحاجة ملحة للتزود بالوقود عبر إطلاق النار السياسية على الادارة الاميركية الحالية لكن من دون بدائل، فهو ما يجعل ايضا ًالتفاهم النووي مع إيران بندقية هذه الفرصة الذهبية التي كانت «اسرائيل» فيها تواقة إلى ان تقود الحملة على التفاهم النووي سعير الخلافات الداخلية الأميركية على اي بعد، خصوصا ًالبعد السياسي الخارجي الذي انطلقت منه الولايات المتحدة في تفاهمها النووي مع إيران والذي تلقت الحملة ضده دعما ًمباشراً من اللوبي الصهيوني والمتشددين بعد عداء طويل مع إيران، ودعماً ضمنياً لـ «اسرائيل» في أضوائها الخضراء تجاه ما مثلته السياسة العامة الاميركية تجاه العالم العربي والاسلامي، فهو ما لعبت فيه المصالح الحيوية الاميركية لعبتها بمعزل عن الالتزام الاميركي لـ «إسرائيل» نفسها، والتي تعتبر هذا الاتفاق تخلياً عن القلق الاميركي تجاه إيران، وفقداناً للروابط الوثيقة الاميركية رغم كل ما فعلت «اسرائيل» من أعمال لإحباط الاتفاق النووي والتي ليس آخرها الأعمال التجسسية ضد الولايات المتحدة أكثر من أي حليف آخر، فهذا ما جعل الحملة ضد الاتفاق النووي تتلقى دعم الجماعات الدينية والعرقية العنصرية المتطرفة في «اسرائيل» وحتى في داخل الجسد الأميركي، الذي بات يقف أمام «شك» آخر تجاه القيمة الاستراتيجة «الاسرائيلية» في منظور الولايات المتحدة والتي باتت محاصرة «بدكتاتوريات» لوبية تدعم أصواتاً داخلية مقنعة تتلقى دعماً «اسرائيلياً» مسرفاً من المفاهيم في شكل لا يتطابق مع المفهوم الاميركي «للديمقراطية»، الذي بدأت اللوبيات الصهيونية محاربته ببندقية التفاهم النووي والانتخابات الاميركية المقبلة، ليتضح حجم العداء والخبث «الاسرائيلي» من منظور التصرف الفعلي للممارسات «الاسرئيلية» التي يصعب التعرف إليها وهي تقف في ظل أفعالها مع وجود محيط عربي لا يختلف عنها من جهة المنظور نفسه كثيراً، والذي يقود أرهاباً لم تمارسه حتى «إسرائيل» في خدمة مصالحها الاستراتيجية، فهو ما يفسر وجود لوبي صهيو ـ عربي يمكن أن يدخل على خط المنفعة الاستراتيجية الصهيونية مستقبلاً .