الزعبي مثّل الأسد في رعاية افتتاح «المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب التكفيري»: التنظيمات الإرهابية لا تنمو منفردة من دون أيّ سند أو غطاء أو تمويل أو مرجعية

دمشق ـ البناء

برعاية الرئيس السوري بشار الأسد انطلق المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب التكفيري في دار الأسد للثقافة والفنون في العاصمة السورية دمشق، بحضور شخصيات سياسية وثقافية وإعلامية من سورية ولبنان والمغرب وإيران ومصر وعدد من الدول الداعمة لموقف سورية في مواجهة الإرهاب.

ولفت وزير الإعلام عمران الزعبي في كلمة ألقاها، ممثلاً راعي المؤتمر، إلى أنّ التنظيمات الإرهابية «استخدمت بشكل مبرمج أسلحة غربية متطورة وصواريخ ومدافع جهنم ومواد كيميائية سامة ضدّ مناطق مأهولة بالمدنيين من دون أي رادع أو وازع». وتساءل: «كيف عبر آلاف الأجانب إلى سورية لقتل شعبها وجيشها وتدميرها، ومن أين وصل السلاح الحديث والمحرم إلى التنظيمات الإرهابية والمال الذي استخدم للتجنيد والتسليح والتدريب، عدا عن أساليب بيع النفط وتهريب الآثار؟ ولصالح من حصل كلّ ذلك»؟

ورأى «أنّ تنظيمات إرهابية بهذا الحجم والقدرة لا تنمو منفردة من دون أي سند أو غطاء أو تمويل أو مرجعية».

المعلم

وفي الجلسة الأولى، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم «أنّ الحاجة إلى إقامة تحالف إقليمي ضدّ الإرهاب كبيرة، وخصوصاً فى ظلّ فشل التحالف الذى أنشأته الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي»، لافتاً إلى «أنّ دول الجوار لم تنفذ قرارات مجلس الأمن فى مكافحة الإرهاب، لذلك فإنّ أي جهد لمكافحة هذه الظاهرة سيبقى غير فاعل فى حال عدم تنفيذ تلك الدول القرارات الدولية».

جنتي

وأكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني الدكتور علي أحمد جنتي، بدوره، «أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقفت وستقف إلى جانب الشعب السوري لأنها إلى جانب الحقّ والعدل والمظلومين». وقال جنتي: «إنّ هذا المؤتمر يشكل فرصة للتفكير والتعلم ومدّ الجسور مع أصحاب الرأي وللاطلاع على تجاربهم القيمة بهدف التوصل إلى مقاربات ثقافية واجتماعية والبحث عن حلول لإيقاف ظاهرة التطرف والعنف المشؤومة التي زرعتها التيارات التكفيرية».

قاسم

واعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «أنّ سورية تواجه عدواناً دولياً إقليمياً يستخدم التيار التكفيري لتغيير اتجاهها السياسي من محور المقاومة إلى المحور الأميركي ـ الإسرائيلي».

وأضاف: «إنّ سورية، بقيادتها وجيشها وشعبها، أثبتت أنها عصية فكسرت مخطط تغيير الاتجاه ولم يعد بالإمكان أن تسقط سورية أو تتجه خارج دائرة محور المقاومة»، موضحاً «أنّ محور المقاومة شارك إلى جانب سورية بكلّ فخر واعتزاز ووضوح في التصدي للمؤامرة في حين اختبأ أولئك الذين دعموا التكفيريين وراء ما يقومون به». وأشار قاسم إلى «أنّ الاتفاق النووي بين دول العالم الكبرى وإيران هو اعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم من دون أن تغير طهران مواقفها المبدئية».

وختم قاسم مؤكداً «أنّ محور المقاومة هو من يواجه، بثبات وجهد، التيار التكفيري الذي سيسقط قريباً». وقال: «إنّ إعلام المقاومة يملك رصيداً مهمّاً في أنه إعلام الحقائق وتقديمها بحرفية وسرعة، والحقيقة قادرة على أن تكشف زيف الآخرين».

شعبان

وفي الجلسة الثانية، أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية الدكتورة بثينة شعبان «أنّ ما فعلته العصابات الصهيونية في فلسطين منذ ستين عاماً إلى اليوم يكاد يكون نسخة طبق الأصل لما تقوم به العصابات التكفيرية وما يقوم به داعش والنصرة وأخواتهما في عالمنا العربي»، مشيرة إلى «أنّ هدف الهجمة الشرسة التي تتناول سورية هو تغيير جذري لهذه المنطقة».

وجدّدت شعبان تأكيد «استعداد سورية للتعاون والتنسيق والتحالف لهزيمة الإرهاب وبناء الأوطان، بالطريقة التي تناسب قيمنا وأخلاقنا وديننا وحضارتنا العريقة التي نعتز بها كي نكون أبناء لهذه الأرض».

وفد« القومي»

وقد شارك في أعمال المؤتمر وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ وكيل عميد القضاء بسام نجيب وعضو المكتب السياسي طارق الأحمد، وقدم الوفد مجموعة من المقترحات من بينها ورقة عمل قدّمها الأحمد بعنوان: التسليف والمرجعية الإعلامية في الجلسة الثانية التي ناقشت دور الإعلام الصديق أثناء الحرب ، وسوف تنشر البناء نصها الكامل مطلع الأسبوع المقبل.

سعادة

وكانت لـ«البناء» لقاءات خلال المؤتمر مع عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية المشاركة، وفي هذا الإطار، رأت عضو مجلس الشعب السوري الدكتورة ماريا سعادة «أنّ العمل السياسي لا يمكن إلا أن يستند على حاجات المجتمع السوري». وقالت: «من هنا دعونا الشهر الماضي إلى ورشة عمل للاستماع إلى صوت مجتمع غُيّب عن طاولات المشاورات الدولية لوضع رؤيته والحلول ولإيصال صوته، وما نتج عن هذه الورشة كان مدهشاً بالنسبة إلي لأنّ المجتمع السوري قادر على إيجاد الحلول، فهو الذي يعاني ويحتمل أعباء الحرب ونحن في مؤتمر دولي للإعلام، والإعلام دوره ليس إيصال صوت الأنظمة السياسية، إنما صوت المجتمعات بمصداقية تامة، فكما الإعلام سلاح في الفكر وسلاح في الكلمة هو وسيلة لنقل صوت المجتمع. كما أنّ البرلمان هو صلة المجتمع بمؤسسات الدولة، لذا نعول كثيراً على إعلامنا وبرلماننا للوصول إلى إعادة الهيكلة المجتمعية».

وتابعت سعادة: «هذا المؤتمر يجمع أشخاصاً من كافة أنحاء العالم على منصة واحدة لذا نأمل أن تخرج كلمة صادقة وفاعلة في الوقت نفسه، ولا أعتقد أن تبقى الدول التي دعمت الإرهاب في سورية، وهي دول أعضاء في الأمم المتحدة، منتهجة نفس الطريق المعادي لسورية، وخصوصاً بعد توقيع إيران اتفاقاً نووياً مع الغرب، والذي سينتج عنه ميزان جديد للمنطقة».

حاطوم

واعتبر المسؤول الإعلامي المركزي في حركة أمل مدير عام إذاعة الرسالة الدكتور طلال حاطوم «أنّ الإعلام هو الوجه الآخر للمعركة»، لافتاً إلى «أهمية التكامل بين الميدان العسكري والإعلامي، لشرح وتوضيح الحقائق التي يحاول الإعلام المعادي طمسها وبثّ سمومه في عقول المواطنين والرأي العام». وأضاف: «علينا أن نتكامل وأن نجد رؤية استراتيجية واضحة لإعلام قادر على أن يكون رديفاً في المعركة وسنداً لأبطال الجيش السوري، وللشعب السوري بأكمله، لمواجهة عدوين خطرين هما العدو الإسرائيلي والعدو الإرهابي التكفيري اللذان يشكلان وجهان لعملة واحدة».

ورأى حاطوم أنّ «سورية اليوم قادرة في هذه اللحظة السياسية الصعبة التي يمرّ بها الوطن العربي والعالم الإسلامي على إثبات قدراتها، عبر هكذا فعاليات وهكذا حراك إعلامي، وهذا دليل قوة ودليل على أنّ سورية تخطو في طريق النصر، ويبرهن المؤتمر أنه لا يوجد إعلام حيادي ولا موضوعي، فالإعلام إعلام قضايا وسورية لديها قضية محقة وعلى الإعلام أن ينشر هذه القضية للرأي العام».

برهان

وتحدث نقيب أشراف ريف دمشق الشيخ فادي برهان لـ«البناء» عن استغلال رسالة الدين الإسلامي السامية وتشويه تعاليمه، وقال: «كان لا بدّ من حماية هذه الرسالة وتوضيح النهج الإسلامي المعتدل في سورية عبر مشاركة شيوخ الدين الإسلامي وإيصال صوت الإسلام الحقيقي».

وأضاف: «سورية أجدر الدول لإطلاق هكذا مؤتمر لأننا منذ بداية الحرب ونحن ننادي بأنّ ما يصل هو إرهاب وليس ثورة للمطالبة بالحرية والديمقراطية، وبعد خمس سنوات من هذه الحرب استفاق العالم وأكد فكرتنا واقتنع بأنّ هذا إرهاب وليس ديناً، وإن كانوا صادقين فعليهم أن يمدّوا يدهم لسورية لمواجهته وأن يتحالفوا معها للوقوف وقفة واحدة لردعه وصده، لقد استغل الدين في سبيل الإرهاب وكلّ شيء في العالم له وجه إيجابي ووجه سلبي وليس الدين فقط، لذلك فإنّ واجب رجال الدين أن يكون دورهم توعوي أكثر من ذلك وأن ينتقلوا من قضية الوعظ الأخلاقي إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو الدفاع عن صورة الدين الإسلامي السامية والمحُبّة، ونحن لم نقف مكتوفي الأيدي خلال هذه السنوات الخمس الماضية، فقد أصدرت وزارة الأوقاف «فقه الأزمة مقابل فقه الفتنة»، وأقامت عدداً من المشاريع التوعوية التي كان لها دور بارز على مستوى العالم الإسلامي فلم يدع أحد قبلها في العالم الإسلامي إلى تغيير وتطوير الخطاب الديني وهذا امتياز مشهود للوزارة، فحتى منظمة العمل الإسلامي لم تتجرأ على إطلاق هكذا مشروع».

يمّين

وعن الأفق السياسي للمشاركين في المؤتمر وتوقعاتهم للوصول إلى حلول للوقوف في وجه الإرهاب التكفيري عبر المؤتمرات، قالت عضو المكتب السياسي في تيار المرده فيرا يمّين: «أنا حاضرة بشكل دائم في سورية لكنني أشعر اليوم باكتفاء أكثر و بفرح أكبر لأنّ كلّ ما سوّقنا له بالمعنى الإيجابي خلال السنوات الماضية أعتقد أنّ المجتمعات العربية والإقليمية وحتى الدولية باتت مقتنعة بنظرتنا الملامسة للمصداقية ولم تخرج أبداً عن الموضوعية. سورية اليوم في أزمتها هي الملتقى بينما دول أخرى كانت تعتقد نفسها أنها الملتقى هي اليوم مأزومة. العمل الإعلامي، في رأيي، لا يقلّ أهمية عن العمل الميداني والعسكري، فما تقوم به البندقية يكمله الفكر والحبر والقلم ومن حقّ البندقية علينا أن نرتقي إلى مستواها وأن نذهب لنترجم الإنجازات العسكرية لرجال الجيش السوري ولرجال المقاومة إعلامياً وثقافياً وفكرياً، وورشة اليوم تؤسِّس لمرحلة مقبلة عسانا نلتقي على أهمية تطوير هذا الفكر لأنه إذا استطعنا تطهير الأرض، ونستطيع ذلك كما نلمس، إذاً فلنطهر الفكر كما نطهر الأرض».

الأحمد

ورأى عضو المكتب السياسي للحزب الناصري المصري الدكتور محمد السيد الأحمد، من جهته، «أنّ التنظيمات التكفيرية هي إحدى آليات المشروع الصهيوـ أميركي لتفتيت المجتمعات العربية وضرب سورية وتقسيمها من الداخل». وقال لـ«البناء»: «حين يرى هذا المشروع مقاومة حقيقية، وخصوصاً من الجيوش العربية الرئيسية كالجيش السوري والمصري، هنا تبدأ محاولاتهم الفاشلة في إرسال رسائل تدلّ على أنهم قادرون على زعزعة أمن واستقرار المجتمعات من الداخل، فتزداد العمليات الإرهابية والتكفيرية برعاية الراعي الأول للإرهاب في العالم أي الولايات المتحدة الأميركية».

وأضاف: «الآلية التي يعتمدها هذا المشروع هي الجنرال إعلام وهو ذو دور هام جداً، وقد تمّ استخدامه في عدد من الدول العربية فاعتمدوا على تزييف وعي المواطن العربي بما يحدث داخل البلدان العربية الأخرى لذلك كان من المهم أن يردّ الإعلام المقاوم والشريف على هذا الإعلام المأجور الخادم للمشروع الصهيوـ أميركي والمشروع التكفيري».

وتابع الأحمد: «مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تكون فقط بالمواجهة المسلحة أو العسكرية، لكن لا بدّ أن يكون هناك أفكار ودعم اجتماعي واقتصادي وثقافي».

مرتضى

ورأى مدير مكتب قناة العالم في دمشق الإعلامي حسين مرتضى أنّ «مجرد الاجتماع بهذا المستوى الرفيع من التمثيل السوري والمقاوم، هو دليل على طبيعة التعاون لمكافحة الإرهاب». وقال لـ «البناء»: «خلال جلسة خاصة مع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال لي إنّ المطلوب ليس أن نتحدث في الإعلام عن هذا التعاون وطبيعته وإن كنا نأتي إلى سورية دائماً أو زيارات، وأوكد أنّ التعاون جار من كلّ النواحي وبكلّ التفاصيل، لكن يتطلب الأمر أحياناً من الناحية العسكرية والأمنية والتخطيط، أن يكون اللقاء بعيداً عن الإعلام، ومجرد الصمود يعني تكاتفاً وتعاوناً، فلا يمكن لأي دولة الصمود بمفردها، لا إيران يمكنها أن تصمد من دون محور المقاومة، ولا سورية، وفي المقابل لا يمكن للمقاومة في لبنان أن تصمد من دون دعم إيران وسورية».

لطف

وأكد الإعلامي رفيق لطف «أنّ المعركة السورية في بدايتها تختلف عن معركة اليوم، لأنها كانت عبارة عن بروباغندا إعلامية وأكاذيب يستطيعون من خلالها خداع الناس والوصول إلى عقولهم بإعطائهم صورة محرّفة، أما اليوم فقد اختلف الوضع كلياً، فأغلب الذين اتبعوا سابقاً سياسة ضدّ سياسة الدولة أصبحوا اليوم حياديين، لن نقول مع الحكومة. ومن كان حيادياً أصبح يدعم الحكومة السورية لأنه رأى بأم العين وتيقن أنها بروباغندا، لذلك فالمعركة اليوم باعتقادي هي نقل صورة أداء الجيش السوري من أرض الواقع بشكل صحيح، والحرب النفسية اليوم هي أكثر استخداماً، ومن واجبنا، كإعلاميين، الارتقاء إلى مستوى ما يقدمه الجيش السوري على الأرض، من ناحية المونتاج والإخراج والتصوير والتغطيات الإعلامية».

وبالنسبة إلى الأساليب والأدوات التي يجب استخدامها من أجل الانتصار على الإرهاب، قال لطف: «الحرب علينا اليوم من جهة تتكلم باسم الدين الإسلامي وتجعله سلاحاً تقتل به الناس، لذلك اعتبر أنّ جزءاً أساسياً من الانتصار هو تحريض علماء الدين على الردّ القاسي عليهم، فإذا تجمع هؤلاء العلماء من كافة المذاهب والأديان وأنكروا هذا التنظيم وهذا الفكر والاعتقادات، لا شك في أنّ ذلك سيكون له وقعه على أرض الواقع».

نصّار

وقالت الباحثة المصرية في الإنفوبولوجي الثقافية دعاء صالح ابراهيم نصار لـ«البناء»: «أعتقد أنّ كلّ الشعب المصري كان يطمح إلى خطوات تقاربية رسمية بين مصر وسورية من بعد 30 يونيو، واحساسنا وإيماننا العظيم بأنّه لولا الشعب السوري ولولا مواجهته للإرهاب لما صمدت سورية».

وأضافت: «هذه حرب لم يسبق لها مثيل في العالم تواجهها سورية لمدة خمس سنوات وننتمى أن تكون الخطوات أكثر سرعة باتجاه سورية، وأعتقد أنه لا يوجد أي قيادة سياسية في أي دولة قادره على أن تناوئ شعبها، ونحن نرى ما يحدث في اليمن وهذا مشهد يجعل أي قيادة تراجع مواقفها من الانحياز الكامل تجاه رأي مجموعة الخليج العربي التي كنا نطلق عيها منذ زمن جمال عبد الناصر مجموعة الرجعية العربية وأعتقد أنّ القيادة السياسية لا بدّ لها أن تنتقي هذه اللحظة واعتقد أنّ الرئيس السيسي يقول أنا مع ما يقوله الشعب السوري والشعب أراد الرئيس بشار الأسد قائداً له بنسبة 90 في المئة من الكتلة الانتخابية».

وطالب الكاتب في صحيفة الأهرام المصرية إبراهيم سنجاب، بدوره، «بتنسيق إعلامي بين مصر وسورية وإعلام المقاومة بشكل عام في المنطقة ككلّ. هذا الإعلام الذي يتمسّك بالهوية العربية والقومية ويحافظ على الشعوب من التشرذم».

تغطية: سعد الله الخليل، رانيا مشوح، نيرمين فرح وهيا عبدالله

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى