بين «الجند» و«الأحرار»… الفتنة تقترب!
حسين حمّود
شكلّ اغتيال القيادي في حركة فتح وقائد كتيبة شهداء شاتيلا في قوات الأمن الوطني الفلسطيني العميد طلال بلاونة الملقب بطلال الأردني في مخيم عين الحلوة، صدمة كبيرة للفصائل الفلسطينية، ما عدا التنظيمات الإسلامية المتطرفة بمختلف توجهاتها، ورفعت منسوب التوتّر في المخيم وكذلك المخاوف على مصيره بعد استشراف مصادر أمنية فلسطينية قرب تنفيذ مخطط تدميري كبير لـ«عاصمة الشتات» الفلسطيني على غرار ما شهده مخيم نهر البارد، عام 2007.
الأوساط الفلسطينية توقفت عند ملابسات عملية الاغتيال التي قتل فيها أيضاً أحد مرافقي الأردني وجرح فلسطينيين آخرين، ملاحظة أنها نفذت في وضح النهار أثناء مرور الأردني بالقرب من مستشفى النداء الإنساني جنب نادي ناجي العلي في الشارع الفوقاني من المخيم، بعد اجتماع للقيادة السياسية الموحدة للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية. وأن منفذي الجريمة وهم من تنظيم «جند الشام» كانوا مكشوفي الوجوه وليسوا ملثمين ما يعني أن التنظيم يريد رفع درجة المواجهة إلى أعلى مستوياتها، مقترباً بذلك من لحظة التفجير الواسع للمخيم، خصوصاً أن معلومات ترددت عن أن قائد «جند الشام» بلال بدر هو بنفسه من أطلق النار على الأردني.
وربطت الأوساط بين اغتيال الكادر العسكري الفتحاوي المحسوب على القائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان العميد محمود عيسى «اللينو»، ولقاء الأخير مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب منذ نحو أسبوعين في مخيم عين الحلوة، وتركز، بحسب مصادر فلسطينية، على الوضع الأمني داخل المخيم وتنسيق الجهود بين مختلف القوى الفتحاوية، على رغم خلافاتها التنظيمية والسياسية، العميقة. ومعلوم أن «اللينو» مطرود من حركة فتح بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك لمناصرته ما يسمى «الحركة الإصلاحية» التي يقودها محمد دحلان في رام الله، بينما يترأسها «اللينو» في مخيم عين الحلوة.
واعتبرت المصادر أن الاغتيال لم يستهدف هذا التقارب بين جناحي «فتح» فحسب، بل محاولات جمع الشمل الفلسطيني برمته للحفاظ على أمن المخيمات ومواجهة مشاريع الفتنة التي تعد لها، ولا سيما مخيم عين الحلوة لإزالة معالمها وشطب حق العودة إلى فلسطين المحتلة.
لكن هل الفتنة ستوقظ في المخيمات فقط؟
يبدو أن المخطط أبعد من ذلك، في ظل التهديدات الآتية أيضاً من وراء الحدود وتحديداً من سورية بواسطة التنظيمات الإرهابية القريبة من تنظيمات «جند الشام» و«فتح الإسلام» و«كتائب عبدالله عزّام» في لبنان و«جبهة النصرة»، المنضوية، إن عقائدياً أو عسكرياً وأمنياً، تحت مظلة تنظيم «القاعدة». فقد جدّدت ميليشيا ما يسمى «أحرار الشام» تهديداتها بالنيل مما تصفه بالأقليات ليس في سورية فقط بل في لبنان أيضاً إذا لم تلتحق بركب الإرهابيين، متوعدة أيضاَ «بإسكات» عدد من قيادات الأحزاب الوطنية، إذا استمرت بدعمها للرئيس بشار الأسد.
وعلى رغم إعلان «أمير جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني في مقابلة مع قناة «الجزيرة» في شهر أيار الماضي، أن الجبهة لن تتخذ من سورية مفترضاً حسم المعركة فيها لمصلحة الجبهة ، منطلقاً لمحاربة خصومها خارج الحدود، فقد حرّض في المقابلة عينها القوى السياسية في لبنان على مشاركة من وصفهم بـ«الثوار» في إسقاط النظام في سورية الأسد، وحزب الله. فيما أكدت «أحرار الشام» أنه بعد انتهاء المعركة في سورية ستلاحق حزب الله في لبنان.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال شهر تموز الجاري ، جرت تحركات متكررة لمسلحي «الجيش الحر» و«أحرار الشام» و«النصرة» باتجاه عرسال والقاع ورأس بعلبك ومحاولة استهداف حواجز الجيش اللبناني، الذي تحتسبه ميليشيا «أحرار الشام» بحسب أحد قيادييه محمد جمعة «جزءاً من حزب الله وأن الميليشيا المذكورة ستتعامل مع وحدات الجيش أينما وجدت على هذا الأساس.
كل ذلك يجري وسط تخبط سياسي داخلي وتلويح باستقالة الحكومة، بالتالي دخول لبنان مرحلة جديدة من الفراغ على صعيد السلطة التنفيذية، وشل حركة الجيش إضافة إلى استمرار حملة «قوى 14 آذار» ضد حزب الله، ما يجعل البلد مكشوفاً أمام مخاطر أمنية لن تكون محصورة في المخيمات الفلسطينية، وأخطر ما فيها أنها تدار عن بعد لكن من يريد تنفيذها مكشوف!