إعلان دمشق: لإقرار خطة عمل مشتركة لنشر ثقافة الوعي وفضح التنظيمات الإرهابية وكشف مصادر تمويلها وتسليحها
رانية مشوح هيا عيسى عبد الله
أصدر المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب التكفيري «إعلان دمشق» في ختام أعماله، الذي أكد فيه أنّ الإرهاب التكفيري قد اتخذ أشكالاً تنظيمية عديدة تنضوي جميعها تحت فكر واحد وأسلوب مشترك وتمويل وتسليح معروف المصادر والغايات، ما استدعى ذلك إعلان المواجهة الشاملة ضدّ هذه الحركات الإرهابية التكفيرية.
ولفت الإعلان الذي أذاعه وزير الإعلام السوري عمران الزغبي إلى «ما يواجهه السلام والأمن الدوليان والحياة البشرية من خطر داهم يجب التصدي له بإدراج المنظمات الإرهابية كافة في لوائح الإرهاب على مستوى الدول والأمم المتحدة والتعريف بها واعتبارها عدواً مشتركاً لكلّ دول العالم وشعوبه وإصدار القرارات الدولية من اللجان المختصة في مجلس الأمن والتي تلزم جميع الدول بالتصدي للإرهاب».
ودعا إلى «بدء عمل إقليمي ودولي منظم، بالتعاون والتنسيق بين جميع الدول سياسياً وأمنياً وعسكرياً، لمواجهة التنظيمات الإرهابية وإدانة أي دولة تقدم أي مساعدة عسكرية أو أمنية أو مالية لهذه التنظيمات واعتبارها تمارس إرهاب دولة يستوجب مواجهته ومعاقبته». وشدّد إعلان دمشق على «ضرورة التصدي لظاهرة انتشار الفكر التكفيري وإقرار خطة عمل إعلامي مشتركة لنشر ثقافة الوعي لهذا الفكر التضليلي وتطوير التنسيق الإعلامي بين المؤسسات الإعلامية الوطنية الرسمية والخاصة في الدول التي تتصدى للإرهاب لفضح هذه التنظيمات وكشف مصادر تمويلها وتسليحها ودعم جهود الإعلام السوري الرسمي والخاص الذي يخوض هذه المواجهة منذ سنوات».
وكشف الإعلان عن «تشكيل لجنة متابعة لمقررات المؤتمر، تمهيداً لإطلاق تجمّع إعلامي دولي لمناهضة الإرهاب بكلّ أشكاله ومقره دمشق».
الإعلاميون وهواجسهم عن الإعلام والإرهاب
وعلى هامش الجلسة الختامية للمؤتمر، تحدث الإعلامي المصري عمرو ناصف لـ«البناء» قائلاً: «على الإعلاميين والسياسيين العرب الواعيين لخطر الإرهاب التكفيري أن يصلوا إلى تعريف قانوني واضح ومحدّد للإرهاب، وبالتالي تحديد خطاب إعلامي وسياسي يواجه ويطرح آليات جادة وفعالة للتوجه إلى المتلقي لتبصيره في مشاريع هذا الإرهاب والكفّ عن الطروحات النظرية أو العنترية في مواجهة هذا المخطط». وأضاف: «علينا أن نكمل النصف الثاني من المعادلة، فالنصف الأول: مواجهة الإرهاب بالأساليب العسكرية الأمنية، والنصف الثاني: مواجهته مواجهة عقلانية بالفكر والمنطق والحجة، وهذا دور الإعلامي والسياسي، فإذا نجحنا في صياغة هذا الفهم والتوجه، بالتأكيد يكون المؤتمر قد أتى ببعض ثماره».
وعن دور الإعلام المقاوم والشريف في صدّ الهجمة الإعلامية الشرسة المضادة، قال ناصف: «لا يمكن صدّ هذه الهجمة لسبب، فهناك حساب قدرات وحساب إمكانيات، فإمكانيات الطرف الآخر أكبر بمراحل وفرصهم أكُثر بكثير ونوافذهم الإعلامية أكثر منّا بمراحل وكذلك قدراتهم المادية، والدول الداعمة لهم أقوى من الدول التي في معسكرنا نحن. لذلك لا تؤخذ المسألة بهذا الميزان، فهناك طرف يعتمد على عدة وعتاد وقدرات وأموال ونفط و دعم غربي وصهيوني، وهناك طرف يمتلك الحجة والمنطق والوطن والحقّ والصراع. هكذا وعلى مرّ التاريخ في كلّ الصراعات، كانت هذه المعادلة، وما زال للإعلام المضلل تأثير خطير، فنحن لا ننظر إلى البيئة التي نعيش فيها أو محيطنا، إنما ننظر إلى الخريطة بأكملها، ومن واجبنا كإعلاميين ألا نفكر في المسألة كحرب، إنما أن نقول قناعاتنا فقضيتنا ليست التصدي لهم بأي شكل من الأشكال، وليس من مهماتنا أن نمسك كلّ ما يدعونه لكي ننتقده، قضيتنا أن نقول خطابنا الإعلامي والسياسي وأن نستقطب على أساسه ونخاطب عقول الناس على أساسه، لأننا في الحقيقة لو دخلنا معهم في صراع مباشر فلسنا بحجمهم. نحن لنا قناعاتنا وجبهاتنا حتى لو كانت متناهية الصغر ولكن كلّ تجارب الصراعات في التاريخ أثبتت أن لا القدرة المالية ولا العتادية ولا الكثرة العددية يمكن أن تحسم معركة، لكن كلما تمسّك الشخص بقضيته ودافع عنها بإخلاص يكسب في النهاية».
سلمان
وعبّر مدير الأخبار في التلفزيون السوري حبيب سلمان، من جهته، عن رؤيته للمؤتمر قائلاً: «الإعلام كان القناة الأساسية لانتشار الفكر التكفيري سواء من خلال الوسائل التقليدية كالإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، أو من خلال الإعلام الإلكتروني بتجنيد إرهابيين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقد كشفت وسائل الاستخبارات، وخصوصاً الأميركية، أنّ هذه الوسائل كانت الأساس في تجنيد أميركيين وانضمامهم إلى المنظمات الإرهابية كداعش، كما اعترفت الأمم المتحدة بتجنيد شبان من مئة دولة بالطريقة نفسها. وبالتالي فإنّ تنظيم هكذا مؤتمر في سورية من قبل وزارة الإعلام السورية أتى في وقت دقيق جداً وموفق جداً لأنّ الإعلام كان سلاحاً ذي حدين في موضوع الإرهاب، وعليه اليوم أن يتحول، وخصوصاً في دول باتت تعاني من الإرهاب، في الغرب والإقليم، بعد أن كانت الداعمة له، والتي بدأت تتلمس خطورة ما فعلت ووجدت أنّ المطلوب حالياً هو التحول إلى الاتجاه الآخر أي مكافحة الإرهاب بدلاً من المساهمة في انتشاره.
عبد النور
ورأى مدير إذاعة صوت الشعب موسى عبد النور، من ناحيته، أنّ انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت مهم جداً، لافتاً إلى «أنّ الإرهاب هو تكفير في كلّ المجالات، وليس في مجال محدّد فقط، وبالتالي مسؤولية الإعلام كبيرة في مواجهة هذا الخطر، وكما يعرف الجميع أهمية الإعلام في السنوات الأخيرة لم تكن فقط بصفته ناقلاً للخبر، بل أصبح يساهم في صنع السياسات وصنع الواقع وإمداد الرأي العام بكلّ شيء. لذا لا بدّ من وجود استراتيجيات، فإذا كان الإعلام الآخر ينفذ سياسات مرسومة منذ سنوات ويمهد لها فنحن الآن نتعامل بردة الفعل والمطلوب بعد هذا المؤتمر أن يكون هناك تنسيق بين وسائل الإعلام في هذا المحور من أجل الانتقال إلى استراتيجية واضحة، وليس أن نتعامل بردات الفعل ولا أن نتعامل بمواضيع آنية ظرفية».
وأضاف: «المهم أن ننطلق نحو المستقبل باستراتيجية واضحة مع تنسيق متكامل وهو فرصة لتكامل الأدوار بين الإعلام المقاوم من أجل التصدي أولاً لوسائل الإعلام الأخرى و ثانياً ليرسم سياسات، حتى لو بدأنا نقول إننا في بداية نهاية الحرب في سورية أو ما شابه ذلك، لكنّ المسؤوليات كبيرة بعد ذلك على صعيد بناء الإنسان وعلى صعيد بناء الشخصية العربية والشخصية المقاومة، فالكثير من المفاهيم يجب أن تتعزّز لكي لا يبقى الإعلام الرجعي والرأسمالي هو المسيطر على وسائل الإعلام العربية. الإحصائيات تقول إنّ أكثر من 80 في المئة من وسائل الإعلام العربية هي ملك للسعودية ودول الخليج، وبالتالي علينا أن نعمل على عدد من الجبهات. ومن الجهة الثانية علينا أن نعمل على الموضوع التقني كإطلاق أقمار صناعية خاصة كما طُرح بالأمس، وأيضاً وكالات أنباء خاصة لدول محور المقاومة تكون مصدِّرة للخبر وليس فقط مستوردة، ولا تتعامل بآنية وظرفية مع هذه الأحداث ونتمنى أن يكون التنسيق فاعلاً بعد المؤتمر، وخصوصاً بحضور أكثر من 130 شخصية من 16 دولة من خلال توصيات الإعلان الذي سيصدر وانبثاق لجان لمتابعة أعمال ونتائج هذا المؤتمر ونتمنى أن يكون بداية عمل حقيقي وتنسيقي بين وسائل الإعلام المقاوم لتتكامل الأدوار فيما بينهم.
كوسا
وأشار مدير الأخبار في إذاعة صوت الشباب حمدان كوسا إلى المشكلات التي تواجه الإعلام وآلية التعامل معها قائلاً: «اللغة الإعلامية موجودة للارتقاء بالخطاب الإعلامي لكنّ مشكلتنا تقنية التصوير، الغرافيك، الإخراج وهي مشكلات تكمن في كيفية إظهار الصورة أو الحدث لأنّ النصوص المكتوبة وحدها تمتاز بالقوة، فالصحافيون والمحررون السوريون رائعون وقد بذلوا جهوداً جبارة خلال سنوات الحرب ولولاهم لما صمدنا أمام آلة إعلامية مدعومة من كلّ دول العالم وبكلّ الوسائل المقروءة والمكتوبة والمسموعة والإلكترونية. إذاً نحن قادرون، أي الكلمة موجودة ولكن نحتاج إلى تقنيات حديثة تُمّكن هذا الإعلام من الوصول، إضافة إلى نواجه قراراً سياسياً وهو حجب القنوات السورية عن الأقمار الاصطناعية وعدم الوصول إلى أوروبا و أميركا وعدم وجود قنوات بلغات مختلفة، وهذا المؤتمر يضع لبنة أو يبدأ المشوار لنصل بشكل أو بآخر إلى إعلام قادر وعلينا إعطاء الفرص لمن لم يصل حتى الآن فهذه آلية من آليات الانطلاق وإذا لاحظنا فإنّ مشكلاتنا في الإعلام السوري هي في التفاصيل كالمادية والفساد والمحسوبيات، فعندما يتم الاختيار، على أساس الكفاءة، نكون قد بدأنا مشوار الألف ميل الإعلامي.
زغبور
وتحدث الإعلامي السوري نضال زغبور قائلاً: «منذ بداية الحرب على سورية تعمل وسائل الإعلام على إشعال الحرائق العربية التي أطلق عليها مسمى الربيع العربي، الإعلام دوره أساسي لأنّ الحرب هي حرب كلمة أكثر منها حرب عسكرية بالمدافع والدبابات».
وأضاف: «المؤتمر في حدّ ذاته هو نقطة بداية لشيء أسّس قبل مدة من الزمن، قد يظن البعض أننا تأخرنا ولكنّ المهم أنّ البعض قد أدرك أنّ الإعلام أساسي ودوره كبير جداً في محاولة لإعادة الإعلام العربي إلى جادة الصواب. فعندما يأتي الإعلام العربي ويشير إلى العروبة والوطنية والتضامن على أنها تهمة وخيانة ويقلب الموازين ويصور الخائن والمنحرف على أنه شخص وطني، فعلينا كإعلام حقيقي إعادة البوصلة إلى صوابها، والمؤتمر هو محاولة، إلى حدّ ما، لكن كم ستوفق لا نعرف».
وتابع: «لقد استطاع إعلامنا الوطني أن يصدّ هذه الهجمات الإعلامية الشرسة إلى حدّ ما لكنه لم يصبح نجماً بعد، فهناك محاربة للفضائيات الوطنية وحصار وغالبية وكالات الأنباء والفضائيات في العالم مملوكة من قبل الصهاينة والسعودية».
محمود
وعن رأيه بالمؤتمر ودور الإعلام، وخصوصاً الإعلام الحربي في المواجهة، قال الإعلامي عصام محمود: «سورية اليوم في ظلّ هذه الحرب الكبيرة قادرة أن تقيم مؤتمراً دولياً بهذا الحجم، وهذا دليل على عافية سورية وعلى أنها أقوى من كلّ الإرهاب، فنحن بهذا المؤتمر نؤكد على الإعلام الصادق والصحيح الممثل للحقّ والجمال والخير السوري لنتمكن من مواجهة هذا الفكر الإرهابي ويجب أن نرفع القبعات لهذا المؤتمر الذي شكل فرصة لكلّ المشاركين لكي يروا أنّ سورية قوية ومتعافية، فالإعلام مثل أي مؤسسة في سورية قبل الحرب كان يعاني من الفساد والمحسوبيات لكنه تعرض لعدد من الصفعات الغادرة في أول الحرب فأصبحنا نرى فضائيات كانت معنا أصبحت ضدّنا فجأة، لكنّ الإعلام السوري استطاع التغلب على الموقف ولم يبق في بوتقة ردّ الفعل التي بقينا فترة نعمل على أساسها لكننا اليوم وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها نصنع الحدث وهذا شيء جيد».
وأضاف: «رأينا الشعب السوري بنسبة كبيرة منه قد حذف الفضائيات التي أثبتت له بالدليل القاطع أنها كاذبة.
نحن قادرون أن نصل إلى جمهورنا وأن نتخطى الواقع، مشكلتنا الحقيقية في أي مؤسسة إعلامية هي الحصار الاقتصادي لكننا تغلبنا عليها نوعاً بقوة الكادر البشري من إعلاميين وصحافيين شباباً أثبتوا قدرتهم على التأقلم مع أي ظرف قد نواجهه».
وتابع: «لم ندرس في كلية الإعلام أي شيء عن الإعلام الحربي ولم تكن لدينا خبرة بتاتاً في هذا المجال لكن عندما يتعرض الوطن لأي خطر لدينا القدرة على التأقلم والتعايش مع أي ظرف جديد، فقد علمنا أنفسنا وبإمكانياتنا المتواضعة، نتيجة الإصابات والحصار والصفعات التي تلقيناها والخوف والخطر ونحن اليوم نعطي مما تعلمناه للجيل الجديد الذي نكبر به، ومن المفروض أن يكون الإعلام السوري كله إعلاماً حربياً، ليس فقط من يخرج مع الجيش على أرض الميدان ونحن دائماً نسعى لأن يتواجد في سورية مديرية أو مؤسسة تحت مسمى الإعلام الحربي تكون تابعة لوزارة الإعلام و هذه مقترحاتنا في كلّ المؤتمرات واللقاءات لتوحيد الخبر الميداني وتوحيد اللقطات، فالصورة والكلمة أثبتتا في الحرب على سورية أنّ تأثيرهما أقوى من وقع الرصاص وأكثر من 90 في المئة مما تتعرض له سورية حرب إعلامية، وللأسف هناك مدن سقطت بالإعلام في سورية وفي التاريخ الحديث والقديم، ولكن اليوم أعتقد أننا لا نزال قادرين على اتخاذ خطوات في سورية وهذا المؤتمر خير دليل على ذلك».