الشعب حسم أن لا معارضة ـ كيري يستكشف حجم الائتلاف ـ تواقيع الوزراء لعدم ردّ المراسيم من المجلس
ناصر قنديل
المنصفون سيقولون كلمة الحق بما شهدته سورية، فالخطر داهم على كلّ مقترع من تهديد التفجيرات والانتحاريين والقذائف التي لم تغب عن أي منطقة من سورية، لكن كلّ ذلك لم يضعف عزيمة السوريين ولا قرارهم، فكانوا طوفاناً بشرياً مفاجئاً يقول ما لا يمكن لأحد تجاهل رسالته، فالسوريون من موالين ومعارضين قد كسروا حاجز الخوف ولم يعد تفسير الانحيازات بالخوف والخطر والتهديد مقنعاً لأحد، ولا الحديث عن المصالح والإغراءات وتأمين النقل وسواها من التفسيرات الذرائعية الركيكة، فحيث يكون الناس يكون قرار شعبي لا يجادل، هذه هي الحقيقة التي لا يمكن الجدال فيها، وما شهدته سورية في يوم الانتخابات الرئاسية داخل سورية كما خارجها، يكشف ببساطة وبصراحة أنّ غالبية سورية كاسحة تقف أو باتت تقف مع خط الدولة وراء الجيش وخلف الرئيس بشار الأسد، وأنّ المعارضة بتلاوينها المختلفة تختبئ وراء وزن دولي وإقليمي سياسياً وقدرة «القاعدة» عسكرياً، لكنها على المستوى الشعبي لا تملك لا داخل ولا خارج سورية، ما يسمح بالحديث عنها كظاهرة شعبية، وإلا لكانت تجرّأت ونظمت لتحدّي الاستحقاق الرئاسي بتجمّعات مناوئة في كلّ العواصم الخارجية والمناطق السورية، ولكانت طلبت من الدول التي منعت الانتخابات في السفارات السورية بالتراجع عن قرارها، والسماح بتجمّعات معارضة مقابل السماح بإجراء الانتخابات، وعقد المقارنة بين الكتل المشاركة هنا وهناك، ولعلّ لبنان مثال يكفي وما جرى أمس أكثر من كاف.
الارتباك الأميركي من المشهد الانتخابي يعبّر عنه ما أعلنه الرئيس الأميركي من أنّ الانتخابات السورية عار من جهة، وما أعلن من جهة أخرى عن زيارة مفاجئة لوزير الخارجية الأميركي إلى بيروت، لم يعرف هدفها ولا جدول أعمالها، الذي مهما كان فلن يغيّر من حقيقة ساذجة، وهي أنّ في الزيارة مساحة مخصّصة للتشاور حول ما جرى ومحاولة تكوين صورة حقيقية لحجم التأييد للرئيس بشار الأسد شعبياً، وما إذا كان لا يزال ممكناً الحديث عن جسم شعبي للائتلاف المعارض يعبّر عنه حجم تواجده بين النازحين في لبنان والأردن وتركيا، ولا قيمة لأيّ معيار آخر طالما أنه أثبت أن وجوده العسكري في داخل سورية هو مجرّد واجهة لتشكيلات «القاعدة».
توصلت الحكومة اللبنانية إلى تقاسم صلاحيات رئيس الجمهورية في ما يخصّ حق التوقيع، وهو حق يناله رئيس الحكومة إلى جانب رئيس الجمهورية في كلّ التواقيع، فلم يكن ثمة حاجة للتأكيد على حقه بالتوقيع، بل كان الإصرار على هذا التوقيع لجعله مزدوجاً تكريساً لتولي رئيس الحكومة المكانة المعنوية لرئيس الجمهورية، فيضيف توقيعه إلى توقيعه مرة ثانية، كما فعل الرئيس فؤاد السنيورة بحكومته البتراء التي استولت على صلاحيات رئيس الجمهورية بعد نهاية ولاية الرئيس إميل لحّود، ما استدعى رفض الرئيس نبيه بري استقبال كلّ ما كان من ضمنها بصيغة مشاريع قوانين مرسلة للمجلس، بصفتها مراسيم غير شرعية، واستدراك التوقيع هذه المرة بإضافة تواقيع الوزراء لتوقيع رئيس الحكومة، خصوصاً ما يحتاج إقراره إلى ثلثي مجلس الوزراء.