قالت له
قالت له: ما بيننا تدمّره ذكورتك الشرقية. فازدواج المعايير الذي تثقل أذنيّ به عن تصرّف الدول الكبرى مع بلادنا من خلاله، مشكلتك أنت. ومشكلتك أنّك تراها في تقييمك كلّ شيء، وتنساه في نفسك. فأنتم الرجال حتى عندما تحبّون وتخلصون في الحبّ، تحلّلون لأنفسكم ما تحرّمونه علينا نحن معشر النساء. فإكرامك صديقاتي تعبير عن حبّك لي. وإكرامي أصدقاءك تصرّف شائن يقبل التأويل الخاطئ منهم لأنني أنثى، حتى ما يعتبر في اللياقات واجبات المرأة كسكب الطعام لضيف في صحنه تؤاخذني عليه. وسكبك مثله في صحن سيدة تعبير عن رقيّ. وخروجك مع زميلة إلى مطعم واجب مهنيّ لا يجوز تأويله. وإن تلقيت هاتفاً خارج دوام العمل من زميل ولو ليطلب الحلول مكانه لمرض أمّ أو أب أو زوجة، علامة خصوصية يجب التوسّع في تفسيرها.
فقال لها: أنت تخلطين بين ما أطلبه منك فهماً لعقليات الغير، وما تريدين تصويره قناعاتي. فأنا لا يضيرني في داخلي كل ما مررتِ عليه، إنما أخشى سوء فهم الغير. والغير من تسكبين في صحنه أو من يشاركنا الطاولة أو من يرانا في المطعم. والغير من يتّصل. وأن نقتنع بالعدالة بالمقاييس لا يعني أن ننسى إننا نطبق قناعاتنا في مجتمع ينكرها ويتعامل بازدواج المعايير بين الرجل والمرأة. فقالت له: وإن طلبت منك يوماً أن تدعني أتصرّف مكانك، وأن تأخذ مكاني لتجرّب مرارة الشعور بالمذلّة والمهانة والجرح من الازدواج؟
فقال لها: ربما أتحمّل يوماً واحداً وأنفجر!
فقالت له: إذن، تعال إلى التساوي في الامتناع لا أميز أصدقاءك ولا تميّز صديقاتي. ولا أتلقى اتصالات زملائي ولا تخرج مع زميلاتك. وهكذا نطبّق العدل ونُسقِط ازدواج المعايير، ولا نتحدّى قيم المجتمع.
فقال: سأحاول أن أكون أكثر تسامحاً معك. ربما يكون أسهل.
فتبسّمت وقالت: كنت أعلم أنّ الحصول على التنفّس مع رجل شرقيّ ولو كان محبّاً، يستدعي شعوره بالقلق على امتيازات ذكوريته.