في حديث حمص حكاية عن ديك الجنّ الحمصي
ديك الجنّ الحمصي من الشعراء المشهورين في التاريخ العربي، وإن اشتهر، فبسبب حياته الشخصية أكثر من شعره.
قصة حبّه لفتاة جميلة اسمها «ورد» وزواجه منها ثم قتله لها مع خادمه بعدما شكّ بخيانتها، وندمه في النهاية بعدما ثبتت براءتهما.
وقصة تعرّفه إلى «ورد» لطيفة للغاية، إذ كان للشعر دور كبير في زواجهما. كان ديك الجنّ مع ابن عمه عندما رأيا مجموعة من البنات تتوسطهن «ورد»، فأعجب بها على الفور، ولاحقها في مسيرها وراقبها بالخفاء، فلمّا أحست به انزعجت كثيراً. حاول أن يبرّر لها أنه لاحقها لأنه عطشان، ويريد أن يطلب بعض الماء من البنات، إلا أنها أفحمته بقولها أن نهر العاصي قريب جدّاً، وأنه في الحقيقة لا ينوي إلا التعرّض لهنّ.
خفّ ابن عمه لإنقاذه فذكر لها أنه ديك الجنّ الشاعر الحمصيّ المشهور، إلا أنها أبت تصديقه وقالت له: «وهل يتعرّض ديك الجنّ للبنات؟».
أعاد التأكيد أنه ديك الجنّ الحمصي، فاشترطت عليه أن ينظم لها أبياتاً شعرية للتوّ واللحظة، فقال مباشرة:
قولي لطيفك ينثني
عن مهجعي وقت الوسن
كيف أستريح وتنطفي
نار تؤجّج في البدن
دنف تقلّبه الأكفّ
على فراش من شجن
أما أنا فكما علمت
فهل لوصلك من ثمن؟
قالت «ورد»: هذه أبيات جميلة، ولكن من يُثبت أنك ناظمها ولست ناقلها؟
فقال لها: سأغيّر القوافي من دون التأثير على الشعر، فقال ثانية:
قولي لطيفك ينثني
عن مهجعي وقت المنام
كيف أستريح وتنطفي
نار تؤجّج في العظام
دنف تقلّبه الأكفّ
على فراش من سقام
أما أنا فكما علمت
فهل لوصلك من دوام؟
قالت «ورد»: كلّ الشعراء يستطيعون تغيير القوافي مرّة واحدة، هل تستطيع تغييرها مرّة ثانية؟
فقال للمرّة الثالثة:
قولي لطيفك ينثني
عن مهجعي وقت الرقاد
كيف أستريح وتنطفي
نار تؤجّج في الفؤاد
دنف تقلّبه الأكفّ
على فراش من قتاد
أما أنا فكما علمت
فهل لوصلك من معاد؟
ثمّ غيّر لها القوافي مرّة رابعة زيادة في التأكيد:
قولي لطيفك ينثني
عن مهجعي وقت الهجوع
كيف أستريح وتنطفي
نار تؤجّج في الضلوع
دنف تقلّبه الأكفّ
على فراش من دموع
أما أنا فكما علمت
فهل لوصلك من رجوع؟
هنا، صدّقت «ورد» أنه ديك الجنّ الحمصي، وبادلته الحبّ وتزوّجته!