«لا قديسون ولا ملائكة» رواية تشيكيّة بالعربيّة عن براغ ما بعد ستالين

براغ بعد ستالين والحياة والموت والفاشية والنازية والفساد، مواضيع عالجها إيفان كليما في روايته «لا قديسون ولا ملائكة»، الصادرة في ترجمتها العربية، لإيمان حرزالله، عن دار «التنوير» عام 2013.

تتناسل المآسي في رواية «لا قديسون ولا ملائكة» إذ تبدو أقرب ما تكون إلى مشاهد متتالية من الإخفاقات. تستسلم الشخوص إلى مصائرها، وتنتظر حتفها، وهي في معظمها عاجزة عن اتّخاذ قرار يبدّل نهايتها، فتنساق بلا هدف، لتروي مأساة الدّيكتاتورية التي انسحبت على مختلف فئات المجتمع الروسي.

كريستيانا امرأة في الخامسة والأربعين من العمر، نشأت في كنف والد طاغية مارس ديكتاتوريته مع عائلته بأبشع صورها، وكان لتربيته القائمة على القمع والإرهاب دور في تشكيل شخصيّة ابنته الصارمة، الناقمة على المجتمع، والتي فقدت شهيّتها في الحياة. ويظهر السرد فتور العلاقة بين الوالد وابنته التي انتقمت منه بأعمال كيدية، كرد فعل على صرامة والدها الستاليني النهج، فغرقت في العلاقات مع الشبّان والتردّد إلى علب الليل.

وتمتدّ مأساتها إلى ما بعد زواجها، وتخفق في عيش حياتها حرة، فإذا بها تُجبَر على الخضوع لزوجها الذي يخونها وتنتهي علاقتهما بالانفصال. لكن المأساة تتجلى في عجزها عن الخلاص من شبح الذلّ لوالدها ولزوجها، فتكمل حياتها مكبّلة بتأنيب الضمير، والإحساس بالذنب. ترى كريستيانا الحياة بمنظار سوداوي، إذ عقد الاكتئاب خيوطه حولها بإحكام، فكرهت الرجال بلا استثناء، نتيجة نموذجين خبرتهما جيّداً هما والدها وزوجها. فإذا بها تؤنّب نفسها باستمرار، وتنفي إمكان وجود «رجال رقيقين في الواقع».

لا تتمتّع شخوص الرواية بالقوّة، فأقدارها تلاحقها، ولم تستطع أن تتحرّر من الديكتاتورية. تحلم بحياة طبيعية، لكنّها تجد نفسها غارقة من جديد في مستنقع الستالينية ووثائقها واستخباراتها.

تعجز الشخوص، التي تنتمي إلى جيل المخضرمين عن التخلّص من الحقبة السابقة، فإذا بها تمزج بين ما يحصل معها وسيرة الجيل الستاليني الذي توزّع بين الضحية والجلاد. ورغم هذا التداخل في السرد، إلاّ أن الهوة تبدو شاسعة بين الآباء والأبناء. كما تجسّد الرواية انهيار العلاقات الأسرية، وتقدّم نماذج متعارضة من الأنظمة الاجتماعية. إلا أنّ الجامع بينها يبقى هو الخضوع إلى سلطة الأهل كريسيتانا- والدها والدتها/ جان ميساك ووالدته .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى